قراءة نقدية لمسار 14 آذار : تسعة أخطاء استرتيجية

البعض يريد أن يقنع جمهور 14 آذار أن هذه الحركة السيادية اللبنانية التحررية الفريدة هي في أحسن أحوالها وأن المسيرة في تحقيق أهدافها أوصلت إلى أفضل ما يمكن تحقيقه نظرا" للظروف الموضوعية المحيطة، وكأن لا أخطاء إستراتيجية جسيمة إرتكبت من قبل من هيمن على قرارها في المراحل المتتالية لمسارها.

الحقيقة هي أنه ليس قدرا” محتوما” أن يصل وضع لبنان إلى هذا الدرك، إنما هو نتاج هذه الأخطاء الإستراتيجية المتتالية التي إرتكبها أصحاب القرار في 14 آذار.

لا بد لتصحيح مسار الحركة السيادية من التوقف عند هذه الأخطاء لأخذ العبر.

ولكي لا أتسرع بتحديد هذه الأخطاء الإستراتيجية وتداعياتها وتأثيرها على تدحرج أوضاع لبنان إلى الهاوية التي بات فيها، لا بد من تحديد كل خطأ وإجراء تحليل معمق له.

لذا ولكي لا تكون قراءتي متسرعة، سأسعى في هذا المقال إلى تحديد ما أعتبره خطأ” إستراتيجيا” لأتناوله بالتفصيل في مقالات لاحقة، قد تأخذ بعض الوقت لنشرها نظرا” لإنشغالاتي.

أما هذه الأخطاء الإستراتيجية بنظري، فهي التالية:

1) خطأ غالبية أعضاء لقاء قرنة شهوان في التعاطي مع عون منذ تأسيسه وصولا” إلى مرحلة 14 آذار.

2) خطأ المطالبة بتجميد الشق المتعلق بتسليم سلاح الميليشيات في القرار 1559 ووضعه في يد اللبنانيين.

3) خطأ الإتفاق الرباعي الذي أوصل إلى حكومات المساكنة وعدم إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية المورثة من الحقبة السورية وإلى الإغتيالات بالجملة وساهم في تعثر ثورة الأرز.

4) خطأ القبول بالحوار حول الإستراتيجية الدفاعية (وهو مطلب حزب الله بالأساس)، وقد كان هذا الحوار من أسباب حرب 2006 وفيما بعد أدى إلى تنكر حزب الله لإعلان بعبدا بعد أن وافق عليه.

اقرأ أيضاً: الثورة يصنعها أحرار.. لا عبيد

5) خطأ القرارات المتهورة للحكومة التي أدت إلى أحداث 8 أيار 2008 ، مما شكل تغيير أساسي في ميزان القوى داخل لبنان وأوصل إلى إتفاقية الدوحة.

6) الخطأ المتجدد في تشكيل حكومة الحريري الأولى على قاعدة المساكنة المستحيلة، مترافقة مع تبرئة النظام الأسدي من إغتيال الشهيد رفيق الحريري ومع مباردة ال (س – س) المشؤمة، مما أدى إلى إسقاط حكومة الحريري بالثلث المعطل وتهجيره من لبنان لمدة تناهز الثلاث سنوات.

7) الخطأ  في التعاطي مع الثورة السورية، مما سهل لحزب الله التدخل لإنقاذ النظام الأسدي بحجة العمل بالمثل، بدلا” من تحييد لبنان عن الأوضاع المتفجرة في سوريا والطلب من الأمم المتحدة حماية الحدود اللبنانية-السورية من خلال تطبيق القرار 1701 بإنتشار اليونيفل على طول هذه الحدود، مما كان قد حدٌ من حركة السلاح والمقاتلين من كافة الأطراف من وإلى سوريا كما كان قد لجم حركة النزوح السوري إلى لبنان.

8) الخطأ المتجدد في تشكيل حكومة المساكنة مع تمام سلام بعيد إغتيال الدكتور محمد شطح (بتاريخ 27 كانون الأول 2013) بدلا” من إتباع سياسة الطلاق الحبي مع حزب الله التي كان يحبذها المغدور والتي كنا هو وأنا نتداولها ونناقشها، وذلك لقناعة منا أن حزب الله سوف يستفيد وحده من مشاركة 14 آذار في الحكومة بحكم أن ميزان القوى داخل الدولة وخارجها، داخل لبنان وخارجه، بات يميل بشكل واضح لصالحه. والبديل هو بتظهير صورة للبنان رافضة للأمر الواقع الإيراني المفروض عليه ورص صفوف القوى السيادية والمعارضة من الخارج وليس من الداخل كما يقول البعض الذي يهدف إلى الإستحصال على فتات مائدة السلطة دون التمكن من المساهمة في القرارت السيادية الأساسية.

في هذه المرحلة المفصلية، تم تبني مفردات الواقعية وربط النزاع والنأي بالنفس المورثة من حكومة الميقاتي،…

ملاحظة : جعجع رفض الدخول في حكومة سلام لأنه كان لا يزال متأثرا” بمقولة الطلاق الحبي عبر مداولاته مع شطح. ولكنه لم يبد الجدية الكافية في تشكيل حالة سيادية حقيقية خارج الحكومة، لا بل حاول المساهمة من الخارج في تحديد مواقف مكون 14 آذار في الحكومة من خلال الإجنماعات التي كانت تعقدها 14 آذار لتحديد مواقفها داخل الحكومة.

9) خطأ ما سمي بالتسوية، وهي في واقع حالها صفقة دونية مع حزب الله، أدت إلى فرط عقد 14 آذار وتقزيم القوى السيادية بحجج قد يكون لبعضعا بعض المصداقية وصدى لدى شعب لبنان المعذب، من ضرورة تخليص الوضع الإقتصادي والمالي من الإنهيار وضرورة الحفاظ على الإستقرار ومحاربة الفساد والواقعية والنأي بالنفس والمعارضة من الداخل،…

هذه الصفقة ساهمت، غلى جانب عوامل أخرى، بشكل كبير بوضع لبنان تحت الإحتلال الإيراني بوجه لبناني.

والسؤال هو: هل فعلاً هذا هو السبيل إلى خلاص لبنان أم أنه الطريق إلى مزيد من المآسي.

في مطلق الأحوال، سوف نكمل مسيرة خلاص لبنان بالرغم من كل الصعاب وسوف ننجح!

السابق
حدث في مثل هذا اليوم
التالي
«الشيوخ» الأمريكي يتبنى قراراً يوقف دعم السعودية في اليمن