السيد الأمين: لهذه الأسباب يمكن إباحة الزواج المدني في لبنان

المعروف عن سماحة العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الأمين، انه متفرّد من بين علماء الدين المسلمين في مناصرة الزواج المدني رغم بعض الملاحظات، ومع ارتفاع حدة السجال في لبنان حوله إثر اعادة طرح اقرار الزواج المدني الاختياري من قبل وزيرة الداخلية ريّا الحسن، كان لا بدّ لنا من العودة لنقاش هذا الموضوع مع سماحة السيّد.

يوضح السيد الأمين بداية انه “إذا كان المقصود من الزواج المدني هو إجراء العقد الزوجي أمام هيئة غير دينية، فالزواج في الإسلام هو عقد يجوز إجراؤه دون وجود سرّ ديني مقابل السرّ الكنسي كما هو الحال عند عند المسيحيين. ولكن الزواج الإسلامي تنشأ عنه آثار لا بد من الالتزام بها، وبالتالي فإن الاعتراضات الواردة على الزواج المدني سواء من حيث الإرث، أو من حيث الأحكام المتعلقة بالرضاعة أو لجهة زواج غير المسلم من مسلمة، فإنها اعتراضات سليمة صحيحة، ولكن يمكن تجاوزها بشروط يحتملها عقد الزواج نفسه، أو انها تعود لمرجعية القانون الوضعي الذي يحكم العقد الاجتماعي في بلدنا ويجعل الناس متساوين تحت احكامه بغض النظر عن الجنس والدين”.

اقرأ أيضاً: رفض إسلامي حاد لـ «الزواج المدني» وحزب الله يفصح عن رأيه

ويشرح السيد الأمين بقوله ان “الزواج الإسلامي يجيز إدراج شروط متبادلة بين الزوجين وتكون هذه الشروط ملزمة للطرفين، كما في مسألة تعدد الزوجات، فللمرأة الحق ان تشترط على زوجها في العقد ان لا يتزوج بامرأة غيرها ويبقى العقد اسلاميا، وإن كان به شروط تتنافى مع عقد الزواج الإسلامي ومستلزماته فإننا لا نعتبره زواجاً إسلامياً، ولكنه معترف به وموجود، مع العلم أنه هناك كثير من الزيجات المدنية قائمة، وإن كان إبرامها يتم خارج لبنان، فنحن لا نمانع أن يكون الزواج المدني اختياريا في بلدنا”.

وعن توقيت طرح الزواج المدني والسجال الحاد الذي يدور حوله بين مؤيد ومعارض حاليا في لبنان، يقول السيد الأمين: ” لا يفوتنا أن طرح إشكالية الزواج المدني غالباً ما يأتي لأسباب سياسية، لتغطية أزمات اجتماعية واقتصادية تقف الدولة منها موقف المتجاهل وتتيح للبعض أن يثير مشكلات ليست محل أهمية، وهكذا نلاحظ أن مسألة الزواج المدني تطرح الآن ولبنان يعبر أزمة سياسة واقتصادية واجتماعية هي أولى أن تكون محل نقاش وحوار بين المكونات اللبنانية، ولا أرى أي داع لمثل هذه الحدة في طرح موضوع الزواج المدني، إذ أن الدولة ليست قيمة على أديان الناس ولكن قيّمة بالضرورة على مصالحهم الاجتماعية والخدماتية وعلى الدولة أن تتوجه إلى هذه المشاكل الحياتية الملحة وتقدم الحلول لها”.

اقرأ أيضاً: السيّد الأمين: الزواج في الإسلام هو «زواج مدني»

ويؤكد السيد الأمين في نهاية حواره حول الزواج المدني “أن الدولة في لبنان أساساً ليست دينية، هي من حيث التوصيف “علمانية”، وطائفية من حيث الشكل، فيما الدين يمنع أن تكون دولتنا دولة مواطنة. هذه المسألة تنشأ بين فترة وأخرى في لبنان، وتتعددد المواقف والآراء تجاهها وصولاً إلى حد التطرف أحياناً، أي تكفير المتزوج مدنياً من المسلمين، وبالخلاصة نحن نقول أن الزواج هو عقد يشترط القبول من الطرفين وأن الأحكام الشرعية التي تنجم عن هذا العقد لا بد من الالتزام بها، فيصبح الزواج هنا، إذا صح التعبير نصف مدني، وليس مدنياً بالكامل، لبنان ليس دولة دينية وشعبه من عدة طوائف، ولذلك فإن قانونه الوضعي غير منزل كالشريعة، وإنما هناك جهات في النظام السياسي تسمى السلطة التشريعية، فالقانون مدني باستثناء قوانين الأحوال الشخصية التابعة للطوائف، فإذا نشأ فريق أو حزب سياسي لا يريد أن يلتزم بتعاليم الشريعة فهو أمر مباح وفق القانون، وبالتالي فإنه لا إكراه في الدين، ونحن لسنا قيّمين على معتقدات الناس ولا يجوز لنا ذلك، ولكن ندعوهم للالتزام بأحكام الدين، فالله يخاطب الرسول(ص): “ذكر إنما أنت مذكر، ليست عليهم بمسيطر”.

السابق
الفساد في «مستشفى الفنار» أم في صفقة عقار المستشفى؟!
التالي
تعليمات للحسن لمواجهة حالات الانتحار