عون عاد بكلمات مجاملة من بوتين فهل يقرّر الذهاب إلى الأسد مع النازحين؟

احمد عياش

لم يكن خافياً على الاوساط اللبنانية القريبة من موسكو،ان المبادرة الروسية التي أعلنها الكرملين في تموز 2018، والمتعلّقة بعودة اللاجئين السوريين الى ديارهم، وصلت الان الى الطريق المسدود تقريبا.لكن هذه الاوساط تساءلت عن مدى إطلاع دوائر قصر بعبدا على هذه المعطيات قبل ان تضع مطلب عودة النازحين السوريين من لبنان الى وطنهم على رأس سلم الاولويات في القمة التي جمعت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟
من يقرأ المعلومات الرسمية التي اوردها موقع “روسيا اليوم” الالكتروني حول القمة، لن يحتاج الى دليل على ان الجانب الروسي نفسه، لا يجد حرجا في الافصاح عن الظروف التي تجعل مبادرته في حال من الموت السريري تقريباً. ففي البيان المشترك الصادر عن الرئيسيّن تشديد على” ان عودة اللاجئين والنازحين الي بيوتهم… يتوقف بشكل مباشر على خلق الظروف الملائمة بما في ذلك الاقتصادية والاجتماعية في سوريا نفسها عبر إعادة إعمارها في مرحلة ما بعد النزاع”. وتطلّع البيان إلى “المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية إلى الإسهام في ذلك بكل طرق ممكنة”.

اقرأ أيضاً: تركيا وإيران وإسرائيل والشرق الأوسط

ما لم يقله البيان بالتأكيد، أن لدى المجتمع الدولي والامم المتحدة والمنظمات الانسانية شروط كي يساهم في إنجاح المبادرة الروسية .ومن شأن مضي هذه الشروط قدما نحو التنفيذ، ان لا يكون رئيس النظام السوري بشار الاسد موجودا في منصبه عندما تتحقق عودة ملايين السوريين الى ديارهم الذين شردّهم النظام نفسه منها قبل نحو سبعة أعوام. لذلك، لا يبدو ان الظروف مؤاتية لموسكو للذهاب بعيدا في الامتثال لهذه الشروط. كما ان إيران التي تمسك بأوراق مهمة في سوريا لن تتخلى عن رجلها في القصر الرئاسي بدمشق في المدى المنظور.
في نهاية تموز الماضي ، نظّم معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الاميركية في بيروت جلسة حوار مغلقة حول الاقتراح الروسي المتعلّق بعودة اللاجئين السوريين التي أطلقتها موسكو بعد أيام على لقاء القمة بين الرئيسيّن الروسي بوتين والاميركي دونالد ترامب في العاصمة الفلندية هلسنكي في السادس عشر من الشهر نفسه.وفي التقرير الذي أصدره المعهد في الشهر التالي حول ما أنتهت اليه جلسة الحوار مجموعة خلاصات أبرزها: “يبدو الحديث عن عودة اللاجئين السوريين الطوعية والامنة والوشيكة الى بلادهم غير واقعي قبل الوصول الى تسوية سياسية شاملة في سوريا “.أما بالنسبة للخلاصة المتصلة بلبنان، فيرى التقرير ان المبادرة الروسية “تشكّل فرصة للدولة اللبنانية لتولي قضية العودة الاهمية التي تستحق من خلال سياسة وطنية واضحة تستند الى معايير القانون الدولي الانساني وحقوق الانسان وإلتزامات لبنان الدولية وحماية سيادته…”
وفي كانون الثاني الماضي، إقترحت ردينة البعلبكي الباحثة ومنسقة برنامج “الشؤون العربية والدولية” في المعهد “ان تدعو الديبلوماسية اللبنانية، بالتعاون مع دول الجوار السوري، لاسيما العربية منها، الى إستئناف المفاوضات الدولية في إطار القرار الاممي الرقم 2254 الصادر عام 2015… من أجل المضيّ قدما في عملية السلام والتسوية السياسية للنزاع في سوريا”.وفي الشهر نفسه كتب ناصر ياسين مدير الابحاث في المعهد يقول انه “بالتوازي مع غياب الرؤية الحكومية الموّحدة ،تظهر النظرة الامنية للتعاطي مع الازمة أكثر وضوحا وحزما إن من خلال المتابعة اليومية لمجتمعات اللجوء أو لإدارة ملف العودة”.
الصوت المرتفع الذي بدر من وزير الخارجية جبران باسيل خلال مرافقته الرئيس عون في زيارة موسكو دفاعا عن حسن نوايا النظام السوري حيال عودة النازحين من لبنان، ربما أدى الى صدور “التعميم “الذي عن وزير الداخلية السورية محمد رحمون الذي “أمر” شرطة الحدود “بحسن استقبال النازحين الذين خرجوا من بلادهم طوال سنوات الحرب من غير المعابر الرسمية)، إضافة إلى قرارات أخرى ستصدر تباعاً” بالتزامن مع قمة موسكو.
هل يكفي ان تكون شرطة النظام السوري في حال تأهب لممارسة “حسن إستقبال” النازحين على المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، لكي “تصلح” اليوم “ما أفسده” النظام في أعوام؟
في رأي سابق للنائب مروان حمادة، والذي يبدو صالحا الان، هو ان ينتقل الرئيس عون شخصياً الى دمشق ليحل ضيفاً على نظيره السوري كي يواكب فعليا عودة النازحين السوريين الى ديارهم، كي يدحض الأنباء التي تحدثت عن إضطهاد تعرّض له نازحون فور عودتهم الى وطنهم.
في الصورة الحالية لملف النازحين بشقّه اللبناني، ان زيارة الرئيس عون لروسيا، كما ترى الاوساط اللبنانية القريبة من موسكو عبر “النهار”، لم تؤتِ سوى كلمات مهذبة من بوتين عن العلاقات الثنائية، في مقابل ضياع شعار عودة النازحين الذي كان ولا يزال عند فريق العهد شعاراً شعبويا لا يقدّم ولا يؤخر في حل هذه الازمة الخطيرة. فهل سيجرّب عون حظه هذه المرة مع الاسد شخصيا عله يعود بحل وليس بكلمات للمجاملة فقط؟

السابق
تصريحات متناقضة تفضح إلهام شاهين
التالي
الكتيبة الكورية نظمت معرضاً للمنتجات والحرف المحلية في صور