فرعية طرابلس: دعم الحريري لا يناقض المطالبة بالحقوق

احمد الايوبي
تقترب أيام الحسم في إستحقاق فرعية طرابلس وسط إرتفاع الضجيج الإنتخابي المتصاعد في عاصمة الشمال. ومع وضع اللمسات الأخيرة على المسرح السياسي، تصبح الرؤية أكثر وضوحاً بعد الغموض والتساؤلات حول مسار هذا الإستحقاق. من هنا يمكن تقديم قراءة للمشهد السياسي والإنتخابي مقرونة بالموقف الذي نراه الأنسب في هذه المرحلة.

• إعتبارات التأييد للمستقبل

ــ تدعيم أجواء المصالحة:
لا بدّ من ملاقاة أجواء المصالحة السائدة في البيت السنـّي والتي شملت التفاهم مع الرئيس نجيب ميقاتي واللقاء والتعاون مع الوزير أشرف ريفي برعاية الرئيس فؤاد السنيورة، بمواكبة كريمة من سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، بإعتبار هذه الخطوات هي التمهيد المنتظر لإستعادة الوحدة والتضامن الإسلامي.

اقرأ أيضاً: ما هي الحصّة الفعلية لطرابلس من أموال مؤتمر «سيدر»؟

ــ دعم الحريري لا يناقض المطالبة بالحقوق
تحتاج طرابلس إلى رعاية طارئة تستوجب من الرئيس الحريري والقيادات السنية التحرّك السريع لإنعاشها إقتصادياً وإجتماعياً لتستعيد دورها الوطني الجامع، وهنا ندعو إلى عقد جلسة سريعة للحكومة في عاصمة الشمال وإتخاذ القرارات اللازمة لتفعيل مؤسساتها ومرافقها المجمدة والمعطلة، لإحداث خرقٍ في جدار الجمود الذي يهدّد إقتصاد المدينة ومستقبلها، فلا تناقض بين دعم الرئيس الحريري وبين رفع الصوت بالمطالب المحقة.

• مساعي “حزب الله” للإخترق

أحجمت قوى الثامن آذار و”حزب الله” تحديداً، عن المشاركة في الإنتخابات الفرعية بعد سقوط رهانهم على شرذمة الصف ووقف التصادم السياسي بين القيادات السنية وليس “كرماً في أخلاقهم”، لكنهم سيعملون على تفخيخ هذا الإستحقاق من خلال تجيير ماكيناتهم الكامنة لصالح بعض أو أحد المرشحين الدائرين في فلكهم ، لتظهير خروج شريحة من أبناء المدينة على دعم الرئيس الحريري في هذه الإنتخابات.

• خواء الترشيحات المضادة لجمالي

تكشف خريطة المرشحين المنافسين للدكتورة جمالي حالة الخواء السياسي وحالة الترشيح الإستعراضي والإفتقاد إلى البرنامج والرؤية، وطغيان الحالة الفردية، مما يجعل هذه الترشيحات غير ذات جدوى ولا تحمل مشروعاً يمكن التعويل عليه أو العمل له إنتخابياً.
فالنائب السابق مصباح الأحدب إستهلك نفسه في الإستحقاقات السابقة، ورغم تمتعه بخطاب جيد في مسائل الحقوق والحريات، إلا أنه خلال نيابته وبعد خروجه منها، لم يستطع تقديم إنجازات تشريعية أو تنموية تذكر، ولو على مستوى محدود.
أما بقية المرشحين، فإن خطابهم مبني على تحفيز الناس ضد الأزمات القائمة، وعلى الإعتراض لمجرد الإعتراض، وهذا سلوك لا يسمن ولا يغني من جوعٍ في العمل السياسي، كما أنه بعيدٌ عن الواقع، ولا يعدو كونه فرصة للدعاية الشخصية لا أكثر.

