14 آذار: ذكرى ثورة الأرز التي حررت لبنان وفككتها الطائفية

14 اذار
14 آذار 2005، شكّل هذا التاريخ أول ربيع عربي ناجح، سُطّر بقوة أكثر من مليون لبناني ولبنانية انتفضوا بوجه من صادر سيادة وطنهم لأكثر من 30 سنة، وهو الإحتلال السوري.

على وقع عملية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، التي كانت شرارة الثورة، رد اللبنانيون على تظاهرة “شكراً سوريا” التي دعا اليها حزب الله وحلفاؤه في الثامن من آذار 2005، بتظاهرة مليونية لم يشهد لها لبنان مثيلا في تاريخه، ولوح المشاركون بأعلام لبنان في وسط بيروت وسطروا يافطات ولوحات تطالب بخروج القوات السورية، ولما بات صوت قادة ثورة الأرز أعلى، فقد وصل بوضوح الى دمشق والى مسامع العالم.

وأخرجت هذه الثورة سوريا من لبنان، وشكل اقطاب حلف 14 اذار الذي ظهر كجبهة متراصة، جبهة قوية ومتينة فرضت نفسها على مدار سنوات، ودفع رموزها أثمان الكلمة بالدماء، الى أن وصلنا الى يوم نسأل فيه ماذا تبقى من 14 آذار؟ وبماذا نحتفل اليوم؟ هل بذكرى وجدت لتبقى؟ أم بثورة حجزت مكانها في التاريخ ومشت؟

في هذا الإطار، علّق عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل راشد فايد، في حديث لجنوبية، على الذكرى قائلاً: “14 آذار هي لحظة وعي وطني عام وشامل، وهذه اللحظة لا تمتد، إلا أن سوء ترجمة هذه اللحظة هو الذي أدى الى أن تكون ليست أكثر من مرحلة في تاريخ لبنان”.

اقرأ أيضاً: 14 آذار وأسئلة الإحباط

وأضاف: “انتهت 14 آذار ولا يتوقع منها شيئاً، ولم يعد هناك ما يسمى بقوى 14 آذار، فالمجموعة المغلفة باسم 14 آذار لم تعد مجموعة، فأصبحت قوى تلتقي وتختلف، ولم يعد هناك جبهة تجمعهم، بل ما يجمعهم اليوم مصالح سياسية ليس إلا”.

وأشار فايد الى أنه في العمق، هناك مواقف مبدئية، لا يختلفون عليها إلا أن الإختلاف يكمن في طريقة العمل في سبيل هذه المواقف.

الكاتب والصحافي راشد الفايد

وعن ترميم هذه الجبهة، قال: “صعب ترميمها مجدداً، ولكن لمن يفرح بذلك في الجهة المقابلة ويسألون أين 14 آذار علينا أن نسألهم أيضاً أين 8 آذار اليوم؟ فكل هذه الجبهات تفككت، وطغت المصالح الحزبية الضيقة والمكاسب الإنتخابية على سمو اللحظة الوطنية”.

واوضح فايد “وكما أن البكاء على فلسطين لم يعد ينفع، وأصبح المطلوب اليوم البحث عن كيفية استعادتها، فأيضاً 14 آذار لم يعد ينفع البكاء عليها، والمطلوب اليوم أن نبحث عن كيفية إعادة صياغة الوطنية عند اللبنانيين.

وأضاف: “الجميع بالكلام يحارب من أجل لبنان، إنما السؤال اليوم ليس كيف تقاتل لأجل لبنان، بل كيف تبني لبنان، وليس هناك جواب لدى أحد، لأنه في لحظة ما الكل يتذكر أن هناك انتخابات ومصالح للطوائف على اعتبار أن الأحزاب أصبحت طوائف والطوائف أصبحت أحزاب”.

وفي ما يخص اعتبار الرئيس سعد الحريري أن البناء يتم عبر جلوس الجميع على طاولة واحدة، قال فايد: “هذا ما نقوله اليوم عن وجوب اعادة صياغة المواطنة، فما هو مفهوم المواطنة اليوم وكيف يكون الشخص مواطناً، وما هي حقوقه وواجباته والتزاماته والتزامات الدولة تجاهه”.

