كوبا….وثمن الممانعة الباهظ !

ما ان تحط الطائرة التي تقلك في مطار مدينة فاراديرو ” varadero” الكوبية حتى تدرك انك دخلت فعليا تحت سلطة واحد من آخر المعاقل الشيوعية الاشتراكية في العالم.

صورة كبيرة معلقة للرئيس الكوبي الراحل فيديل كاسترو ” الـpapa” كما يناديه الكوبيون، تستقبلك في باحة المطار الصغير والمتواضع بالامكانيات تذكرك بمطارات انظمة الممانعة والحزب الواحد حيث للصورة قدسيتها.

ضريبة معاداة اميركا تلحظها من اللحظة الاولى في غياب المكننة حيث ينتظر السواح الهاربون من الصقيع الكندي لأكثر من ساعة في” طابور” الجوازات لاتمام اجراءات الدخول الى الاراضي الكوبية.

في الباص الذي ينقلك الى المنتجع السياحي يحدثك الشاب الكوبي الثلاثيني عن المدينة التي وضعت تحت امرة السواح. كل ما في المدينة الساحلية يعيش من ” خيرات” السواح، لا حياة فيها دونهم. تُقسم المدينة الى قسمين حيث يحتل القسم الاكبر منها المنتجعات السياحية الفارهة بنظر الكوبيين ولكنها بالواقع ما زالت تفتقر الى العديد من الخدمات، كخدمة الانترنت او الواي فاي االسيئة التي تعتبر الى عالمنا المعاصر حاجة لا يمكن الاستغناء عنها للتواصل الخارجي.

اما القسم الثاني فلا يمكنك رصده الا عندما تقرر انت ان تقوم بجولة خارج منطقة المنتجعات. هناك ترى الحياة الكوبية البسيطة، وسائل النقل او السيارات القديمة هي السمة الابرز، سيارات تعود الى حقبة الخمسينات والستينات تحتل الشوارع المتواضعة التي لا وجود فيها لما يسمى بـ” زحمة السير”، فالكوبي الذي يمتلك سيارة دليل على انه “مرتاح” ماديا ومحظوظ ، اما الكثيرون ممن لا تسمح لهم الاحوال بأمتلاك سيارة فباصات النقل المشترك المتهالكة المحشورة بالركاب هي بأنتظارهم.

نعم في كوبا هناك تعليم مجاني وطبابة مجانية تقدمها الدولة الاشتراكية لمواطنيها ولكن ابرز ما يعاني منه مواطنيها افتقار اسواقهم الى بعض المواد الاساسية المهمة في الحياة اليومية، كمواد التنظيف والالبسة وغيرها بحيث انهم لا يجدون حرجا عندما يسالونك عن “البقشيش” tips” ، ان يطلبوا منك تلك الاشياء بدلا من الاموال.

اقرأ أيضا: المغتربون في كندا.. 1900 استمارة من اصل 90 الف لم تنجز بعد ؟!

ترتبط الثورة بنظر الكوبيين بشخصية قائدهم تشي غيفارا وزعيمهم الراحل فيديل كاسترو، يحدثنا المرشد السياحي الخمسيني عن مطامع الولايات المتحدة الاميركية بأرضهم كونها تعتبر صلة الوصل بين دول البحر الكاريبي،و يؤكد ” ان زعيمهم قام بالثورة من اجلهم ومن اجل ان تكون كوبا صاحبة القرار، وعليه هذا هو مصير من يعادي واشنطن”.

ويتابع ” لقد تفاءلنا في عهد ادارة الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما الذي اعاد فتح السفارة الاميركية في هافانا بعد خمسين عاما من الاغلاق غير ان دونالد ترامب مسح كل ذلك التفاؤل في شحطة قلم”.

ورغم ذلك فإن الثورة ما زالت تحتل في ذاكرة الجيل الكوبي الهرم مساحة من الذكريات المفعمة باخبار التحدي والصمود، يرون في غيفارا وكاسترو بطلان على مساحة العالم، اما جيل الشباب ورغم انه ما زال مصرا على ارتداء قميص قادته كتقليد كوبي، غير انه ينظر الى كل من يزور كوبا على انه قادم من عالم اخر، عالم الراسمالية الذي لم يعد هناك من مجال لمعاداتها.

تقرأ في عيون الشباب الكوبي الكثير من الحسرة واليأس والخوف من المستقبل، اثقل الفقر كاهلهم وعلى بعد اميال منهم حيث ” ميامي” الاميركية هناك عالم يعيش البحبوحة ونظام ” رأسمالي” يقدم لشعبه ابسط متطلبات الحياة…

السابق
تراجع نمو الاقتصاد الأميركي رغم وعود ترامب
التالي
حركة فتح: تصدي «حماس» للمتظاهرين يهدف لتقديم أوراق اعتماد أنها جاهزة لـ«صفقة العار»