برنامج «رغبة وإرادة» يدخل ضمن مشروع بسمة الدولية للحق في التعليم

التعليم
يعتقد أصحاب العقول المستنيرة ان العلم يفتح الطريق امام تقدم المجتمع وتطوره، والتعلم هو الوسيلة التي يكتسب الانسان المعرفة والعلم من خلالها. ولكن ماذا يفعل من منعته الظروف والحروب من اكمال دراسته وابعدته عن طريق التعلم؟ وهل يمكن ان يعوض ما فاته؟

تقول سيريانا العطار (لبنانية 34 عاما”): “تركت مقاعد الدراسة منذ سنوات بعيدة، اعمل في محل بقالة للعائلة. أخبرتني احدى الصديقات عن هذه المدرسة التي تستقبل التلامذة من مختلف الاعمار وممن فاتهم قطار التعلم، حالياً أدرس لنيل شهادة البريفيه، وحتما ساكمل تعليمي وصولا الى الجامعة، العلم هو أساس كل تطور وهو طريق الخلاص من التخلف، والشهادة العلمية هي اثبات وجود”.

وتضيف العطار: “أحاول اقناع كل من يحيط بي من أفراد العائلة او الاصدقاء أن كل انسان قادر على التعلم مجددا، وإكمال ما فاته من معرفة وعلم”.

أما نوال عباس (لبنانية، 45 عاما) فقد تركت لبنان قبل الانتهاء من المرحلة الثانوية بسبب الزواج. وعادت مع اربعة ابناء شباب.

تروي نوال ما حصل معها فتقول: عدت من فنزويلا قبل عامين، وجدت نفسي بعد ربع قرن من الاغتراب اني جاهلة علميا وبحاجة لاكمال دراستي. بعض أبنائي وقف الى جانبي والبعض الآخر اعترض على خطوتي. ومع ذلك اقدمت على الالتحاق بالصف الثانوي النهائي بقصد اكمال الدراسة الجامعية. وفي المدرسة بدأت التعرف على نفسي مجددا واحب حياتي. الى جانبي في المدرسة تلاميذ من جنسيات مختلفة تجمعنا ظروف مختلفة ايضا، لكنها كلها منعتنا من اكمال الدراسة. نحترم بعضنا ونتعلم من بعضنا. احلم بالنجاح ودراسة الاعلام والصحافة علّي اسلط الضوء على الظروف القاسية التي يعيشها امثالنا.

اقرأ أيضاً: حوار حول سيرة الغرباء في سوريا: «ليست رصاصة طائشة تلك التي قتلت بيلا»

والصدفة هي التي دفعت وفاء الغرباوي (سورية، 26 عاماً) وهي ام لطفلين للتسجيل واكمال الدراسة. فتقول: جئت لاسجل ابن عمي، لكني تسجلت بدلا منه. على الرغم من مسؤوليتي عن طفلين ووالدهما غائب عنا ولا ألقى اي تشجيع من الاقارب والاهل، لكني مصرة على استعادة ما فاتني من تعلم. احاول ان ادفع غيري لاكمال دراسته لكن معظمهم لا يهتم. تصمت الغرباوي لحظات قبل ان تبدي ملاحظة: اعتقد اننا بحاجة الى ساعات تدريس اكثر. احلم بالنجاح كي استطيع تغيير مسار حياتي.

جمعية “رغبة وإرادة”

هؤلاء نماذج من نحو اربعين امرأة ورجل عادوا الى مقاعد الدراسة في مدرسة خاصة تشرف عليها جمعية “رغبة وإرادة” التي تستخدم غرف التدريس في مبنى بلدية الشياح.

وتتحدث المديرة التنفيذية للبرنامج فيروز رمضان عن التجربة وتقول: “انه اول مشروع يسعى لتعليم من تسرب من المدرسة صغيرا ولم يعد بامكانه العودة اليها. أنها فرصة امامهم لانهاء المرحلة الثانوية. بدأنا مع عشرة تلاميذ والان صاروا أربعين من مختلف الجنسيات والاساتذة متطوعون لبنانيون وسوريون.

التعليم

لكن هذا العمل الشاق يواجه مشكلات عدة يحاول اسامة السلو (سوري، مدرس متطوع) الاشارة اليها: “ابرز المشكلات هي انقطاعهم عن التعلم فترة طويلة ما فرض عملية ترميم للمعلومات السابقة والبدء من جديد. الى جانب مشكلة التفاوت بالاعمارما يلزمنا بتقديم جهد اكبر، بالاضافة الى الضعف الواضح في اتقان اللغة الاجنبية”.

ويتفق معه المتطوع الآخر محمد ديركي الذي يضيف: “هناك مشكلة اخرى تتعلق بالنقلة ما بين الصف التاسع الى الصف الثاني عشر، ومعظم التلامذة يعمل ولا يجد وقتا كافيا للمتابعة مع انهم بحاجة الى ساعات تدريس اكثر”. وتشير المتطوعة لما حجازي(لبنانية) الى مشكلة يعاني منها التلامذة وهي كما توضحها: “الخوف من الفشل ما يجعل معظمهم بحالة توتر مستمر كما انهم بحاجة الى نشاط متنوع لتنشيط الذاكرة”.

وتشير الناشطة لمياء رمضان الى اهمية التعليم قائلة: “لا تنمية بدون تعليم. وحصول الناس على شهادات علمية يعني ان تغييرا حصل في حياتهم وامتلاك النساء العلم والمعرفة يعني توسيع الخيارات وتعددها، لكن نواجه مشكلة التمويل لهذا المشروع الذي لا أرى مشروعا اهم منه”.

لماذا تهتم مجموعة بسمة بهذا المشروع؟ توضح المديرة العامة لمجموعة بسمة الدولية غولشان صغلام: “بأنها تولي هذا البرنامج اهتماماً خاصاً كونه يدخل ضمن الحق في التعلّم خاصة الفئات المهمشة في المجتمع وللذين فقدوا الأمل في فرصة نيل الشهادة الرسمية، بحيث يعيدوا لهم هذا البرنامج الثقة بأنفسهم ويفتح لهم الطريق لنيل الشهادة الرسمية رغم كل الظروف من خلال دورات مجانية مكثفة تتناول مناهج وزارة التربية والتعليم العالي. وتؤكد صغلام بأن هذا البرنامج سيغطي قريباً جميع الأراضي اللبنانية وبأن الفرحة والبسمة لا بد أن تعود على وجوه من حالت الظروف بينهم وبين فرصة الحصول على الشهادة الرسمية.

السابق
حتى في محاربة الفساد… الأمر لحزب الله!
التالي
«ببساطة»: حلقات كوميدية قليلة الدسم