لقمان سليم: هذا المعرض مديح للاختلاط اللبناني في معرض الذَّمّ!

لم تكن مؤسسة "أمم للتوثيق والأبحاث" يوماً – وعلى ما يُظهر تاريخها الثقافي والمعرفي – إلا مؤسسة منحازة، وبكل ما تعني هذه الكلمة من معنى إيجابي، إلى إحقاق حقّ اللبنانيين كافة، في بناء وطنٍ حقيقيّ، وطن لكل أبنائه على السواء، لا بل هي، ومن موقعها المسؤول والجادّ تحضّ اللبنانيين، وبمناسبة وبدون مناسبة، على بناء وطن الحقّ والخير والعدالة الاجتماعية، وطن المواطنة الراسخة، لا "الموسمية" و"الشعاراتية.

وضمن هذا التّوجُّه الإنسانيّ الخلاّق، الجامع والموحِّد، يأتي المعرض الجديد، الذي تقيمه حالياً “أمم للتوثيق والأبحاث” في مركزها الدائم “الهنغار” القائم في محلّة “حارة حريك، قرب “مسجد المهدي”. وهذا المعرض الذي يحمل عنوان: “…ولبنانيّون أيضاً ولبنانيّات/ في مديح الاختلاط اللبناني (أفكار واقتراحات على المُجرّب/ معرض بتوقيع أُمم للتوثيق والأبحاث)” هو مستمر – وبتمديد مدّته – من الأربعاء إلى الأحد من كل أسبوع من الرابعة عصراً إلى الثامنة مساءً إلى آخر يوم من آذار 2019. وهنا حوار أجريناه حول هذا المعرض مع الأستاذ لقمان سليم، من “أُمم للتوثيق والأبحاث”.

مؤسسة أمم

* بداية لو تسمح بتقديم نبذة مختصرة جداً للقارئ (والقارئة)، عن “أُمم للتوثيق والأبحاث”.

“أمم…” هي مؤسسة تُعنى – بشكل أساسي – بالعمل التّوثيقي والبحثي، البحثي بالمعنى الفني للكلمة، أو بمعنى الجمع بين الشُّغل الأكاديميّ والتّعبيرات الفنيّة، و”أُمم” اليوم، أصبح ما يزيد على العشر سنوات، في رصيدها شُغل كثير عن المُواطن، ذات الصلة بلبنان، وبغير لبنان. ومن أجل أن يُوضع هذا المعرض الموجود في “الهنغار”، في إطاره الصحيح، فإني أود الإضاءة على نقطة بسيطة، متمثلة في أن هذا المعرض هو جزء من مشروع أكبر عنوانه: “على الرَّحب والسِّعة! (لبنان في لاجئيه). هذا المشروع عبَّر عن نفسه من خلال مجموعة من اللقاءات والنّدوات، كما من خلال مجموعة من المطبوعات.

وهذا المشروع يُنَفَّذ بدعمٍ من “معهد العلاقات الثقافية الخارجية الألماني “IFA”. هذا هو الإطار العام لهذا المعرض ولهذا المشروع.

“أيقونات: مقدّسة… وأيقونات ملعونة

* ماذا يحاول هذا المشروع أن يقول؟

بكل بساطة، هذا المشروع ينتفض في وجه الخطاب العنصريّ، الإقصائي، اللبنانويّ الغبيّ، من خلال الإضاءة على مجموعة من الشخصيات التي تُنزلها الذاكرة اللبنانية في منزلة “الأيقونات” سواء الأيقونات المقدسة؛ أم الأيقونات الملعونة. مركّزاً على، أصول هذه الشخصيات – الأيقونات غير اللبنانية. والشخصيات المُختارة، تُحاول ان تُمثّل، على أوسع دائرة، فمن عدادها: فخر الدين الذي يُعتبر مؤسِّس الكيان اللبناني، ومنها فيروز التي يريدها البعض سفيرة للبنان إلى النّجوم. كما فيها – (في هذه الدائرة) – القَوّادة عفاف التي هزَّت أركان الجمهورية اللبنانية، في الخمسينيات، أو الشَّقي الأرمنيّ غارو الذي أغنى الذاكرة اللبنانية. وإني أشير إلى أن هذا المعرض سوف يبقى إلى آخر آذار 2019.

لبنانيون أيضاً

* هل يحتاج الاختلاط اللبناني إلى مديح، أصلاً؟ ولماذا برأيكم يحتاج اللبنانيون، دائماً أبداً إلى مديح لينجحوا في ما يُعرف بـ”العيش المشترك”؟

هذا المعرض مديح للاختلاط اللبناني في معرض الذَّمّ، أعني ذَم كل أولئك الذين لا يرون إلى لبنان، إلا من خلال تصوّراتهم الرِّيفية البلديّة الضيّقة. ومن نكد الدنيا على لبنان أن عدداً ممن يتولّون أمرهُ اليوم، هم من ذوي النظرات الريفية الضيّقة.

اقرأ أيضاً: فنان سوري رسم بالحجارة ورُمي بها

رسالة مباشرة ومساحة تأمُّل

* “أفكارٌ واقتراحات على المُجَرَّب”، ما هي طبيعة هذه الأفكار وهذه الاقتراحات؟ وما المقصود بعبارة: “على المُجَرَّب”؟

بكل بساطة، إن هذا المعرض، فضلاً عن رسالته المباشرة، يحاول أن يكون مساحة تأمُّل في ما عناه، وفي ما يعنيه اليوم، أن يكون الواحد والواحدة، لبنانياً أو لبنانية. فهذا التأمّل (وهذا فيما يتعلق بعبارة “على المُجَرَّب”)، يقودنا إلى أن نفحص الأطوار المتعددة التي مرت بها الهوية اللبنانية؛ وهذا التأمّل إنما يُثبت أن هذه الهوية مفتوحة على كل الاحتمالات، وأن تجنيس غير اللبنانيين بالجنسية اللبنانية، لم يُغيّر، يوماً، من الطبقية التعددية لهذا البلد، وعلى الأرجح لن يُغيِّر في المستقبل، وهذا ما يُثبت فساد كل الدعوات التي تُصَوِّرُ اللاجئين بصورة الخطر الوجودي.

توقيع معتمد

* لماذا أطلقتم على هذا المعرض سمة أو إشارة “بتوقيع أمم للتوثيق والأبحاث”، او لماذا استبعدتم تسمية هذا المعرض بشكل مباشر مثلاً: “معرض أُمم للتوثيق والأبحاث”؟

نحن، دائماً، نعتمد هذه الصِّيغة، فكل ما تقوم به “أُمم”، ينزل منزلة النصّ، وكل نص لا بد له من توقيعه.

السابق
الإعمار في سوريا قادم من بوابتي طرابلس… وحزب الله
التالي
معركة محاربة الفساد… تصفية حسابات سياسية