مشروع برّي بمقايضة المياه اللبنانية بالكهرباء الأردنية… واقعي أم خيالي؟!

في إطار توسيع العلاقات وسبل التعاون بين لبنان والأردن، أتت زيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عمّان ولقاءه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بطرح جديد يعني ملف الكهرباء.

فخلال اللقاء، أشار العاهل الأردني إلى وجود فائض في الكهرباء لدى الأردن، فردّ بري قائلاً أن لدى لبنان فائض من المياه، مستوضحًا سعر الكهرباء إذا ما أراد لبنان أن يستفيد منها، فرد الملك الأردني قائلًا: “نحن نرحّب بذلك فلديكم فائض من المياه وبالمستطاع أن نبادلكم الكهرباء بالمياه”.

هذا اللقاء تناول أيضاً عرض لقضية النزوح السوري، المشتركة بين البلدين، بالإضافة لملف ترسيم الحدود البحرية الذي حمّله بري للملك عبدالله لطرحه مع الأميركيين عند زيارته لواشنطن، إلا أن موضوع مبادلة المياه بالكهرباء حاز على اهتمام الساحة اللبنانية.

وعلق النائب في تكتل “لبنان القوي” فريد البستاني على الموضوع، معلناً في تغريدة على تويتر، “التأييد الكامل لكل ما جاء على لسان دولة الرئيس نبيه بري في عمان لا سيما الفكرة التي طرحت مع جلالة الملك عبدالله عن تبادل فائض الكهرباء الأردني بفائض المياه اللبناني، وكذلك ضرورة مساعدة عمّان لحماية الثروة النفطية اللبنانية من الأطماع الإسرائيلية”.

فهل يمكن لهذا المشروع أن يتم وهل فعلاً لدينا فائض مياه؟

توضيحاً لموضوع ثروة لبنان المائية، أطلعنا العالم الهيدروجيولوجي الدكتور سمير زعاطيطي، في حديث لجنوبية، على أرقام شاملة تخص نسب المياه على أنواعها، حيث قال أن الهاطل المطري لدينا جيد ويقدر ب9 مليار متر مكعب بالإضافة لمليار ناتج عن الثلوج، بحسب تقارير الأمم المتحدة للتنمية. وهذه النسبة تهطل على مساحة لبنان، مما يجعلنا بلد المياه الأول في الشرق الأوسط، بحسب دراسات قامت بها البعثة الفرنسية سابقاً.

وأضاف أن جبالنا هي المخازن الحقيقية للمياه، وهذا ما أكده تقرير للأمم المتحدة عام 1970، ورغم أن التقرير قديم إلا أن هذه النتائج لا تتغير مع الوقت بعكس ما يظن البعض، إلا أن الدولة منذ ذلك الحين الى يومنا هذا لم تنتج شيئا في هذا المجال، ومن يعمل بهذا الخصوص اليوم لا يملك الخبرات المطلوبة.

وأشار زعاطيطي الى أن طبيعة لبنان الجبلية المتمثلة بسلسلة جبال لبنان الشرقية والغربية، تستقبل كل السحب المشبعة بالمياه، ويساعدنا موقعنا الجغرافي بذلك. وأوضح أن 40% من الهاطل المطري تتوزع على شكل مياه جوفية تتخزن في الصخور، ونمتلك حوالى 3 مليارات متر مكعب سنوياً من المياه الجوفية الجديدة ومتجددة، إلا أن السؤال يبقى عن كيفية استثمار هذه المياه.

وأكد أنه اذا كان هذا الطرح بين لبنان والأردن قابل للتنفيذ، سيستفيد منه لبنان، إلا أننا لا نعرف تفاصيله بعد وعن أي مياه قصد الرئيس بري، فإذا قصد مياه الليطاني، فهذا غير ممكن على الإطلاق، لأن الليطاني ملوث بشكل كبير جداً وبحاجة لسنوات طويلة للتعافي.

وقال: “الجانب الأردني يفهم كثيراً بموضوع المياه، ونقل لي أحد العلماء الأردنيين المختصين قوله أنه لو يملك الأردن نصف كمية الهاطل المطري التي لدى لبنان، لكان حل جميع مشاكله المائية”.

وأضاف: “الفارق بين لبنان والأردن هو فائض المياه الذي نملكه، إنما المشكلة تكمن وللأسف بالسياسة المائية الكارثية المتبعة في لبنان، والبعيدة عن العلم، والتي تهدف فقط لجني الأموال الطائلة من المياه لجهات معينة”.

واستبعد زعاطيطي أن يكون الرئيس بري طرح تبادل المياه الجوفية لأن هذه الثروة مخفية وقليل من يعلم بها، ولا يمكن الإعتماد على تنظيف الليطاني بشكل سريع لمبادلة مياهه بالكهرباء، لأن النهر يحمل بكتيريا خطيرة جداً وهي “السيانو بكتيريا”، سبق لأحد العلماء أن حذر منها منذ 20 عام إلا أن أحداً لم يحرك ساكناً.

اقرأ أيضاً: لا فساد في لبنان…

وقال: ” المشكلة أيضاً هي أن السموم الموجودة في الليطاني مترسبة في الصخور التي في قعره، وبالتالي حتى لو تم تنظيف المياه، كيف ستخرج السموم من الصخور؟”.

أما إذا كان الهدف هو المبادلة بمياه الحاصباني، فقال زعاطيطي: “إسرائيل تضع يدها على نسبة منه وهناك اتفاق على ذلك”.

وأشار أيضاّ الى أنه علينا أن نسأل عن نوع المياه التي تريدها الأردن، فإذا هم بحاجة الى مياه للري، فبامكانهم الاستفادة من مياه السيول بتجميعها في مكان وأخذها بطريقة معينة، هي تعتبر مياه سطحية.

وقال: “مياهنا السطحية المتوزعة على الأنهار تعاني من التلوث، أما إذا كان النقاش قد طال المياه الجوفية، فإنه من الأجدر أن نستخرجها نحن وتستفيد كل مناطقنا منها أولاً ومن ثم نفكر بمبادلتها”.

السابق
جلسة حول اللامركزية الإدارية في بلدة الروضة – الضنية
التالي
ذكرى الدكتور يوسف مروة.. عندما يموت العلماء بصمت