بغيابك القضيَّةُ ثكلى

فؤاد مقدم

أحيت بلدة زبدين في قضاء النبطية أمس الأحد ذكرى أسبوع رحيل فؤاد المقدم في احتفال تأبيني في حسينية البلدة. والمقدم مناضل قديم من منظمي انتفاضة مزارعي التبغ عام 1973 وكان ناشطاً منذ ستينيات القرن الماضي في مختلف الميادين التربوية والشعبية. وكان من قياديي جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. بقي خارج الاصطفافات الطائفية والمذهبية أميناً لتاريخه الوطني والطبقي. وفي ذكرى رحيله كتب صديقه خضر ضيا هذه القصيدة في رثائه:

تخبو جذوات النار ويبقى سرُّها في الرماد.
تنكدر النجوم و يظلُّ نورها مشعاً.
كأصحاب الرسالات يرحلون،
فيفنى الزمان وتعصى تعاليمهم على الفناء…

لم يترجَّل الفارس، وإنَّما كبا به الجواد.
من بلاطة يارون إلى زبدين،
ينبعث الفينيق من الرّماد
على رأس كلِّ عقدٍ.
من ناصيف إلى أدهم،
من حسن إلى ظافر ففؤاد،
المسيرة هي الكرامة والكلمة،
والقضيَّة إيَّاها.
بسطاء النَّاس هم التاريخ،
وعرق الكادحين المدادُ.
قادةٌ ينبعثون من رَحَم المعاناة،
يُعيدون الكتابة…

اقرأ أيضاً: رحيل فؤاد المقدم.. «آخر المناضلين»

لمن تُقام المناحة في أرض “عاملة”؟
على من تُشقُّ أثواب الأيامى وتُعفَّر الرؤوس؟
ولمن يشكو اليتامى العوزَ والإجحاف؟
عندما خفت “الصوت الصارخ في البريَّة
اللَّابس ثوباً من وبر الإبل،
المتمنطق بحزامٍ من جلد”.

بقلوبٍ قُدَّت من جلاميد صخرٍ،
تقتحم جحافل المسحوقين الأهوال،
بالمهج تسطر ملحمتها،
لتجد لها مكانةً تحت الشمس،
ولتبقى الرَّايةُ خفَّاقةً فوق الرُبى.
عينٌ تقاوم المخرز،
تهشِّم نمور الورق.
تصنع إِنسان الكرامة والعنفوان،
تلك هي القضيَّة…

وكانت المهزلة!!!
أنَّ رصاصات معسكر التدريب
أجفلت أغنام الرَّاعي،
فقبَّلك يوضاس بلؤمٍ،
ووشى بك للجلَّاد.
لكنَّه لم يقبض ثمن الخيانة،
سوى المزيد من الهوان…

” في بيت أبيه،
عويلٌ وبكاءٌ مرٌّ.”
” ندى ” تأبى أن تتعزى،
فليست الثكول كالمُستأجرَة،
ليست الثكول كالمُستأجرَة…

غير أنَّك رغم هول المعاناة،
عشقت الأرض والتراب،
لم تلعن القدر ولو لمرَّةٍ،
ولم تُوصِ أن يُكتب على شاهد قبرك:
” أيَّها الوطن الناكر للجميل،
إنَّ عظامي لن تكون لكَ أبداً”.

طوبى لك يا فؤاد،
كما في حياتك لقد جمعتنا في مماتك…
قد نسقط تباعاً،
إلَّا أنَّ المسيرة ستستمرُّ…
ستستمرُّ … ستستمر…

(في وداع المناضل: فؤاد المقدم)

السابق
بالفيديو: خطوبة في البقاع تحوّلت إلى عراك بين أهل العروس وأهل العريس
التالي
ريّا الحسن: سأتشدد في تطبيق القوانين ضدّ تعنيف المرأة او الطفل او حتى الرجل