هل يتمنى نتنياهو لو كان لبنانياً؟

احمد عياش

ما زال الحديث عن الفساد في لبنان مستمرا.وكلما طال ،أصبح مضجرا .وما علينا للتأكد من الملل الذي غرق فيه هذا الحديث، سوى مراجعة لائحة المواضيع الاكثر قراءة على موقع “النهار” الالكتروني، لتبيّن ان موضوع الفساد ليس مدرجا على هذه اللائحة المكوّنة من 20 موضوعاً. فما هو السبب يا ترى؟
لا بد من التوقف عند موضوع حمل عنوان “سابقة إدارية… أبو فاعور وشهيّب منعا سفر الموظفين في وزارتيهما على حساب الخزينة”.هذا الموضوع إحتلّ المرتبة الـ15 عند كتابة هذا المقال على لائحة المواضيع الاكثر قراءة على موقع “النهار”.وهو حظي بأكثر من 440 إعجاب. وهذا الاعجاب، إذا ما دلّ على شيء، فهو يدل على رغبة الناس في رؤية خطوات ملموسة تؤكد ان هناك فعلا من يهتم بالمال العام. فهل من أمل ان يُقفل أحد ابواب الفساد في هذا البلد لكي تُقفل سائر الابواب، وما أكثرها؟

اقرأ أيضاً: موت الجمهوريّة الثانية … وإعدام الطّائف!

لا يبدو ان هذا الامل في محله ،عندما نستمع مساء امس الى مقدمة نشرة أخبار قناة ال OTV التلفزيونية التابعة ل”التيار الوطني الحر” بزعامة الوزير جبران باسيل. في هذه المقدمة:”… أن يصدر وزيرا الصناعة والتربية قرارا بمنع السفر على حساب الخزينة اللبنانية تحت عنوان التقشف، خطوة رمزية جميلة، بكونها مقرونة بإجراء عملي. غير أن الخطوة غير الرمزية، لا بل الفعلية التي جدد جبران باسيل طرحها اليوم(امس) في مجلس النواب… سؤال كبير من رئيس أكبر تكتل نيابي إلى مجلس النواب، ومن خلاله إلى القوى السياسية الممثلة فيه وفي الحكومة، إزاء الخطر الكبير على المالية العامة، الذي تتطلب مواجهته اتخاذ قرار سياسي كبير … فهل نكمل بنهج افلاس الدولة ام نضع حداً له؟ وعلى مرأى نواب الأمة اللبنانية ومسعهم، قال باسيل: فيما كان علينا أن نتخذ قرارات تخفف حجم الانفاق، إذا بنا نفتح باب التوظيفات وزيادة الرواتب والتقديمات والمكافآت… ؟” إنتهى الاقتباس من من الـOTV.
لا بد من الاعتراف ان عبارات قناة “التيار” تبعث على القشعريرة. فكأن صاحب القناة هو مصلح كبير وليس المسؤول الذي أنفق ولا يزال ملايين الدولارات في أسفاره من اموال الخزينة. وكاتب هذه السطورهو شاهد، كيف ان باسيل عندما كان في العام 2016 وزيرا للخارجية في حكومة الرئيس تمام سلام آثر الذهاب الى اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة بوفد مستقل عن وفد سلام بكلفة عالية يعلمها من يعرف نيويورك.
في إسرائيل، البلد المجاور للبنان، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أزمة عميقة بسبب تهم الفساد الموجهة ضده. علماً أن مجلة “فوربس” قدرت أخيراً ثروته بنحو 14 مليون دولار. بالتأكيد لو قارنا ثروة الأخيرة بثروات رجال العمل العام في لبنان، الذين نالوها من المال العام، وهم في حلٍ من أي إتهام، لتمنى نتنياهو لو كان لبنانياً!

السابق
«كسرة خبز»: روايات حروب تركت آثاراً ولم تندمل!
التالي
باسيل رأس حربة السلطة لإسقاط حصانة يعقوبيان