عون يتجاهل مجلس الوزراء ويفجّر أزمة صلاحيات: أنا أحدد مصلحة لبنان العليا

لم يمرّ الموقف الذي اتخذه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من مسألة النازحين والعلاقة مع النظام السوري مرور الكرام، في جلسة مجلس الوزراء الأولى للحكومة العتيدة أمس خصوصا مع كلامه الذي فهم منه وكأنه يريد اختصار الصلاحيات بشخصه، فأعاد كلامه فتح أزمة صلاحيات بين الرئاستين الاولى والثالثة.

كان لافتاً كلام رئيس الجمهورية قبيل رفع الجلسة، وضع فيه الجميع امام مسؤولياتهم، غامزاً من قناة الذين يتلكأون في اتخاذ موقف واضح من العودة الفورية للنازحين. فقال: «إنّ النأي بالنفس حسب مفهومنا، هو عمّا يحصل في سوريا وليس عن مليون ونصف مليون نازح سوري يعيشون في لبنان، ما ألحق تداعيات اقتصادية واجتماعية وانمائية وأمنية أثرت على أوضاعنا».

وتابع: «دول عدة اليوم، ولا سيما منها الدول الكبرى تتواصل مع الدولة السورية ورئيسها… فلماذا لا يتواصل لبنان لحل أزمة مليون ونصف مليون نازح سوري على أرضه؟ «قاعدين ببيتي… شو بترك وبفلّ!».

وحسم عون قائلاً: «أنا أعرف مصلحة لبنان العليا وأنا أحدّدها، وأنا في مركز المسؤولية وهذه صلاحياتي، لأني الوحيد الذي أقسمت يمين الحفاظ على الدستور وقوانين الأمّة وسلامة الأرض والشعب، وأرسيت توازناً وطنياً حتى نحقق الاستقرار ونعيد بناء لبنان من جديد. هذا هو مفهومي للمصلحة الوطنية العليا، وأنا مسؤول تجاه شعبي».

اقرا ايضا: وزراء الممانعة يهشّمون «النأي بالنفس» ويهمشون رئاسة الحكومة

وليلاً، قالت مصادر قريبة من رئيس الحكومة لـ«الجمهورية» إن نص الدستور واضح لجهة إناطة السلطة الإجرائية في مجلس الوزراء مجتمعاً، وهو الذي يرسم السياسة العامة للدولة في المجالات كافة.

أزمة صلاحيات

ونقلت صحيفة “النهار” عن مصادر سياسية تأكيدها أن أحداً لا يريد النقاش في صلاحيات رئيس الجمهورية بما قد يوحي باي محاولة للحدّ منها، فان الاوساط نفسها لفتت الى ان ذلك لا يعني في المقابل تجاهل خطورة التمادي تكرارا في تفسيرات واجتهادات مغالية للطائف والدستور بما يشكل مشروع توتر ونزاع لا ضرورة لهما ولا جدوى منهما. فتجربة تشكيل الحكومة لا تزال طرية والمسائل المتعلقة بالصلاحيات غالباً ما كانت مؤشراً سلبياً ساهم في تأخير ولادة الحكومة وزاد حالة الشكوك بين المراجع والقوى السياسية.

واكدت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” ان موقف الرئيس عون في مجلس الوزراء كان واضحا ومباشرا وهو لم يتعد فيه على اي صلاحية دستورية إنما كان ملتزما بالمادتين 49 و50 من الدستور وليس المقصود بالموقف ايضا اي التفرد خصوصا ان كلامه يتصل بحقيقة انعكاسات ملف النازحين السوريين على الوضع اللبناني.

وشددت المصادر على ان رئيس الجمهورية صارح بأن هذا الملف يستدعي التنسيق مع سوريا التي تشهد امانا في اغلبية المناطق باستثناء البعض.

ولفتت المصادر الى ان البطريرك الماروني اشاد بالموقف الرئاسي وباستشهاده بزعماء من التاريخ وتعاطيهم مع القضايا.

واكدت المصادر ان مجلس الوزراء المقبل أمام اختبار اخر ولذلك لا بد من رصد بعض المواقف والاتصالات للتهدئة وفصل عمل الحكومة عن القضايا السياسية.

لا مواجهة بين بعبدا وبيت الوسط

كما رفضت مصادر وزارية مقرّبة من بعبدا لصحيفة الجمهورية ان تكون هناك مواجهة بين قصر بعبدا وبيت الوسط حول الصلاحيات، وقالت: «انّ رئيس الجمهورية قام بواجبه في مداخلاته في مجلس الوزراء، وانّ مجرّد العودة الى المادتين 49 و50 من الدستور يسهّل الأمور. فهو الوحيد الذي اقسم على الدستور ولا تنتقص من صلاحيات أحد ولا رغبة بتجاوز صلاحيات احد. فهو مارس صلاحياته من خلفية وطنية تجاه قضية وجودية لا تتصل بموضوع النأي بالنفس، والتي تعني بالنسبة اليه عدم التدخّل في الشؤون السورية الداخلية او اي دولة أخرى ونصرة فريق على آخر».

أضافت “اما الموضوع المطروح الآن فهو يتصل بمصلحة وطنية لبنانية متعلقة بمصير عدد كبير جداً من النازحين (معلومات أمنية تفيد انّ عدد النازحين في لبنان بلغ مليونين و285 الف نازح) وقد بلغت تردداتها المدى الخطير، فهم يتشاركون في ارض ومياه وكهرباء وعمل اللبنانيين، في بلد بلغت نسبة البطالة فيه اكثر من 43%، ومن الواجب ان يعودوا الى ارضهم التي باتت آمنة ولم تعد هناك سوى جيوب صغيرة على الحدود السورية – التركية، وانّ المساعدات التي تقدّمها الجهات الدولية يمكن ان توفرها لهم حيث يكونون”.

إقرأ أيضاً: السنيورة : نتمنى على حزب الله التزام سياسة النأي بالنفس

وأضافت المصادر “الموضوع لا يتصل بصلاحيات احد، وانّ البحث مع السوريين لا يتعدى قضية عودة النازحين، ولا نناقش معهم في اي ملف آخر لا بسلطة الرئيس الأسد او بالمعارضة، فهي من الشؤون الداخلية السورية التي لا تعنينا. وانّ السوريين وعدوا بالمساعدة ولن يوفروا جهداً في ذلك”.

مواقف منتقدة

من ناحيتها أكدت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية مي شدياق بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا، أن “لا خلاف على مسألة عودة النازحين السوريين، لكن الخلاف هو على مسألة العلاقة مع النظام السوري، متناسين اتهامه لرئيس الحكومة بالارهاب”.

وأشارت الى أن “الرئيس الحريري ممتعض من هذه المسألة ولم يشارك في النقاش السياسي.

وقد احتدم النقاش عند هذه النقطة ولم يعط اذن الكلام لوزراء الحزب التقدمي الاشتراكي والوزير الياس بو صعب”.

كما غرد النائب محمد الحجار:

ربما من المفيد التذكير بنص المادة 64 المعدّلة بالقانون الدستوري الصادر في 1990/9/21:

” رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة يمثلها ويتكلم باسمها ويعتبر مسؤولآ عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء”.”

 

السابق
«حادث الحذاء» يكلف نايكي ملياري دولار
التالي
طبيب يعاين طفلة و«يقتلها» بعد دقائق