لماذا لا تبني إيران محطة كهرباء في الضاحية الجنوبية إذا أرادت المساعدة؟

احمد عياش

عندما سئلت اوساط رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في الايام التي سبقت نيل حكومة الحريري الثالثة ثقة مجلس النواب، عن اولويات العمل الحكومي الجديد أجابت: “الكهرباء ثم الكهرباء ثم الكهرباء”. وبطريقة مشابهة أعلن الرئيس الحريري نفسه في مداخلته التي أختتم فيها مناقشات النواب في جلسة الثقة يوم الجمعة الماضي: “بكل ثقة أقول: سنة 2019، هي أيضا سنة إيجاد حل جدي للكهرباء. وإذا لم يحصل ذلك،نكون قد فشلنا جميعا: الحكومة والمجلس (النيابي) والعهد”. فهل “سيدعون رئيس الحكومة ينجز هذا الوعد” ،كما سألت اوساط وزارية عبر “النهار”؟
من تابع كلمة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في “مهرجان ذكرى الشهداء القادة” السبت الماضي ،لفته إستفاضة الاخير في الحديث عن موضوع الكهرباء الذي وصفه بإنه “أزمة حقيقية”. وبعد عرض مطوّل، أعاد نصرالله الى الاذهان “خطة” نقلها وزير الطاقة محمد فنيش عام 2006 الى إيران التي “إستجابت” لها، لكن “الحكومة اللبنانية في ذلك الحين” قالت “أبدا أبدا، إيران!” وفق نصرالله الذي خلص الى القول: “حسنا أخي على مهلك، نحن قدمنا عرضاً ومنعتم، أئتونا بعروض من أصدقائكم، أتينا بأصدقائنا فرفضتم، أئتونا بأصدقائكم ولن نرفض”.

اقرأ أيضاً: إيران وابتزازنا بإسرائيل

طبعا، بقي كلام الامين العام ل”حزب الله” في موضوع الكهرباء وغيرها خارج المناقشة ولو من باب التوضيح. غير ان هذا الغياب، لم يلغ تسجيل ملاحظات اولها من اوساط ديبلوماسية معنية بمؤتمر “سيدر” الذي رسم خريطة طريق لمعالجة هذا الملف المزمن فسألت عبر “النهار” عن التكنولوجيا التي تستخدمها إيران لتوليد الكهرباء في الجمهورية الاسلامية نفسها؟ وحددت سؤالها أكثر: “ما هو ال Turbine Gas (محرك الغاز) الذي تستعمله طهران لتوليد الطاقة عندها؟” ولم يفت المراقبين، ان هذا السؤال ينطوي على توضيح ان إيران نفسها تتكل على الخارج في توليد الطاقة.
الانظار في الساعات الماضية إتجهت الى الاجتماع الاول الذي ترأسه الحريري بعد نيل حكومته الثقة النيابية، والذي شارك فيه ممثلون عن الصناديق العربية والأوروبية والدولية والمؤسسات المالية التي التزمت مساعدة لبنان في مؤتمر “سيدر”. وعلمت “النهار” من اوساط المجتمعين ان الغاية الاساسية للاجتماع، هو “إدارة محركات” تنفيذ المؤتمر، بعد توقف إستمر شهورا سبق تأليف الحكومة. ولفتت الى ان هناك قرارا أساسيا إتخذه فريق عمل الرئيس الحريري قضى بالتوفيق ما بين ما تعهدت به الجهات المشاركة في المؤتمر وبين توجيه هذه التعهدات نحو القطاعات التي يتطلع لبنان الى إطلاق ورش العمل فيها، وفي مقدمها، قطاعات الطاقة والطرق والنفايات. ويتكل الجانب اللبناني على دور أساسي للبنك الدولي الذي يمثل الجهة الابرز في المؤتمر ليكون “قائدا” يتولى توجيه المساهمات الاقليمية والدولية نحو القطاعات التي يركز لبنان الاهتمام بها.
لا تبدو القيادات السياسية غائبة عن معطيات “سيدر “الجديدة .وما تغريدة رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط عبر “تويتر” الاخيرة سوى نموذجا من هذا الاطلاع على المعطيات.فهو غرّد قائلا: “…أما الكهرباء ،فلنعد إلى عرض الصندوق الكويتي أو شركة Siemens مثلا. مشكورة الجمهورية الإسلامية (أي إيران)…”
في تحليل لشخصيات شيعية بارزة، ان كل ما يقال عن إستعدادت إيرانية لمساعدة لبنان ،لم يترجم في يوم من الايام الى أفعال .وتساءلت في معرض تعليقها على الكلمة الاخيرة لنصرالله: “لماذا لم تقدم طهران حتى الان لإثبات عزمها على مساعدة لبنان بإنشاء معمل لتوليد الكهرباء يغذي فقط الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل “حزب الله” الاساسي، ما يشكل نموذجا يحتذى به بعد إنجازه”؟ وقالت هذه الشخصيات: “عندما تسمح طهران لنفسها، بتوريد السلاح المتطور للحزب من دون الحصول على موافقة السلطات اللبنانية، فمن المفيد ان تفعل ذلك في مجال الكهرباء على سبيل المثال”.
لا يحتاج المرء للتفكير فيما تعده طهران لبنان ،كما فعلت منذ عقود ولا تزال. ووفق الخبراء، فإن طهران تعتبر هذا البلد، مسرح نفوذ لمواجهة إسرائيل والغرب بقيادة الولايات المتحدة الاميركية. وتوقف هؤلاء عند ما قاله بالامس وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف في مؤتمر ميونيخ للأمن: “بالتأكيد، بعض الناس يسعون للحرب… إسرائيل”، مشيرا إلى أن “خطر (الحرب) هائل، وسيكون أفدح إذا واصلتم التغاضي عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي”. وفي تحليل لما قاله رئيس الديبلوامسية الايرانية ، فإن الحرب التي تحدث عنها الاخير سيكون احد اهم مسارحها لبنان. وفي المقابل، كان لافتا دخول رئيس حزب “حوسين ليسرائيل”، رئيس هيئة الأركان سابقا، بيني غانتس، الحلبة الدولية للمرة الأولى. ففي خطابه الأحد الماضي ، في قمة ميونخ للأمن قال غانتس: “لن تحصل إيران على سلاح نووي في عهدي”، مناشدا الحضور “لا تصدقوا أكاذيب ظريف”، وذلك بعد أن قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إن خطر الحرب ضد إسرائيل كبيرة جدا.‎ ‎
عن أي كهرباء يمكن للبنان ان يحظى بها من إيران؟ في ضوء الخطر الكبير الذي لا يزال يتهدد لبنان من النفوذ الايراني على اراضيه، والتهديد الاسرائيلي المستمر لإقتلاع هذا النفوذ ،هل تريد إيران، إذا حسنت النوايا، ان تتفادى إنشاء معمل للكهرباء في الضاحية الجنوبية كي لا يكون هدفا عسكريا مقبلا لإسرائيل؟
ما يمكن قوله في ضوء التجارب، ان إيران لم تتعامل في يوم من الايام مع لبنان، إلا كمسرح عسكري. فهل تحدث معجزة وتغيّر طهران هذه النظرة بداية من قطاه الكهرباء؟

السابق
طقس متقلب هذا الأسبوع لكن «الايسلاندي» عائد..
التالي
إحصاءات غرفة التحكم: قتيلان و7 جرحى في 7 حوادث خلال الـ24 ساعة الماضية