جلسات الثقة… ثرثرة فوق صدر الوطن

مجلس النواب
وهكذا بعد أربعة أيام من "النقاش" نالت حكومة الرئيس سعد الحريري الثقة من مجلس النواب، وهي ثقة كانت مضمونة ومن "العِبْ للجيبة" كما يقولون.

فالحكومة شكلت كما هو معروف من كل الكتل الموجودة بالبرلمان سواء منها الأساسية أو الهجينة والمركبة التي ركبت لزوم الحرتقة السياسية وكسب الوقت ما يجعلها برلمان مصغر ويلغي مبدأ المراقبة والمحاسبة المنوط أساساً بمجلس النواب . من هنا يصبح السؤال مشروعاً عن لزوم مناقشة البيان الوزاري وتضييع الوقت على اللبنانيين في إستعراض تلفزيوني ممل كان أشبه بثرثرة فارغة فوق صدر الوطن الذي يئن تحت وطأة الأزمات والمشاكل في كل المجالات.

فبإستثناء نواب حزب الكتائب وممثلة حزب سبعة بولا يعقوبيان الذين سلكوا طريق المعارضة، تراوحت المداخلات بين إستعراضات بلاغية مكررة عن الفساد والحديث عن وثائق لم تُكشف كما حصل مع النائب حسن فضل الله، وبين إستعراضات عنترية أيضا مكررة وعقيمة كما حصل من النائب نواف الموسوي وهو ما حدا بالنائب محمد رعد للإعتذار عنها فيما بعد، بعد التضامن الذي أبداه النواب المسيحيون، وبين مشادات كلامية عديدة كان بطلها الأبرز النائب جميل السيد مع الوزير علي حسن خليل تارة ومع الرئيس الحريري تارة أخرى، في محاولة منه للظهور بمظهر النائب القوي العالي الصوت دون أي فائدة تذكر للناس، وكذا غيره من النواب الموالين الذين أدلوا بدلوهم وقاموا بدورهم “المرسوم” لهم على طريقة “شوفيني يا منيرة”.

اقرأ أيضاً: ‎العرب بين مؤتمرين…

وهكذا لم يخرج اللبنانيون بشيء مفيد ومحدد وجدي من جلسة الثقة التي هي كما أسلفنا لزوم ما لا يلزم . على أمل – ولو ضئيل نتيجة التجارب السابقة – أن يتحسن الأداء في الأيام المقبلة بحيث ينطلق عمل الحكومة بجدية وشفافية وإخلاص ، وأن يأخذ النواب أدوارهم الحقيقية بجدية أكبر خاصة وأن الأداء الحكومي والبرلماني سيكون تحت نظر ممولي برنامج سيدر ولأن البلد وبإعتراف الجميع لم يعد يحتمل نكايات وحرتقات أخذت من عمره سنين ضاعت هباء.

اقرأ أيضاً: حزب الله: وحده لا شريك له في لبنان

فبالرغم من أن نظامنا السياسي فيه من الشوائب الكثير مما لايسمح بإجتراح المعجزات، إلا أن الممارسة السليمة ولو بالحد الادنى من الشفافية والأمانة كفيلة بتحسين الوضع ودفعه للامام ووضعه على السكة السليمة والمتوخاة خاصة إذا حددنا لأنفسنا هدفا وعرفنا أي لبنان نريد، وما بين نموذجي دبي وطهران، ونموذجي الفندق والخندق دعونا نختار نموذج لبنان الرسالة الذي كان قبلة الشرق والغرب، لبنان الحرية والديمقراطية والإنفتاح على الآخر، ولنخرج من ثقافة الحرب وإفرازاتها وصراعاتها التي لا تنتهي. وهذا لن يتحقق إلا بعمل وجهد خارقين وبوجود أناس مخلصين لديهم رؤية مستقبلية وخطة لمكافحة الفساد الذي بات عميق الجذور في الإدارة اللبنانية التي تستمد بعض فسادها من فساد الطبقة السياسية التي تعيِّنها وتغطيها، وإلا فالإنهيار هو المصير المحتوم للسلطة والدولة وحادثة المواطن جورج زريق قد تتكرر وتكون شرارة قد لا تبقي ولا تذر، ومش “كل مرة بتسلم الجرة” على ما يقول المثل.

السابق
الحكومة ستبحث ملف الكهرباء وحزب الله سيبحث بتمويل مشاريع «سيدر»
التالي
وزارات دولة مضافة.. لتصحيح ميزان المحاصصة