«الحرس الثوري» على لائحة الإرهاب عشية «عقوبات أيار».. كيف سترد إيران؟

الحرس الثوري الايراني
استراتيجية الضغط القصوى التي تعتمدها واشنطن ضد طهران، تأتي أكلها كما يروّج الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأعضاء ادارته، فثمة اقتناع لدى الإدارة الأميركية أن العقوبات المتصاعدة على ايران تحقق نتائج لجهة التضييق على الاقتصاد الإيراني، والحدّ من قدرات النظام المالية. فكيف سترد ايران؟

ليس خافياً أن حزمة من العقوبات أبرزها منع شراء النفط من إيران، المقرر تطبيقه في الثالث من الشهر المقبل، سوف تشكل الخطوة الأخطر في العلاقة الأميركية-الإيرانية، بحيث يمكن اعتبار أن ادراج جزء من دولة إيران أي الحرس الثوري على لائحة الإرهاب، هو أقل خطراً مما يمكن أن يحمله الشهر المقبل من أثار سلبية على إيران، التي ستمنع من خلال العقوبات من تصدير النفط بالكامل بشكل شرعي وقانوني. لا شك أن ايران لديها خبرة في الالتفاف على العقوبات، لكن ذلك سيكون مكلفاً لها وسيفرض عليها تخفيض سعر برميل النفط الى النصف، لجذب زبائن مستعدين للمغامرة بالشراء.

اقرأ أيضاً: قرى الجنوب والبقاع تحولت إلى منطقة عسكرية

وضع الحرس الثوري على لائحة الإرهاب الأميركية، ليس قراراً جديداً، فقد قامت وزارة الخزانة الأميركية في العام 2007 بتجريم التعامل مع الحرس الثوري، وكان الاتحاد الأوروبي حظر أي تعامل مع الحرس الثوري، وهذا يكشف أنّ القرار الأخير ليس الا حلقة أخيرة من سلسلة حلقات لمحاصرة هذه المنظمة، التي تسيطر على أكثر من خمسين في المئة من الاقتصاد الإيراني، وتتمتع بسطوة ونفوذ عاليين في تحديد وجهة القرار داخل ايران، لذا هي لا يمكن تصنيفها كمنظمة امنية عسكرية أيديولوجية فحسب، بل هي شبكة اخطبوطية من المصالح الاقتصادية والمالية المنطلقة من ايران ومتفرعة في اكثر من دولة عربية وغير عربية.

إزاء هذه المعطيات التي تنتج عن استراتيجية الضغط القصوى التي تعتمدها إدارة ترامب تجاه النظام الإيراني، لا بد من ملاحظة أن خطوة ادراج الحرس الثوري على لوائح الإرهاب الأميركية، سيحتاج إقرارها الى موافقة الكونغرس خلال هذا الأسبوع، ولكن من المستبعد أن يلقى هذا القرار اعتراضا في الكونغرس، فهو من القرارات التي تلقى تأييدا من العديد من نواب الحزب الديمقراطي، فضلا عن الحزب الجمهوري الذي يقف خلف الإدارة ورئيسها. وبالتالي فان السؤال الذي يطرح نفسه ما هي خيارات الرد الإيراني على القرار الأميركي:

اولاً، الخيار العسكري: لقد أعلن مجلس الأمن القومي الإيراني إثر صدور القرار الأميركي أمس، وضع القوات العسكرية الأميركية على لائحة الإرهاب الإيرانية، وهذا الرد الإيراني يظهر استعداد إيران لأي مواجهة عسكرية مع القوات الأميركية لاسيما في مياه الخليج، ولكن لا يقتصر الخيار العسكري في الحسابات الإيرانية على المواجهة المباشرة، وهي ليست واردة إذا ما نظرنا الى التجارب الماضية بين البلدين، فالقيادة الإيرانية تدرك أن المواجهة المباشرة ليست لصالحها عسكرياً، وهي اعتمدت وسائل غير تقليدية على هذا الصعيد، وكما أن واشنطن تتكىء على العقوبات لتطويق ايران وتطويعها، فمن المرجح أن تعمد طهران الى توجيه رسائل امنية وعسكرية من خلال عمليات امنية وعسكرية تتم بالواسطة، كتفجير مقرات عسكرية ودبلوماسية، أو قتل جنود اميركيين في سوريا وأفغانستان والعراق وحتى في مناطق أخرى في العالم، هذه العمليات هدفها الرد على قرار واشنطن، لكن من دون ان تترك طهران أي بصمات لها على هذه الاعمال. وثمة أسلوب نجح الحرس الثوري في اعتماده في مواجهة خصومه واعدائه، يتمثل بتفجير أزمات في مناطق نفوذ هؤلاء، كما جرى في اليمن أو في العراق قبل الخروج الأميركي، وحتى في أفغانستان وفي لبنان في عقد الثمانينات من القرن الماضي، وغيرها من الدول، والتي تتلخص بزعزعة الامن والاستقرار وخلق أزمات تربك واشنطن وحلفاءها، من دون أن يكون الدور الإيراني في ذلك ظاهراً للعيان.

اقرأ أيضاً: أمين المقاومة والشيطان الأكبر

ثانياً، الخيار الدبلوماسي او السياسي، وهو الخيار المستبعد حتى الآن، رغم أن واشنطن تعتبر أن العقوبات هي الوسيلة الفضلى من أجل إعادة ايران الى داخل حدودها، والسبيل الى فرض شروط أميركية على نفوذها الخارجي فضلا عن برنامجها النووي، الحرس الثوري لن يقوم بمواجهة مباشرة مع أميركا، ولكنه لن يقف مكتوف الايدي على ما يعتبره تهديدا لدوره ليس الخارجي فحسب، بل حتى على مستوى دوره في صناعة القرار الإيراني في الداخل، وطالما أن الانصياع للخيار الدبلوماسي أو الانكفاء مستبعد في حسابات الحرس مع واشنطن، لما لذلك من تداعيات على دوره ونفوذه داخل السلطة، فان الرد المتوقع من قبل الحرس، سيظهر في الساحات الإيرانية الداخلية، حيث سيعمد الى مزيد من ترسيخ سلطته في الداخل، عبر المزيد من تحجيم منافسيه، الذين طالما كانوا يراهنون على بناء علاقات جيدة مع الإدارة الأميركية، وعلى رأسهم الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف.

العقوبات على الحرس الثوري، لن تضيف الكثير وهي تمهد للفصل الجديد من العقوبات على ايران مطلع أيار (مايو) المقبل، وتأتي في مرحلة تبدو فيها ايران في وضع غير مريح بعد حروب شتى خاضتها ولاتزال في دول عربية عدة وفي ظل وضع مالي واقتصادي لا تحسد عليه، وهي بغنى عن التورط في حرب جديدة مع واشنطن في المدى القريب والمتوسط.

السابق
هذه تفاصيل «خطة الكهرباء»… والنتائج بعد 6 أشهر
التالي
ستريدا جعجع: إصرار نظام الاسد على التعمية في ملف المعتقلين والمفقودين يشكل تحدياً