سوريا: ثمانية أعوام من الثورة

الثورة السورية
تطوي الثورة السورية اليوم ذكراها الثامنة، وهي في ذهن قسم كبير ممن آمن بها ما تزال حيّة، يحيون ذكراها في باريس واسطنبول ومدن عالمية عديدة، لتشكل في أعوامها الثمانية حدث تاريخياً بارزاً شكلّ مفصلاً في تاريخ سوريا والمنطقة المعاصر. فهل تبقى من هذه الثورة إلا الفكر! وهل أوصلت السوررين إلى حفر قبورهم بأنفسم لأنهم أخفقوا في صناعة ثورة كاملة!!

باطلاع سريع على أحداث العام المنصرم، يمكن ملاحظة خفوت الزخم الفعلي للحراك الثوري في ظل ثلاثة اتفاقيات مصالحة ألغت وجود المعارضة السورية في الوسط والعاصمة والجنوب، فمن اتفاقيات الغوطة الشرقية إلى اتفاق ريف حمص الشمالي وصولاً باتفاق فصائل الجنوب، تحت ما يسمى “الضامن الروسي”، حشرت المعارضة المسلحة بين خياري الانخراط في صفوف النظام او الخروج إلى إدلب التي باتت بحكم تهجير السوريين وحشدهم داخلها مدينة عاجزة عن تحمل هذا الضغط، في حين أخفقت الاتفاقيات الموقعّة على الأرض في كبح جماح النظام من اعتقال المطلوبين وتضييق الخناق على المواطنين في جميع سبل الحياة، مع محاولة لاسترداد الولاء بإعادة النصب التذكارية للرئيس السابق حافظ الأسد في ساحات المدن العامة.

اقرأ أيضاً: الثورة يصنعها أحرار.. لا عبيد

ومع تراجع سيطرة المعارضة المسلحة وتقاسم سوريا بين مناطق نفوذ متعددة لصالح قوى إقليمية ودولية، يتخوف السوريون من السيناريو المرسوم لمدينة إدلب خاصة مع غطاء دولي تحظى فيه جبهة النصرة أدى لبسط سيطرتها على جزء كبير من إدلب وقضاءها على كافة فصائل الجيش الحر هناك، ما يعزو بأسلمة المدينة وتبرير قصفها من قبل النظام أو التحالف الدولي كما حدث في الرقة، وسط غياب فعلي للتقارير التي توثق التغيرات على الأرض وتزايد هذا الغياب بعد تغيير في لغة الخطاب العالمي تجاه النظام وبداية تطبيع إقليمي معه من قبل بعض الحكومات.

ويظهر في المقابل ملفان متناقضان يتعثر حلهما قبل الوصول للحل السياسي، الأول يتمثل في إعادة الإعمار رغم العقوبات الدولية المفروضة على أكثر من 277 سوري مع تزايد حجم الصفقات المشبوهة وعدد شركات الاستثمار الإيرانية في سوريا ورفض الاتحاد الأوروبي بالمقابل إعلان بداية عملية الإعمار قبل بلوغ الحل السلمي حسب البيان الصادر عن عدة حكومات أوروبية نشرته وزارة الخارجية الألمانية قبل يومين. وثاني الملفات موضوع عودة اللاجئين الذي تقامر فيه حكومات دول الجوار وعلى الأخص لبنان الذي حول فيه كل النواب والوزراء اللبنانيين المواليين للنظام خطابهم الإعلامي لصالح الضغط دولياً لموافقة الأمم المتحدة والدول الكبرى على إعادة اللاجئين بعد أن توقفت المعارك المسلحة.

اقرأ أيضاً: الثورة السورية فكرة بلا ميعاد

سياسياً تتزامن الذكرى الثامنة لاندلاع الثورة مع تعثر في شكل الحل السياسي من آستانة إلى جنيف مرورأ بطهران وأنقرة، فلم تنجح روسيا الحليف القوي في تشكيل اللجنة الدستورية حتى الآن، والسيناريوهات الدولية كثيرة حول مصير مدينة إدلب، ووضع المنطقة العازلة في الشمال التركي ما يزال غامضاً، يقابله ضبابية كثيفة حول مستقبل الجنوب جراء التنسيق الإسرائيلي – الروسي عالي المستوى، وصراع نفوذ خفي بدأ بالظهور بين المعسكرين الروسي والإيراني حول مجالات النفوذ والسيطرة على المقدرات السورية كثمن للتدخل وإعادة إنعاش النظام المتهالك.

وبينما تشكل الملايين رقماً خانقاً في حياة السوريين سواء على عدد الشهداء والمصابين والمعتقلين والمختفين قسرياً، أو من الأرقام المليونية لحجم استثمارات رجالات الحرب وبشكل موارب كترخيص منحته الحكومة السورية لسامر الفوز بغية إنشاء معمل لسكر الكريستيال تعادل قيمته نصف مليار دولار، يظل الثامن عشر من آذار ميلاداً لذكرى ثورة انطلق بها أطفال من درعا، فاغتالها الجميع على الأرض، لتضا حاضرة في ذهن كل سوري معارض أنه قارع أعتى الأنظمة الديتاتورية في العالم، نظام قتل شعبه واستقدم كل قوى العالم لمحو آثار الجريمة!

السابق
مصلحة الليطاني: المياه عند نقطتي الخردلي والطيبة غير صالحة للشرب والري
التالي
بعد خيانة حلفه مع جعجع.. هل يستعد باسيل لخيانة التسوية مع الحريري؟