3مواقع تراثية طمرت بحراً بموافقة وزارة الثقافة..المحامي عازار لـ«جنوبية»:ما حدث جريمة وطنية

التراث في لبنان "ضحية" الوزارة أولاً..

أصدرت محكمة المطبوعات في بيروت، برئاسة القاضي رفول البستاني وعضوية المستشارتين هبة عبدالله وناديا جدايل، حكماً يقضي بإبطال التعقبات بحق الدكتور ناجي كرم (أستاذ الآثار الفينيقية في الجامعة اللبنانية)، وذلك في دعوى القدح والذم، المقدمة ضدّه من قبل وزير الثقافة الأسبق غابي ليون.
وأشار الحكم إلى أن المدعى عليه استضيف في إطلالته التلفزيونية، كأستاذ محاضر في علوم الأثار وقد انتهج خلال المقابلة أسلوباً نقدياً اتسم بالموضوعية المهنية والتقنية العلمية.

القضية وحكم المطبوعات، جاءا على خلفية مقابلة بثّت على شاشة الـ”MTV”، ضمن برنامج “Alive”، في العام 2013، رأى فيها الدكتور كرم أنّ ما يحدث في حق التراث اللبناني غباء وإجرام، موضحاً أنّ التراث يدمّر على يد المسؤولين عن حمايته، قاصداً بذلك وزارة الثقافة.
وأشار الدكتور كرم في سياق المقابلة إلى أنّ ما يحدث بحق التراث هو فساد، مطالباً بلجنة تحقيق برلمانية في هذا الشأن.

شعار “مكافحة الفساد” الذي رفعه الدكتور كرم في ملف التراث اللبناني، وقرار المطبوعات الذي أبطل التعقبات، مسلطاً الضوء بذلك على أهمية ما طرحه الدكتور في هذا الشأن، لم يدفع لا النيابة العامة ولا الموكلين بحماية التراث، إلى التحرك، فتمّ تهميش هذا الملف مع ما فيه من آثار دفنت في البحر، فأولياء الحكم في لبنان لا ولاء لهم لا لتراث ولا آثار في ظلّ طغيان ثقافة الصفقات.

مع العلم، أنّ ما قاله الدكتور كرم، دعّمه المحامي ميشال أنطوان عازار، الموّكل في هذه القضية، مشيراً في مذكرة الدفاع الشفوي التي قدّمها لمحكمة الاستئناف الجزائية في بيروت، والتي حصل “جنوبية” على نسخة منها، إلى أنّ ما يحدث في ملف التراث جريمة وطنية، مختصراً مرافعته بثلاثة مواقع أثرية، ألا وهي بيت الروائي الشهير أمين المعلوف، المرفأ الفينيقي الذي كان كائناً في ميناء الحصن، المدرج الروماني الذي كان كائناً في وادي جميل.

وعرض المحامي في حديثه عن منزل الروائي أمين معلوف إلى كلام وزير الثقافة نفسه، الذي قال عنه ذات يوم أنّه “يمثل نمطاً هندسياً مدنياً مميزاً لا يزال يحتفظ بفرادته الهندسية، بالإضافة إلى احتلاله موقعاً مهماً ضمن أبنية ترسم حقبة التطور الهندسي المدني المميز في الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين”، لافتاً إلى أنّ الوزير غابي ليون كان قد وضع المنزل على لائحة الجرد العام، ليصدر في وقت لاحق قراراً بإزالة المنزل من اللائحة وهدمه.

أما في ما يتعلق بالمرفأ الفينيقي، فقد أبرز المحامي للمحكمة عشرات المستندات الصادرة عن وزارة الثقافة مديرية الآثار تحديداً، والتي تفيد بأهمية وفرادة المكتشفات، من بينها تقرير مفصل للأثري صايغ الحسن، قال فيه أنّ الميناء الفينيقي يشكّل المادة الثقافية التي تشهد على الدور الذي لعبته المنطقة، كمحتوى جغرافي واقتصادي حيوي في الفترة الفينيقية، وأشار الصايغ إلى أنّ هذا المكان يعكس مشهداً عمره أكثر من 2500 عاماً لتفاصيل الحياة الفينيقية، مطالباً بإدخاله على لائحة الجرد الأثرية، والمحافظة على المكتشفات.

