ما هي الحصّة الفعلية لطرابلس من أموال مؤتمر «سيدر»؟

غامرتُ وقمتُ بمراجعة متواضعة لبرنامج الاستثمار المالي المتعلق بمؤتمر "سيدر" وما تضمنه من لائحةٍ بالمشاريع المقدمة من الجانب اللبناني الى الدول المُقرِضة، والتي ستنفذ على عدة مراحل ، وفي عدة قطاعات وهذا ما خلصت إليه في شأن ما رصد للعاصمة الثانية طرابلس:

اطلعت على المشاريع المتصلة بالبنية التحتية والمواصلات والطرق والاتصالات والسدود المائية وشبكات المياه والريّ وتمديدات الصرف الصحي والنفايات والمحطات الكهربائيه والإرث الثقافي والمرافىء والمناطق الاقتصادية.

وقد تبين ان مجموع الاموال المطلوبة للقيام بهذه المشاريع، هو 22 مليار و77 مليون دولار، توزعت على عدة قطاعات وحقول، في كل المناطق اللبنانية، ومن المنوي أن يتم تنفيذها على ثلاث مراحل قد تمتد لعشرات السنين، لأنه لم يتم تحديد برنامج زمني دقيق لتنفيذ هذه المشاريع.

وقد بلغت حصة طرابلس من هذه الأموال: 240 مليون دولار فقط لا غير ، توزعت على الشكل التالي:
1 – شبكات مياه: 30 مليون دولار (في المرحلة الاولى) 11 مليون دولار (في المرحلة الثانيه) 22 مليون دولار (في المرحلة الثالثة). أي ان المجموع هو 63 مليون دولار من المفترض ان تنفق على ثلاث مراحل.
2 – المنطقه الاقتصادية: 25 مليون دولار (المرحلة الثانية).

اقرأ أيضاً: شيعة بلاد جبيل وكسروان والعمل الحزبي

3 – سكة قطار تمتد من طرابلس الى الحدود السورية: 90 مليون دولار (في المرحلة الثانية) وحصة طرابلس منها نحو 2 مليون دولار فقط.
4 – تأهيل مرفأ طرابلس: 150 مليون دولار (في المرحلة الثالثة التي من غير المعروف موعدها، أو إن كانت ستحصل أم لا)
ويلاحظ أن هناك مبلغ 3 مليار و 592 مليون دولار، مخصص لقطاع الكهرباء، ومبلغ مليار و400 مليون دولار مخصص لمعالجة النفايات (المحارق)، بالاضافة الى مبلغ 700 مليون دولار مخصص لقطاع الاتصالات، ومبلغ 264 مليون دولار، مخصص للقطاع السياحي والثقافي والأثري. وقد إعتبرت هذه المشاريع مشتركة بين كل المناطق، لذلك لم يتم تحديد كيفية صرفها أو ذِكر طريقة توزيعها بدقة على المناطق، ربما بانتظار توزيع الحصص بين زعماء الطوائف. وبالتالي ليس معروفاً ما إذا كان لطرابلس حصة منها.
(قرأتُ بالامس ان طرابلس قد خُصصت بمحرقة للنفايات من بين 3 محارق!).

أما ما يلفت النظر، فهو أن هناك مشاريع مخصصة لمناطق معينة، تجاوزت كلفة المشروع الواحد منها، حصة طرابلس بأكملها، مثلاً:
– محطة كهرباء في سلعاتا (البترون) رُصد لها بمفردها، مبلغ 500 مليون دولار.
– طريق سريع نهر ابراهيم – الضبية: 577 مليون دولار.
– طريق الباصات السريعة في بيروت الكبرى: 500 مليون دولار.
– طريق يربط صيدا بصور: 450 مليون دولار.
– سدّ الخردلي: 435 مليون دولار.
والكل بات يعرف ان المبالغ المطلوبة (أي الديون) من الجانب اللبناني لتنفيذ هذه المشاريع، قد تم تخفيضها الى النصف، أي من 22.7 مليار دولار ، الى 11 مليار دولار، ما يعني ان حصة طرابلس قد تم تخفيضها أيضاً. فما الذي تبقى لطرابلس من قروض “سيدر“؟! وهل اصبحت حصة طرابلس 120 مليون دولار، بدلاً من 240 مليون دولار؟!
الواقع، أنه في حسبة بسيطة، يظهر ان حصة طرابلس الفعلية من قروض الـ11 مليار، في المرحلة الأولى من برنامج التنفيذ المقسم الى 3 مراحل، سوف تبلغ نحو 30 مليون دولار، وهي مخصصه لمدّ شبكات المياه، لأن المرحلتين الثانية والثالثة هما في علم الغيب، وليس هناك ما يؤكد أن الدولة اللبنانية ستحصل على المزيد من القروض لتنفيذ هاتين المرحلتين.

اقرأ أيضاً: صواريخ إيرانية وغضب أميركي والحريري خائف من السيناريو اليوناني

وحتى في حال حصلت الاصلاحات المطلوبة من المقرضين، وتسلمت الدولة اللبنانية مبلغ الـ11 مليار، فليس هناك ما يؤكد أن فُتات الأموال التي هي من حصة طرابلس، لن تذهب أغلبها الى جيوب السماسرة والمتعهدين!

وأخيراً ، قد تكون الأرقام الواردة في هذه الأسطر، قابلة للنقاش والتمحيص، ولكنّ ما ليس قابلاً للنقاش، هو ان طرابلس قد نُكبت في الماضي، وهي منكوبة حالياً، وستظل منكوبةً في المستقبل. لماذا؟! لأن الأرقام في صناديق الإقتراع، لا تصنع مرجعيات أخلاقية مسؤولة أمام المواطنين، بل تصنع تجاراً وسماسرة وظُلّاماً وبائعي أوهام.

السابق
“الخزانة الأميركية” تفرض عقوبات على لبناني وشركته بتهمة نقل أموال مخدرات لحزب الله  
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الجمعة في 12 نيسان 2019