جعجع: حملة حزب الله على الفساد غير جدية وتحمل في طياتها أهدافا سياسية

اشار رئيس حزب “القوات” سمير جعجع الى إنه منذ أيام الجمهوريّة الأولى حتى اليوم، لطالما كان التنافس على توزيع الصلاحيات إحدى سمات نظامنا اللبناني، إلا أن المعطى الجديد الذي ظهر مؤخراً هو أن الحرب على الفساد التي أعلنها “حزب الله” كأنها تبدو غير جديّة. وكأنها تحمل في طياتها أهدافاً سياسيّة أكثر من الأهداف التي ترتبط بمسألة مكافحة الفساد. إلا أنه في كل الأحوال أفضِّل أن ننتظر الأسبوعين المقبلين من أجل أن يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود. وما استوقفني هو موقف “حزب الله” في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة الذي كان مؤشراً بالنسبة إليّ، لذا أقول إنني لا أعرف مدى جديّة الحزب في عمليّة مكافحة الفساد والإصلاح، إلا أنه يجب علينا عدم إطلاق الأحكام النهائيّة، وما سيحصل في الأسبوعين المقبلين في جلسات مجلس النواب ومجلس الوزراء سيحدد من هي الأطراف الجديّة في عمليّة محاربة الفساد.

واوضح جعجع في حديث الى صحيفة “الاندبندنت” البريطانية بالنسخة العربية، ان “حليفنا السياسي هو “تيار المستقبل” وهذا أمر واضح ونحن نتمنى كثيراً أن يكون هو نفسه حليفنا في عمليّة إصلاح الدولة ومكافحة الفساد. إلا أن الأمر لم يكن على هذا النحو في ملف الـ 2000 أستاذ والدرجات الست التي أقرّت في مجلس الوزراء في الأسبوع المنصرم. إلا أن هذا الأمر لا يحتم أن يكون مماثلاً في كل القضايا الأخرى. لذا أعيد وأكرّر أن ما حصل أعطى إشارة غير واعدة وعلينا الانتظار لنرى إلى ماذا ستؤول الأمور”.

وحولا لعلاقة مع سوريا، اشار جعجع الى اننا “نسمع في الأسابيع والأشهر الأخيرة دعوات عديدة في لبنان للتطبيع مع النظام السوري. ودعوات أخرى من قبل بعض الوزراء لمطالبة جامعة الدول العربيّة بإعادة تفعيل عضوية سوريا من خلال هذا النظام. إلا أن وضع رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري ومعه بعض الشخصيات الأخرى على لائحة الإرهاب، هو أكبر دليل على أن هذا النظام لا يعدو كونه مجموعة من المجموعات المتناحرة على الأراضي السورية. وهو لا يمثل السلطة أو الدولة في سوريا”. اضاف “إلا أن الحادثة التي أتت لتؤكد هذا الأمر في شكل قاطع، هي الموقف من شيخ عقل الطائفة الدرزيّة الكريمة. فأي دولة من دول العالم تسمح لنفسها بالتدخل في مسألة مماثلة؟ واعتماد هذا الشيخ العقل وليس الشيخ العقل الآخر؟ أو هذا المطران وليس ذاك المطران؟ أو هذا البطريرك وليس ذاك البطريرك؟ هناك طائفة درزيّة كريمة في لبنان، وهل يكون لدى النظام السوري الحد الأدنى من مفاهيم الدولة عندما يقول إنه لا يعتمد أي رأي درزي سوى الذي يأتيه من قبل شيخ العقل ناصر الدين الغريب مع كل الاحترام له؟ وبالتالي هذه الواقعة تدل على أنه لا وجود للدولة في سوريا في الوقت الراهن، إنما هناك مجموعات متناحرة ومجموعة بشار الأسد تمثل إحداها. لذا فأي تنسيق يجب أن يتم مع سوريا عليه أن يكون عبر الإدارات في ما بينها، لأنه لا وجود لأي شيء يمثِّل سوريا على المستوى السياسي في الوقت الراهن. من هنا، أعتبر أنه من المعيب أن يطالب أي شخص من لبنان بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربيّة، لأنه لا يوجد مؤسسات دولة تمثل سوريا في الوقت الراهن، من أجل إعادة تفعيل عضويتها”.

واعتبر ان الحكومة اللبنانيّة يجب ألا يقبل أي وزير فيها بزيارة سوريا طالما أن رئيس حكومته إضافة إلى مجموعة من الشخصيات اللبنانيّة الأخرى لا تزال زوراً وبهتاناً مدرجة على لائحة الإرهاب في سوريا. ومن جهة أخرى، يجب ألا يقبل أي وزير بزيارة سوريا طالما هناك تدخل من قبل نظام الأسد في شؤون طائفة كالطائفة الدرزيّة الكريمة في لبنان.

