زيارتا «دوكان» و«ساترفيلد»: توصيات وتحذيرات تثير قلق حزب الله

دوكان
كانت بيروت الاسبوع الماضي ومطلع الاسبوع الحالي، محطة لزيارتين دوليتين مهمتين، الاولى لمبعوث الفرنسي بيار دوكان، والثانية مع زيارة مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد ساترفيلد، يظهر ما رافق هاتين الزيارتين من اجتماعات ومواقف، ان لبنان ما زال محطّ اهتمام غربي، واذا كان هدف الزيارة الاولى اقتصاديا للتأكيد على تنفيذ مشاريع "سيدر"، فان الزيارة الثانية هي سياسية بامتياز، ووضح انها من أجل التحذير من عدم تمادي حزب الله في الهيمنة والسيطرة على الدولة اللبنانية.

قال مصدر دبلوماسي فرنسي رفيع في حديثه للصحافة في باريس أمس أن المبعوث الفرنسي لمتابعة قرارات مؤتمر “سيدر” السفير بيار دوكين أبلغ المسؤولين اللبنانيين رسالة بأن ما تم إقراره خلال مؤتمر “سيدر” لمساعدة الاقتصاد اللبناني كان جزءاً منه قروضا والجزء الآخر من الهبات “وينبغي الا يتغير ذلك والا تحصل محاولات لتغييره، اي محاولة تحويل القروض إلى هبات”.

وأوضح المصدر حسب “المركزية” ان رسالة دوكين كانت أنه يجب تنفيذ مقررات “سيدر” كما هي وعدم السعي لإعادة التفاوض عليها لانها لن تنجح، إذ ان موارد وصبر الأسرة الدولية مطلوبة جداً من دول أخرى تتوخى تقديم المساعدة لها، وعلى لبنان أن يحذر من عدم خسارة ما حصل عليه من مؤتمر “سيدر”.

إقرأ أيضاً: هل سيعرقل حزب الله مشاريع «سيدر»؟

أضاف المصدر “حتى الآن لم تكن هناك محاولة من السلطات اللبنانية في هذا الاتجاه، لكن ما أكده دوكان للسلطات اللبنانية أنه يجب البقاء على شروط “سيدر”، على أن تنفذ قراراته في أسرع وقت ممكن”. وذكر المصدر “أن فرنسا عرضت 400 مليون يورو قروضاً ميسرة جداً لتجهيز الجيش اللبناني، فاذا اختار مثلا وزير الدفاع اللبناني ألا يستخدم القروض الفرنسية المقدمة فهذا قراره وقرار لبنان. وباريس لن تجبر لبنان على استخدام هذه القروض، كما أن السلطات اللبنانية لن تُجبَر على استخدام هبات قدمتها بريطانيا للاجئين السوريين، وسط حجة تقول إن الهبات عليها ان تذهب الى جهة أخرى. فهذه مسؤولية السلطات اللبنانية. وأكد المصدر الدبلوماسي الفرنسي الرفيع أن باريس مهتمة باستقرار لبنان وتؤكد أن الأفضل تنفيذ ما تم إقراره في “سيدر”.

ولا يبدي حزب الله ارتياحه لزيارة دوكان رغم منحاها الاقتصادي، ويبرز عدم الاتياح هذا ما يدليه من تصاريح عدد من مسؤوليه والوسائل الاعلامية التي تدور في فلكه، والتي تهاجم “سيدر” باستمرار وتدعي أن يؤدي الى تراكم الديون على لبنان دون طائل، في حين لا يقترح هؤلاء حلّا لمشاكل الكهرباء وفساد المحاصصة وفوضى الادارة التي تعمّ البلد.

خيارات ساترفيلد

وأبلغت المصادر السياسية “الحياة” أن مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد ساترفيلد الذي زار لبنان يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، قال في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين أن واشنطن تراقب عمل الحكومة وقراراتها من زاوية التأكد من أنها تتخذ وفق المصلحة اللبنانية ولا تتأثر بنفوذ “حزب الله” ومن ورائه إيران، بحيث يطغى هذا النفوذ على هذه القرارات. وذكرت المصادر أنه فهم من ساترفيلد أن واشنطن ستتعاطى مع لبنان وفقاً لهذا المعيار، ومن الا يستغل الحزب وجوده في الحكومة من أجل الالتفاف على العقوبات الأميركية على أنشطته وموارده المالية. وحصل نقاش حول هذه النقطة مع عدد من المسؤولين تناولت المخاوف الأميركية من انحراف الدولة اللبنانية عن مبدأ النأي بالنفس عن التدخل في أزمات المنطقة.

وفي سياق البحث في الوضع الاقتصادي والحرص على استقرار لبنان، تناول الحديث مرة أخرى موضوع الخلاف على الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل من زاوية ضرورة إفادة لبنان من التنقيب عن النفط والغاز، خصوصا أن ساترفيلد كان قام قبل سنة بدور الوساطة حول اعتراض لبنان على ادّعاء إسرائيل ملكيتها 860 كيلومتراً مربعا من أجزاء من البلوكين 8 و9 من المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان في البحر.

اقرا ايضا: ساترفيلد: الاستقرار الحقيقي يتوقف على خيارات لبنان الوطنية لا على خيارات تملى عليه

وأشارت المصادر السياسية المعنية بما طرحه ساترفيلد إلى أنه اقترح 3 خيارات على الجانب اللبناني: الأول أن يقبل لبنان بخط هوف (الخط الذي اقترحه الوسيط الأميركي السابق فريدريك هوف منذ عام 2012 والذي قضى بأن يسمح للبنان بأن يستثمر ما بين 55 و60 في المئة من المنطقة المتنازع عليها، على أن يترك الجزء الباقي منها معلقا إلى حين ترسيم الحدود البحرية في شكل رسمي بين لبنان وإسرائيل لاحقا). إلا أن المصادر نفسها أوضحت أن رئيس البرلمان نبيه بري رفض اعتماد خط هوف هذا خلال الوساطة التي خاضها ساترفيلد في شباط من العام الماضي.

والخيار الثاني الذي اقترحه ساترفيلد أن يترك للشركات المنقبة عن الغاز والبترول (من الجهتين اللبنانية والإسرائيلية) أن تقيم بينها شراكة (joint venture) لتقاسم استثمار الثروة النفطية والغازية في المنطقة المتنازع عليها.

أما الخيار الثالث، إعادة التفاوض على الحدود البحرية مع قبرص التي كانت إسرائيل استندت إلى خرائط اتفاقية بينها وبين حكومة الجزيرة من أجل الادّعاء بحقها بالمساحة التي تقول أنها تعود إليها في البحر. لكن هذا الخيار وفق قول المصادر يأخذ وقتا طويلا.

وترك ساترفيلد انطباعا لدى عدد من الذين التقاهم بأن واشنطن ستواصل ضغوطها على إيران من أجل أن تسحب قواتها من سوريا بما فيها قوات “حزب الله” وأنها ستواصل سياسة الضغط لهذا الغرض على طهران.

وأوضحت المصادر أن ساترفيلد أشار الى أن الولايات المتحدة لن تترك سوريا نهائيا، وأن الـ400 جندي الباقين هناك لهم مهمة محددة، وبالتالي لن تسمح بأن يملأ الفراغ بعد انسحابها، لا الميليشيات التابعة لإيران ولا تلك التابعة للنظام السوري.

السابق
حملة فاسدة على الفساد
التالي
أحمد الحريري أطلق ماكينة الانتخابات الفرعية: طرابلس ستكسر حزب الله وحلفاءه