سوق الرايتينغ مزدهر: من يحتكر ويبيع مسلسلات أكثر؟!

الدراما
يراهن المنتج الدرامي عربياً على بيع مسلسله لأكثر قناة تلفزيونية متابعة، وبأفضل سعر ممكن، إلا أن الصيغة الإنتاجية في المنطقة العربية تختلف، وذلك بسبب بيع المنتجين لأكثر قدر ممكن، ولأكبر عدد ممكن من المسلسلات.

أي أن شهية المنتجين بمضاعفة أرصدتهم المالية لا تنتهي وهذا ما يظهر من خلال عدد المسلسلات التي تنتجها شركة معينة، وقد سبق وصل ذلك إلى أرقام قياسية كتسلّم منتج واحد لدفة صناعة 12 عمل درامي في موسم واحد.

هذا التدفّق الغزير للأعمال التلفزيونية، ينعكس بدوره على أفق صناعة الدراما كمنتج وطني يدخل في نطاق الورادات التجارية وبالتالي يعود بالأثر الإيجابي على قطاعات اقتصادية عديدة وخاصة قطاع السياحة. وفي رصد لعائدات الدراما التركية مثلاً على الاقتصاد الوطني فهي مرشحة لبلوغ المليار دولار بحلول عام 2023، وهذا يناقض الواقع الاقتصادي المترنح تحت أخطاء سياسة حكومات المنطقة العربية، حيث ما زال المنتج يفكر بعيداً عن رؤية الحكومة ودون التفكير بأثر الدراما على مزاج الشارع، يقابل ذلك تقصير من الحكومات في ضخ الموارد لهذه الصناعة ما يرفع من سوية الإنتاج ويؤثر بالطبع على العائدات الاقتصادية للدراما على خزينة الدولة.

اقرأ أيضاً: «الستاند أب كوميدي» والبحث عن الرايتينغ من الجنس إلى قشرة الرأس

وبينما يسيطر القطاع الخاص على صناعة الدراما العربية، برز في السنوات الأخيرة أسماء قليلة من المنتجين يسعون لضم نجوم الصف الأول في مصر ولبنان وسوريا تحت جناحهم، ما يعني تحول مفهوم المنافسة من شركة تنافس شركة اخرى، ومن منتج ينافس نفسه بين سلّة الأعمال التي يقدّمها، وهذا ما يخفض الروح التنافسية طالما المنتج نفسه هو المحتكر والرابح بكافة الأحوال.

وفي ذات الوقت لن يعمل المنتج المحتكر على ضرب سمعة مسلسل ينتجه على حساب مسلسل آخر، فيندفع للموازنة بين الأعمال المنتجة بجمع نجم مشهور مع وجه نسائي جديد أو العكس. فليس بالغريب أن يجتمع كلاً من تيم حسن وعابد فهد وقصي خولي وسيرين عبدالنور وندين نجيم لدى منتج واحد هو صادق الصبّاح، والذي بدوره يخطط لاحتكار مجموعة جديدة من النجوم لعام 2020. أما الأثر الرجعي لهذا الاحتكار هو خسارة الدراما المحلية السورية أو اللبنانية لهؤلاء النجوم طالما تبتعد الدراما المشتركة عن مناقشة قضايا الشارع ومقاربة الواقع السوري أو اللبناني المتأزم بصدامية. وذلك يعود لارتباط هذه الشركات بعقود تسويق مع شبكات فضائية كبرى لا تتشجع لمناقشة قضايا إشكالية وخاصة المرتبطة بفساد الأنظمة واقتصاد المجتمعات المسحوقة، بل يقتصر نطاق طروحاتها بتصوير المجتمعات المخملية المرفّهة، أو قصة صعود البطل المعدم الفقير إلى الثراء.

اقرأ أيضاً: بالصور: الجزء الثاني من الهفوات الاخراجية في مسلسلات رمضان

لا مشكلة لدى المنتجين إذاً بالترويج للحشيش، أو للاتجار بالسلاح، أو لتصوير المجرم على أنه بطل طالما تسويق العمل يتطلب ذلك وطالما لا يزعج أو يؤرق فكر الممّول. وبذلك يتحول الفكر الإنتاجي إلى عملية تنفيذ بدل الصناعة وتفتقر الشركات بدورها إلى نموذج ورِش الطاولات التي بدورها تبني النص الدرامي من ألفه إلى يائه. وحدها مصر تغرّد في بعض التجارب خارج هذا السياق كون بعض الشركات تكتفي بالسوق المحلي ويهمها بشكل أو بآخر استقطاب اهتمام الشارع نحو قضية ما، دون أدنى شك في لعب السلطة دوراً بارزاً في ذلك.

فأين ينفصل المنتج المحلي عن الارتباط الإقليمي، وما مدى استقلالية قراره الإنتاجي عن رؤية الحكومة. أسئلة تدخل في صلب الإنتاج لترجح كفة الربح على أي منطقٍ آخر، الربح بعيداً عن أي منطق في أهمية الدراما كصناعة وطنية أولاً، وكفن مؤثر ثانياً.

السابق
عندما يُمنع الفقراء في لبنان من بيع الكعك!
التالي
جبق استقبل وفداً من عرسال للاطلاع على ملف بناء مستشفى