بين سطور زيارة ساترفيلد: النأي بالنفس… وإلا!

ديفيد ساترفيلد

لا يختلف إثنان على أن زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد لا يمكن فصلها عن سياق المواجهة المفتوحة التي أطلقتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد ايران وتعاظم نفوذها في المنطقة. ولم يكن أدل إلى ذلك إلا التصاريح العنيفة التي أطلقها الضيف الأميركي من على منبر قصر بسترس، كما بعيد لقائه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في البيت الكتائبي المركزي في الصيفي. ذلك أن المسؤول الأميركي رسم الأطر الواضحة التي ستتحرك من خلالها الادارة الأميركية في سياق المواجهة مع طهران، مغتنما فرضة وجوده في لبنان لحض السلطات على عدم الانجرار إلى مزيد من “التطبيع” مع المحور السوري الايراني. وإذا كانت هذه المواقف العالية النبرة تحمل في طياتها انتقادا للتركيبة الحكومية التي يرى فيها الأميركيون اختلالا في ميزان القوى السياسي لصالح حزب الله وحلفائه، في مقابل ما يعتبره بعض المحللين، تراجعا في موقع ما سمي يوما القوى السيادية، كتيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، على اعتبار أن مفاوضات تأليف الحكومة شهدت، على مدى تسعة شهور، حملات هدفت إلى تقليص حجم هذه القوى، على رغم النتائج النيابية التي حصدتها في الانتخابات الأخيرة، علما أن حزب الكتائب، المصنّف هو الآخر في المعسكر السيادي، حافظ على تموضعه المعارض خارج الاصطفافات الحكومية.

اقرأ أيضاً: تحذيرات ساترفيلد الى لبنان ترسم حدود العلاقة مع سوريا

غير أن مصادر مراقبة تعتبر عبر “المركزية” أن أهمية زيارة ساترفيلد تتجاوز محاولات شد العصب اللبناني في مواجهة حزب الله ومحاولاته فرض خيارات ذات طابع استراتيجي لا تتماهى مع مصلحة الدولة اللبنانية، لأنها تبرز مجددا أهمية إسراع لبنان في إطلاق مسار التطبيق الفعلي لسياسة النأي بالنفس طبقا لما نص عليه إعلان بعبدا الذي نال موافقة كل الكتل السياسية المشاركة في الطاولة الحوارية التي كان الرئيس ميشال سليمان دعا إليها في عهده.

ولا تفصل المصادر بين سياسة النأي بالنفس التي ينادي بها الأميركيون وسائر القوى الفاعلة على الساحة الدولية، ومسار مؤتمر “سيدر” الذي يجهد لبنان لإظهار جديته في تطبيق الاصلاحات المطلوبة في سياقه، مذكرة بأن إبعاد لبنان عن صراعات المحاور يعد أحد الشروط ذات الطابع السيادي التي فرضتها الدول المانحة، معولة في ذلك على الوعد الذي أطلقه الرئيس ميشال عون، قبيل الانتخابات النيابية، حيث أعلن أن الاستراتيجية الدفاعية ستكون على رأس سلم الأولويات في المرحلة المقبلة. وتختم المصادر مشيرة إلى أن الوقت حان لتنفيذ هذا الوعد، خصوصا بعد انتفاء معضلة تشكيل الحكومة.

السابق
عون: الاقتصاد واستكمال مكافحة الفساد ومتابعة عودة النازحين من أولويات الحكومة
التالي
إزالة البلوكات الاسمنتية من أمام مقر عين التينة وفتح الطريق باتجاه الرملة البيضاء