الحريري يعود بلا وديعة من الرياض ويترقب بقلق زيارة «بومبيو»

سعد الحريري وبومبيو
لم يفلح الرئيس سعد الحريري على ما يبدو باقناع القيادة السعودية، بوضع وديعة مالية في مصرف لبنان، فالقيادة السعودية التي أعلنت فك الحظر عن سفر مواطنيها الى لبنان، لا يبدو أنها في وارد القيام بأي خطوة تتجاوز الكلام الدبلوماسي، من التمنيات الطيبة للبنان واللبنانيين، ومن اطلاق دبلوماسييها المواقف السياسية المعروفة تجاه دعم سيادة لبنان واستقلاله، وعلى قاعدة المثل الشهير "فليسعد النطق ان لم يسعد الحال".

في زيارته الأخيرة الى الرياض، التقى الرئيس الحريري خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبحسب معلومات حصلت عليها “جنوبية” فان لقاء جرى بعيدا من الأضواء مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، جرى خلاله عرضا مفصلا للعلاقة اللبنانية-السعودية، كما لم يخلو اللقاء من ابداء ولي العهد كل تعاون مع الرئيس الحريري، لمعالجة المشكلات العالقة التي تتصل ببعض الممتلكات الخاصة بالحريري، فضلا عن المتعلقات المالية المستحقة للحريري وتلك المستحقة عليه.

المعلومات التي حصلت عليها “جنوبية” من مصادر معنية، أن الرئيس الحريري في رحلته السعودية لم يصطحب معه أيّا من مستشاريه، كما جرت العادة في زياراته السابقة، كما أن لقاءه ولي العهد بقي خارج برنامج الزيارة المعلن والرسمي، وما تسرب من هذا اللقاء، هو حرص ولي العهد على أن يبدي كل الوّد للحريري، وتمنى له التوفيق في مهمته الحكومية، لكن اعتبر أنّ المملكة ليست في وارد القيام بأي خطوة دعم مالي لا للدولة اللبنانية ولا لمؤسسات سياسية او اجتماعية لبنانية بما فيها مؤسسات تيار المستقبل على تنوعها.

اقرأ أيضاً: بومبيو في بيروت: أربع سنوات عجاف والعقوبات في تصاعد

الموقف السعودي كان واضحاً هذه المرة على هذا الصعيد، وفي قراءة لهذا الموقف السعودي، قالت أوساط متابعة ومطلعة على مسار العلاقة اللبنانية السعودية، أن السعودية وبالتنسيق مع واشنطن، تنظران الى ما يسمى التسوية التي قامت عليها الحكومة الحالية، على انها لا تتناسب في مسارها ونتائجها مع الرؤية التي تجمع البلدين تجاه لبنان، بل ثمة استياء وانزعاج جرى التعبير عنه سعودياً للحريري، مفاده أن الدولة اللبنانية باتت رهن إدارة حزب الله، الذي بات يتحكم بمعظم قرارات الدولة اللبنانية ان لم يكن كلها.

ما قيل عن الرسالة السعودية الى سعد الحريري، هو ان عليه أن لا يتوقع في المدى المنظور أي خطوة دعم سعودية، لانعاش الخزينة مالياً، وأن مؤتمر سيدر هو الفرصة الوحيدة التي يجب أن يناضل الحريري وحكومته من أجل تنفيذ بنوده ومقرراته، وتضيف المصادر نفسها، أن الإدارة الأميركية التي ميّزت بين لبنان وحزب الله، فدعمت الحكومة ونبهت من تمدد حزب الله في المؤسسات الحكومية وحذرت منه، تتناغم مع موقف الرياض لجهة عدم القيام بأي خطوة دعم مالية مالم تكن مسبوقة بخطوات لبنانية رسمية مشجعة على المستوى السياسي. بل ثمة اعتقاد راسخ في الرياض وواشنطن، كما تضيف المصادر، بأن أي دعم مالي للبنان في هذه المرحلة سيستفيد منه حزب الله وهذا ما لا تريده العاصمتين اليوم.

ترجح المصادر نفسها، أن الرئيس الحريري الذي عاد الى باريس بعد مؤتمر بروكسيل، لم تكن زيارته لاجراء فحوصات طبية، بل لمعطيات مهمة توفرت لديه بعد لقاءات الرياض، أراد أن يتشاور مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بشأنها بعيدا من الأضواء، ولاسيما الصعوبات التي تعيق اطلاق عجلة مؤتمر سيدر، ففرنسا التي طالما اعتمدت سياسة خاصة تجاه لبنان، وتحرص على التميز عن السياسة الأميركية تجاهه ، هي تدرك وبحسب المعطيات التي عاد بها السفير الفرنسي المعني بمتابعة التحضير لاطلاق اعمال مؤتمر سيدر بيار دوكين، ان قدرة لبنان على الانطلاق في دينامية جديدة تبشر بإمكانية استفادته من فرصة مؤتمر سيدر تبدو ضعيفة، وهذا ما أكدته اكثر من جهة في بيروت كانت سمعت هذه الانطباعات مباشرة من دوكين.

اقرأ أيضاً: بومبيو في بيروت: رسائــل «واضحة وقاسية»

الأجواء التي تخلص اليها المصادر المذكورة، هو أن ما يحمله وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في 22 الجاري الى بيروت، لن تكون مطمئنة للحكومة اللبنانية ولا للحريري، فسلة المطالب الأميركية باتت شديدة الوضوح، وهي تتركز على حزب الله ودوره ومستقبله، ويدرك الوزير الأميركي أنه يبلغ رسالة للبنان الرسمي، ولكن من دون أن يتوقع نتائج سياسية يبتغيها من لبنان، لكن في اليد الأخرى سلة ثانية مفادها أن واشنطن ليس في برنامجها الذي تقدمه الى لبنان سوى العقوبات طالما أن الحكومة اللبنانية باتت في سلوكها متطابقة مع حزب الله.

التناغم السعودي الأميركي تجاه لبنان، يقابله دور فرنسي يحاول أن ينتشل الدولة اللبنانية من القاع الذي وصلت اليه، لكن الصعوبات التي تواجهه لا تقتصر على سياسة إدارة الظهر السعودية ولا العقوبات الأميركية المتصاعدة على حزب الله، بل غياب مؤشرات جدّية من داخل لبنان تشير الى رغبة وإرادة جدية للطبقة الحاكمة في انتشال لبنان من الغرق في وحول الازمات المالية والاقتصادية القاتلة.

السابق
في ذكرى مصالحة الجبل… مصالحة «جنبلاطية إرسلانية» في الأفق
التالي
الترزي ينهار في التحقيقات مع مباحث الكويت ويعرض التعاون وإعطاء معلومات مقابل ترحيله