وبات واضحاً أن المرشح يحيى مولود سيكون موضع تأييد قوى 8 آذار، عبر تحريض الكتل العلوية ضد الرئيس سعد الحريري ، وعبر دفع الكتل التي يتحكم بها “حزب الله” للتصويت لصالحه. فترشيحه ولد مدموغاً بالإشكالات والشبهات ، وخاصة شراكته مع صاحب قناة الجديد تحسين خياط ، وما ترافق مع هذه الشراكة من إتهامات وصفقات في قطاع الكهرباء.
هذا فضلاً عن أن التوجه السياسي لمولود لا يختلف كثيراً عن توجهات النائب فيصل كرامي من حيث تماهي خطابه مع مضمون خطاب قوى 8 آذار، مع إضافة تأييده للزواج المدني وما يتفرع عنه من تبعات. وقد كشفت متابعة آرائه عبر وسائل التواصل الإجتماعي أنه صاحب توجهات وشطحات تستهزء بالدين وتعادي الإلتزام الديني، وهذا معاكسٌ بشكلٍ كامل لهوية طرابلس وأهلها..

يحيى مولود في الخلاصة:
ــ صاحب شبهات في صفقات مع أطرافٍ في السلطة ضمن قطاع الكهرباء، وبالتالي فإن طروحاته كمعارضٍ للسلطة واهية، وشعاراته حول التنمية تفتقد للمصداقية.
ــ هوية مولود مناقضة لهوية أهل طرابلس الحضارية.
ــ أن ما يطرحه في قضايا التنمية كلامٌ عام ومشوبٌ بالشبهات.

في المقابل، إمتلكت الدكتورة ديما جمالي شجاعة الإعتذار عن خطأ تبنيها لطروحات مثل الزواج المدني وبعض القوانين التي تخالف وتناقض الأحوال الشخصية للمسلمين وأوضحت موقفها هذا لعلماء المدينة خلال زياراتها لهم.
أما في مجال التنمية، فإن ما قدمته جمالي واعدٌ وجاد ويمكن البناء عليه، نظراً لإختصاصها وتجربتها ولأنها جزء من كتلة رئيس الحكومة.

• نظرة واقعية

علينا الإعتراف بوجود شرائح كبيرة وواسعة متضرّرة من المسار السياسي والتنموي لنواب طرابلس عموماً. وصحيح أن ما يناهز التسعة أشهر ضاعت قبل تشكيل حكومة الرئيس الحريري ، إلا أن طرابلس تحتاج تحرّكاً طارئاً وإستثنائياً لإنعاش قلبها الذي يكاد يتوقف عن النبض ، ولا بدّ من البدء بخطواتٍ عملية ممكنة ، وخاصة تعديل قانون معرض رشيد كرامي الدولي والمباشرة بترميم منشآته ، فضلاً إغاثة القطاع التجاري والمسارعة إلى تنظيم شؤون المدينة وتحرير مجلسها البلدي من التعطيل المتواصل ، والمسارعة إلى الإنتهاء من مشروع الإرث الثقافي في الأحياء التاريخية..
لقد نظم تيار المستقبل سلسلة مؤتمرات وورش عمل حول إحتياجات وأولويات طرابلس، ولسنا بحاجة إلى دراسات أو مؤتمرات إضافية، بل نحتاج إلى مباشرة تنفيذ المتطلبات الضرورية التي يمكن إنجازها بقرار.

اقرأ أيضاً: الإنتخابات الفرعية في طرابلس: ديما جمالي مجرد واجهة هشّة!

• إنتخاب جمالي والتحضير للرقابة

لاحظنا أن الحملة المضادة للدكتورة جمالي ركزت على بعض الهفوات التي وقعت فيها بسبب عفويتها وتعبيرها التلقائي في بعض القضايا، من دون أن تحمل هذه الحملة أي عمقٍ، بإستثناء الإستهداف الشخصي المقرون بما يمكن إعتباره “عبثاً” من هؤلاء على وسائل التواصل، بينما ألأسئلة الجدية حول السياسات والرؤية التنموية بقيت غائبة خلف غبار الضجيج المفتعل.

إننا إذْ ندعو إلى إنتخاب الدكتورة ديما جمالي وتأييد خيار الرئيس سعد الحريري، نعتبر أن السعي الجديّ للعمل للمدينة يكون من خلال تكوين مجموعة عمل متخصصة تتولى الرقابة على العمل النيابي في المدينة وتضع النقاط على الحروف بشكلٍ موضوعي وتضغط لوقف التقصير ولتحقيق وتشجيع الإنجازات.

(أمين عام التحالف المدني الإسلامي)

السابق
الأحدب للناخبين: إما التنازل عن حقوقكم وإما قلب الطاولة على هؤلاء الفاسدين
التالي
القاضي صوان أصدر ستة قرارات اتهامية بجرائم إرهابية