البرامج الاجتماعية الحوارية: قضايا ومشاكل دون حلول

مالك مكتبي
انطلقت قبل عدة سنوات برامح تلفزيونية عرفت عن نفسها بأنها برامج اجتماعية، ترفع سقف النقد عالياً وتطرح المشكلة بشكل مباشر دون مواربة أو خوف من السلطات، كان أول من بدأ بها الإعلامي طوني خليفة ناقلاً التجربة من مصر حيث قدم نمطاً مشابهاً على قناة "القاهرة والناس" لتتالى النسخ المتشابهة وتغرق القنوات اللبنانية بهذه النوعية من البرامج، فما الذي استطاعت تقديمه بعد مرور هذه السنوات؟!

حين انطلق برنامج “أحمر بالخط العريض” للإعلامي مالك مكتبي على قناة lbc، كان الاستفزاز عنوان الموسم الأول من البرنامج، خطان أحمران عريضان يفصلان بين طرفان متناقضان ومالك في المنتصف يقف ويروي وجهة نظر الطرفين في موضوع ما، لتتراجع الصدامية في المواسم التالية ويغيب الطرف الآخر، في حين انجرف مالك نحو الحالات الإنسانية المتراوحة بين شديدة البؤس والمفرطة في الدهشة.

البرنامج الهادئ غير القائم على الضجيج، حافظ فيه مالك على هدوئه واستنباطه لمواضيع جديدة بعناوين مختلفة أمدّت من عمر البرنامج لسنوات عدة دون إحداث تغييرات جذرية على محتواه، ما يمكن وصفه بالبرنامج العائلي الذي يستطيع الجميع مشاهدته رغم عنونته بالخطوط الحمر. وهذا يخالف برنامج “هوا الحرية” للإعلامي “جو معلوف” المعروف بلسانه الجريء ونقده اللاذع على مدى عدة مواسم، استطاع من خلالها الإضاءة على عدة قضايا آنية وشغل الرأي العام بها، حتى أن المخرجة نادين لبكي اختارت برنامجه كمنبر لإيصال قضية فيلمها “كفرناحوم” في مشاهد الفيلم الأخيرة.

اقرأ أيضاً: البرامج الفضائحيّة في لبنان الى ازدياد… و«الجديد» انموذجا؟

في قناة الجديد، تعددت البرامج الاجتماعية وكان أبرزها “للنشر” الذي تغير قالبه عدة مرات وتنقل بين الإعلاميين طوني خليفة وريما كركي ليغيب عن الشاشة هذا العام للمرة الأولى منذ عدة سنوات، البرنامج حمل رصداً لقضايا من الشارع اللبناني في مجالات خدمية وإنسانية عديدة واشتهر باستضافته لحالات حقيقية وصف بعضها بالمبالغ فيه، في حين تمكنت الإعلامية ريما كركي من ضبط إيقاع البرنامج في تقديم حالة متوازنة لم تقف فيها إلى جانب طرف دون الآخر. أما طوني خليفة فتنقل بين برنامجي “العين بالعين” و “طوني خليفة” في سياق لا يختلف كثيراً عن “للنشر” على صعيد الجوانب المطروحة مع هامش تحليلي أكبر للقضايا والعناوين العامة، ليعُاب على طوني في برنامجه الأخير تسميته باسمه، ولهاثه خلف راتينغ الحلقة على تويتر.

بالمقابل تمكن نيشان من صناعة حالة جدل عبر برنامجه “أنا هيك” أحدث البرامج الاجتماعية التي انطلقت في الخريف الماضي، ومن خلاله استضاف نيشان مجموعة من الحالات الإنسانية المعتدة بمبدأ تقتنع فيه وتدافع عنه وتجاهر به صراحة على الملأ، ليلاقي البرنامج عاصفة هوجاء من الشتائم حين تطرقه لمواضيع ما زالت تشكل خطوطاً حمراء في المجتمع اللبناني والعربي ك” المثلية، التحول الجنسي، الإلحاد، تغيير الأديان، الخيانة”، واستطاع بذلك جعل الجمهور ينقسم إلى قسمين موافق ومتبني لبعض الحالات، ورافض وراجم لحالات أخرى.

اقرأ أيضاً: «الستاند أب كوميدي» والبحث عن الرايتينغ من الجنس إلى قشرة الرأس

ومساء الأربعاء لحق برنامج “متلي متلك” متاخراً بقافلة البرامج الاجتماعية في أول تجربة من هذا النوع للإعلامي وسام بريدي على قناة mtv، بريدي استضاف في الحلقة الأولى عدة حالات اجتماعية وقدمها بأسلوب لطيف حيث لا يوجد ترابط فيما بينها، ليعتمد البرنامج على أسلوب الفقرات المنفصلة مع استضافة نجم في كل حلقة يروي تجربة إنسانية مرة فيها، في سياق مشابه لبرنامجه قدمه ميلاد حدشيتي قبل أعوام على قناة الجديد وحمل اسم “صار وقتا”.

فمن برنامج يستمر لعدة مواسم ويترك مقدمه بصمة من خلاله، إلى برنامج موسمي يدخل في خانة التجريب، تبقى قضايا المجتمع جذابة ومغرية لآنيتها وعدم إزعاجها للساسة، ولكن هل تعدت هذه البرامج مرحلة الطرح إلى إيجاد الحلول أم اكتفت بتسليط الضوء دون الدخول في متاهات التعب؟!

السابق
سيناتور أسترالي يبرر مذبحة المسجدين في نيوزيلندا
التالي
يسرقان كهرباء الدولة ويبيعانها على أنها كهرباء مولدات!