اضاف “نحن كنا مع عدم مشاركة لبنان في مؤتمر “وارسو” كي نكون منسجمين مع أنفسنا، باعتبار أن الحكومة متّفقة على سياسة النأي بالنفس، لذلك على بقية الفرقاء اتخاذ مواقف مماثلة. من هنا، نرى أنه من الطبيعي ألا يشارك لبنان في هذا المؤتمر، إلا أن هذا الأمر لا يعني أبداً أن لبنان خارج اللعبة”. واكد انه “ليس مطلوباً من لبنان مواجهة إيران، بقدر ما هو مطلوب منه أن يكون لبنانياً. وبقدر ما هو مطلوب من الحكومة اللبنانيّة أن تكون حكومة لبنانيّة، تضع في سلّم أولوياتها مصالح الشعب اللبناني، وليس أية مصالح أخرى، الأمر الذي لا يحصل في شكل دائم.”

ولفت جعجع الى أن “حزب الله” في الوقت الراهن مع بعض من حلفائه هم الأكثر حركة وتأثيراً في الساحة اللبنانيّة، إلا أن هذا الأمر لا يعني أن لبنان أصبح تحت تأثير إيران. وفي هذا الإطار سأعطي بعض الأمثلة الحيّة، فقد أطل مؤخراً الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله في خطاب طرح فيه مجموعة من الاتفاقات التي كان يريد أن يبرمها لبنان مع إيران، ومنها اتفاقات تعاون في المجالات العسكريّة، والكهرباء، والأدوية وغيرها. وبعد هذا الخطاب بأيام قليلة زار لبنان وزير خارجيّة إيران محمد جواد ظريف ولم توقّع مذكّرة تفاهم واحدة في أيّ مجال من المجالات المذكورة. في حين أننا نرى مئات مذكرات التفاهم المبرمة ما بين نظام الأسد وإيران. من جهة أخرى، وفي ما يتعلّق بالقمة العربيّة الاقتصادية التي عُقدت في لبنان، في كانون الثاني المنصرم، الجميع يدرك أن إيران كانت تريد ألا تعقد هذه القمة في لبنان، إلا إذا أُشرك نظام الأسد فيها، في حين أننا رأينا كيف عُقدت القمة ومن دون إشراك نظام الأسد، على الرغم من كل التحركات الداخليّة التي جرت في لبنان. فأين تكون الهيمنة الإيرانيّة على لبنان؟ لذا ما يعطي هذه الانطباعات هو ضعضعة الجبهة التي لا تؤيد إيران في لبنان، أكثر منه سيطرة إيران على لبنان. ضعضعة جبهة “14 آذار” هي الطاغية وليست سيطرة إيران. هناك مسألتين يفكّر فيهما “حزب الله” في شكل جدي، الأولى أن يتم تشريعه، كما تم تشريع الحشد الشعبي في العراق، والثانيّة الوصول بالقانون إلى المثالثة في النظام اللبناني، التي جرّب طرحها بأشكال خجولة، وعندما أدرك أنه لن يصل إلى أي مكان توقف عن طرح المسألة كمجرّد طرح. لقد تم تشريع الحشد الشعبي بعد ثلاث سنوات على تشكيله، في حين أنه لا يتم حتى طرح مسألة تشريع “حزب الله” في لبنان، فمن غير الممكن أن يقبل به أي طرف حتى حلفاء الحزب. انطلاقاً من هنا مقولة الهيمنة الإيرانيّة على لبنان غير صحيحة إطلاقاً.

إقرأ أيضاً: الجملة السحرية التي يريدها حزب الله: السنيورة خط أحمر!

واكد رئيس القوات إن أكبر عائق بوجه عودة النازحين السوريين هو نظام الأسد بحد ذاته. فعدد كبير من المنظمات الدولية قامت بإجراء استطلاعات رأي للنازحين السوريين في مسألة العودة والتي شملت أكثر من نصفهم، وتبين أن ما يفوق الـ 95 في المئة من النازحين السوريين يتمنون العودة الفوريّة، إلا أن معظمهم أكّد أن سبب عدم عودتهم هو خوفهم من بطش نظام الأسد، وبالدرجة الثانية خشيتهم من فرض هذا النظام جزية على من تخلّف عن الخدمة العسكريّة، وبالدرجة الثالثة فرض التجنيد مجدداً عليهم، وبالدرجة الرابعة بسبب عدم وجود البنى التحتية. هذا يدل عملياً أن كل الأسباب التي تمنعهم من العودة سببها هذا النظام تحديداً. فما الجدوى من التواصل مع هذا النظام في هذه المسألة، وبشار الأسد يشكل أكبر عائق بوجه عودتهم؟ المسألة بالنسبة إلينا ليست في أننا ضد أو مع التعاطي مع هذه النظام، وإنما مسألة جدوى. ولا نريد أن يتم استغلال ملف عودة النازحين من أجل تبييض صفحة بشار الأسد وتعويمه من دون التوصل إلى حل هذا الملف وعودة النازحين. نحن نتمنى أن يُضغط على بشار الأسد من أجل إعادة النازحين، ونرى أنه لا يمكن سوى لروسيا القيام بذلك. لذلك أدعو فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون خلال زيارته روسيا إلى الطلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الضغط على بشار الأسد من أجل إزالة المعوقات أمام عودة النازحين.

السابق
الملك وولي العهد السعودي يعزيان ترامب
التالي
إسرائيل: صفقة القرن ستفشل!