وفي موضوع المدرج الروماني، أكّد المحامي عازار أنّ هذا المدرج معلم أثري ذو أهمية بالغة وكبيرة وفريدة، مستشهداً بمقال نشر في الـ”orient le jour”، وجاء فيه: “بالنسبة للمديرية العامة للآثار، هذا السيناريو (التفكيك وإعادة البناء)، هو انحراف، لم نشهد في أي مكان في العالم تدمير وتفكيك مدرج. ستكون سابقة ومعيبة للبنان”.

إقرأ أيضاً: محميات «الأرز» اللبنانية: حينما يلتقي التراث بالبيئة

وأوضح المحامي في سياق دفاعه الشفوي أنّ القاسم المشترك بين هذه المعالم الثلاثة، أنّها وضعت جميعها على لائحة الجرد العام من قبل كافة الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة، معتبراً أنّ الوزير ليون ولأسباب مجهولة ومشبوهة قرر سحب هذه المواقع وتدميرها.

موقع “جنوبية” وفي سياق متابعة هذا الملف “الفضيحة”، والتقاعس حوله، تواصل مع المحامي عازار، الذي أوضح لنا أنّه كمحامٍ اضطر إلى حصر المرافعة بهذه المواقع الثلاثة، التي استحصل على مستندات تبرز أهميتها، لافتاً إلى أنّ الهدف هو “لقول كم هذه الآثار مهمة ورغم كل شيء دمروها لأسباب مجهولة ومشبوهة”.

وتابع المحامي مشيراً إلى أنّ “المواقع الأثرية الثلاثة، تمّ تشييد أبراج مكانها، ما يطرح تساؤلات حول صفقات ومصالح كبرى”.

وفي ما يتعلّق بالمسار القضاء قال المحامي: “هناك دعويان رفعتا ضد الدكتور ناجي كرم، الأولى من قبل الوزير ليون، والحكم فيها مبرم لكون الوزير لم يستأنف، أما الدعوى الثانية فهي مقدمّة من أسعد سيف، الذي كان بمرحلة سابقة مدير عام الأثار، وتأتي هذه الدعوى على خلفية تدوينة على موقع فيسبوك”، مضيفاً “دعوى أسعد حالياً بالتمييز، فكلانا استأنف الحكم، وقد يصدر قرار إعدادي وهو قرار لا يفصل النزاع، ما يعني أننا قد نربح الدعوى ولكن لعدم الاختصاص، قد تقول محكمة التمييز أن محكمة المطبوعات ليست متخصصة بما يكتب عبر الفيسبوك لانه عندما صدر قانون المطبوعات لم يكن هنا مواقع تواصل ولا فيسبوك”.

وأشار المحامي في الختام إلى أنّه عادة في دعاوي المطبوعات، يتم البحث عن معنى مخفف للعبارات والمقاصد، قائلا:ً “قلت للدكتور ناجي كرم ما أقسى عبارة قلتها، أجابني الفساد، فقلت له إذا استطعنا إثبات الفساد في حينها نثبت أن كلامك في موضعه، يضاف إلى ذلك الناحية الوطنية، وبالتالي لن أدخل في لعبة المقاصد بل سأرد الاعتبار لهذه الآثار التي دمرت وأصبحت تحت البحر، وسأسعى للحصول على حكم يثبت أنّ هذه الاثار مهمة”.

 

إقرأ أيضاً: قرار لوزير الثقافة بادخال ليسيه عبد القادر في لائحة الجرد العام للأبنية التراثية

السابق
كرامي: الجميع في لبنان أعلن انه ضد الفساد فلا شيء يبرر عدم الانطلاق بخطوات جادة في المحاسبة
التالي
سامر كبّارة يواجه جمالي في الانتخابات الفرعية.. أعلن ترشحه رسمياً