وتعليقاً على المصالحة التي تمت بين الحريري واللواء أشرف ريفي، على اعتبارها جزء من اعادة الترميم ولو داخل البيت الأزرق، تمنى فايد أن تكون هذه المصالحة مبنية على وحدة الأهداف والرؤية، وأن تكون المصالحة أشمل من كونها داخل حزب أو طائفة أو منطقة.

وقال: “يبقى ذلك مرتبطاً بمدى التفاهم على المضامين الحقيقية للعناوين التي يرفعها هذا الحزب أو ذاك، فلا يكفي القول اليوم أننا نحن مع سيادة لبنان، فما معنى سيادة لبنان؟ هل دخول الجيش السوري مجدداً الى لبنان يحفظ السيادة؟ أم فقط السيادة تتضرر من غارة اسرائيلية؟”.

إيجابيات ثورة الأرز

من جانب آخر، قال النائب عن كتلة اللقاء الديمقراطي بلال عبدالله، في حديث لجنوبية، أن 14 آذار هي محطة وجدانية عاطفية سياسية بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وعندها وقف الشعب اللبناني الوفي وقيادات 14 آذار حينها كانوا يقيسون حلم الحرية والاستقلال واعادة الكيان اللبناني تحت راية العروبة لبلد مستقل.

وأضاف: “هذا الحلم وبفعل المعادلات الدولية والإقليمية المعقدة، كي لا نجلد أنفسنا دائماً، بقي حلماً”.

أما عن ايجابيات هذه الثورة، قال عبدالله: “أولاً لا يجب أن ننسى أن لبنان تحرر من الوصاية السورية، ثانياً علينا أن نسأل هل كان لرئيس الجمهورية ميشال عون ليعود الى لبنان لولا 14 آذار؟”.

بلال عبدالله

وسأل أيضاً: “هل كانت القوات اللبنانية ستصبح قوة سياسية مثل ما هي اليوم لولا 14 آذار؟ وهل كان الرئيس سعد الحريري سيستمر بحكومات متعددة لولا 14 آذار؟”.

اقرأ أيضاً: قراءة نقدية لمسار 14 آذار : تسعة أخطاء استرتيجية

ورأى عبدالله أن ما علينا أن نظهره هو أن الصيغة التنظيمية ل14 آذار لم تعد موجودة، وذلك لإختلاف أجندة مكونات 14 آذار، وقال: “السوسة الطائفية دخلت الى 14 آذار، وهذا ما سبب نهايتها التنظيمية، وليس السياسية، فللأسف لم تستطع هذه الثورة أن تتخطى الحاجز الطائفي”.

وأشار الى أن من يريد المحافظة على روحية 14 آذار عليه محاربة هذا النظام الطائفي.

وعن امكانية اعادة الجبهة الى ما كانت عليه، قال عبدالله: “علينا أن نواجه كل من يريد وضع اليد على لبنان، من أي جهة كان، واليوم هم كثر من يريدون ذلك، إلا أن امكانية اعادة ترميم هذه الجبهة صعب أن يحصل للأسف”.

وأضاف: “اليوم تغلب التفاهمات الثنائية والثلاثية وما شابه ذلك، وأنا أتكلم عن الجميع وليس عن فريق معين”.

لا شك أن التاريخ يبقى حكماً عادلاً يرسخ اللحظات الوطنية للبلاد والشعوب مهما حاولوا تشويهها والرقص على جثثها، إلا أن على هذه اللحظات أن تولد لدينا حكمة، ننطلق منها نحو مستقبل رأيناه مزهراً سابقاً، ونسعى لرؤيته مزهراً مجدداً.

السابق
سلاف فواخرجي «الممانعة» تعود إلى مصر من بوابة «التسامح»
التالي
لماذا أعلن نصرالله عن أزمة مالية فيما ما زالت محفظته صامدة؟