العرب بين مصيدتَيْ إيران وإسرائيل

زياد الدريس

ضمن التغريدات العديدة التي كُتبت في موقع تويتر تعليقاً على الذكرى الأربعين للثورة الإسلامية الإيرانية، كتب الزميل خالد الدخيّل هذا التعليق: ‏”في عتمة فشلهم أمام إسرائيل دخلت إيران بعُجرها وبُجرها إلى عقر دار العرب بشعار مقاومة إسرائيل. كالعادة انقسموا حول المَخرج: طرف يتوق تعويض الفشل بوهم التحالف مع إسرائيل، وآخر بوهم أن ايران ستحارب بالنيابة عنه وتحرر له فلسطين. متى يخرج العرب من عتمة هذا التيه السياسي؟!”.

بهذه التغريدة الموجزة استطاع د. الدخيّل أن يشخّص واقع المنطقة العربية المرتبك، منذ أن تعرضت للهزّتين الفادحتين: نشوء دولة إسرائيل على أرض فلسطين عام ١٩٤٨، ونشوء دولة ولاية الفقيه على أرض إيران عام ١٩٧٩م. وباتت مشكلة الدول العربية في واقعها الراهن، أن التي سَلِم منها من التغلغل الفارسي (الملتبس بالخمينية) لم يسلم من التغلغل الصهيوني، والعكس بالعكس. وقد حدث هذا التغلغل تحت ذرائع متنوعة ومخادعة، مثل الاستفزاع بالأخ على ابن العم، أو الاستنصار بالعدو الخفيف على العدو الثقيل، أو الحيرة والمراوحة بين أولويات العداوة والمواجهة!

اقرأ أيضاً: ما بعد «داعش»: في الدولة والدين والعلاقة بالعالم

تمدد هذان التغلغلان من دولة عربية إلى أخرى باستثناء دول محدودة، بل محدودة جداً، أوضحها السعودية التي اتكأت في ممانعتها لهذا التغلغل المشين على عنصرَيْ مقاومة هما:

أولاً: أن مانفست الثورة الإسلامية الإيرانية لا يمكن أن يزايد على إسلامية مهبط الإسلام ووجهة المسلمين بكل أطيافهم، وليس طيفاً واحداً فقط!

وإذا كانت إيران ستدّعي أنها قِبلة الشيعة، وفي الشيعة كثيرٌ ممن ينكر ذلك، فإن السعودية هي قبلة المسلمين جميعاً، سنّتهم وشيعتهم ومذاهبهم الأخرى كافة، وهذا واقع ملموس تؤيده الجغرافيا والتاريخ معاً.

ثانياً: أن بلاد الحرمين الشريفين لا يمكن أن تجلس مع محتلّ شقيقهما الحرم الثالث على طاولة مفاوضات (أو تنازلات كما فعل الآخرون)، قبل أن يتقرر مصير القدس والمسجد الأقصى. وقد بقيت السعودية بعيدة عن التعاون العسكري مع إسرائيل أو التعاملات التجارية مع دولة الاحتلال، وهي ترى الآخرين يفعلون هذا تحت الطاولة أو فوق الطاولة لمن لا يستحي، وينتفعون جرّاء هذه العلاقات دولياً بما يتجاوز النفع الإقليمي. رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها مناوئو الممانعة السعودية لجرّها عبر فخاخ ومقاطع وتصريحات وصور ملفّقة أو فردية لا تمثّل الرأي الرسمي السعودي.

وبعد، هل هي مصادفة أن يتم زرع إسرائيل استيطانية في المحيط العربي قبل ٧٠ عاماً، ثم يتم لاحقاً، قبل ٤٠ عاماً، زرع إيران استعمارية جديدة؟

وهل نتوقع خلال السنوات القليلة القادمة زرع نبتة شوكيّة ثالثة؟!

السابق
شباط يسلّم آذار الشُعلة والأمطار مستمرة حتى هذا الموعد
التالي
لبنان و«حزب الله»: لحظة الحقيقة