رسالة الى معالي وزير الصحة…

جميل جبق
هل يستطيع وزير ما ان يخرق نظاما قويا يقوم على المحاصصة بين زعماء الطوائف في لبنان؟ وهل يستطيع ان يضع سياسة بديلة في نظام لم يعد بمقدوره ان يحقق اي مطلب من مطالب الناس؟سأشد على يديه على الرغم من ان التجارب تثبت العكس.

يا معالي وزير الصحة الدكتور جميل جبق، انا مواطن لبناني أقيم في الجنوب اللبناني، منذ بدأت عملية تأليف الحكومة طرح اسمكم كوزير للصحة. لا أخفي عنك أني بدأت السؤال عنك، الجميع تحدث عنك بإيجابية، كنت ابتسم واتذكر الوزيران إميل البيطار والياس سابا. أخبرني أحدهم عنك خلال دراستك الجامعية ومواقفك الوطنية وهو صديق عزيز وحتماً لي ثقة برأيه، كنت ابتسم وأتذكر الوزيرين المذكورين. أخبروني أنك إنسان حازم ونظيف الكف سررت بذلك وتذكرت الوزيرين. أسرّ أحدهم في أذني قائلاً: الله يعين المافيات في وزارة الصحة إذا كلف جبق بالوزارة. ابتسمت مجدداً.

وبدأت عملك في الوزارة بنشاط، زرت مستشفيات في الجنوب وفي بعلبك والهرمل وفي الشمال وتابعت عملها واجريت تصريحات صحفية بحضور نواب ورؤساء بلديات. وفي كل الجولات كانت الوعود هي نفسها: ستعمل على رفع السقوف المالية للمستشفيات وتزويد بعضها بالمعدات الحديثة.

اقرأ أيضاً: رسالة مفتوحة إلى السيد حسن نصر الله: «دولة الله» هي الدولة المدنية العلمانية

يا معالي الوزير،انهما مطلبان مهمان، لكن ذلك لن يحل المشكلة. لو استطعت رفع السقف المالي سيظلوا يطلبون منك مزيدا من الرفع وتحت تحليلات وآراء متباينة. المشكلة في مكان آخر، إنها في السياسة العامة التي تتبعها السلطة، سياسة التخلي عن مسؤولية الرعاية الصحية والاكتفاء بتقديم مساعدات مالية وهي ما يطلق عليها اسم السقوف المالية. المشكلة تكمن في سياسة المحاصصة التي تتبعها الزعامات الطائفية في تعيين مجالس الادارة واللجان الإدارية. وأعتقد انك على علم بما حصل وما سيحصل إذا نوقش الموضوع في مجلس الوزراء. المجلس السابق لم يتفق على تعيين سوى عدد من المجالس الإدارية والسبب واحد: عدم الاتفاق على المحاصصة. والمحاصصة تعني عدم القدرة على المساءلة والمحاسبة جدياً، وتحول المستشفيات الى مراكز لاعادة انتاج علاقات سياسية وتحويل مزيد من الرعايا الى زبائن. هل تستطيع ان تحل هذه المشكلة التي هي سبب اساسي للفساد والهدر؟

اقرأ أيضاً: مسشتفيات حكومية تٌغلق أبوابها في وجه المرضى: لا علاج عندنا!

فواتير الفروقات التي يدفعها المواطن خاضعة للتلاعب والتغيير. أحدهم أخبرني أننا نرفع قيمة الفاتورة لأننا سنتلقى اتصالاً من الحاج فلان واخر من مكتب علان فنخصم ما يمكن خصمه، ناخذ ما نراه حقا لنا ويربح الزعيم جميلاً على المواطن.

لن أدخل في تفاصيل أعتقد أنك بحاجة إليها ولكن عليك وعلى معاونيك الوصول إليها. على فكرة أخبرني النائب أسامة سعد وكذلك رئيس بلدية صيدا محمد السعودي إنك ستزور مدينة صيدا وتطلع على المستشفى الحكومي الذي تحول إلى “حارة كل مين إيدو الو” وعلى المستشفى التركي الذي صار مرتعاً للقوارض والسبب بهذا الوضع لا يعود للسقوف المالية أبداً وخير مثال مستشفى جزين الذي لا يعاني من مشكلة السقف المالي.

أتذكر الوزيرين البيطار وسابا، لأن الأول عندما كان في وزارة الشباب حاول معالجة أسعار الأدوية الطبية، أقيل من موقعه. والثاني أصدر المرسوم 1943 واضطر للتراجع عنه ثمنا لبقائه في السلطة.

أتمنى لك التوفيق لكن من واجبي أن ألفت نظرك الى هذه الآراء وأرجو أن تكون على علم بها. مواطن لبناني.

السابق
كفيف يدخل التاريخ بلقب «ماراثون نيويورك»
التالي
ميقاتي التقى السنيورة: لتحديد مكامن الفساد وإنزال العقوبات بالمرتكبين من دون استنساب