حقيقة اتهامات النائب فضل الله تكمن بين السياسي والأستاذ الجامعي!

حسن فضل الله
عادة ما تشكل كلمة النائب عن كتلة الوفاء للمقاومة حسن فضل الله من المجلس النيابي، نوعاً من جردة الحساب تضفي شيئاً من المسؤولية تجاه الشعب اللبناني، وتحديداً ناخبيه.

الكلمة الأخيرة للنائب عن حزب الله حسن فضل الله في الجلسة الصباحية أمس الثلاثاء التي باشرت بمناقشة البيان الوزاري للحكومة الجديدة، ورغم تشابهها مع سابقاتها من حيث رفع الصوت بوجه المفسدين والتشديد على الدور الرقابي الذي سيقوم به، الا ان التشابه وقع أيضا حتى بالجمل المستخدمة.

ففي ٢١ شباط ٢٠١٨، قال فضل الله من على المنبر البرلماني، أنه إذا كشف الوثائق المالية التي لديه للدولة اللبنانية فهناك شخصيات كبيرة ستدخل السجن، وأنه يتكلم عن عشرات مليارات الدولارات من السرقة والهدر.

وأمس، كرّر الكلام عينه حيث قال: “مستندات ووثائق لو تم الكشف عنها لأودت برؤوس كبيرة الى السجن”. وأضاف: “هناك وزير طلعلو 400 مليون دولار من صفقة”.

اقرا أيضاً: «حزب الله» ومكافحة الفساد: بين النوايا والتطبيق

ولكن لماذا الغموض والكلام بشكل عام ودون ذكر أسماء؟

كلام فضل الله يذكّر بصور المجرمين التي تُؤخذ من الخلف لعدم الكشف عن وجوههم بعد توقيفهم، أو بعناوين بعض الأخبار التي يستبدل بها إسم السارق أو المغتصب أو القاتل، إذا كان مسؤولاً او شخصية عامة، بمصطلح “مسؤول كبير” أو “وزير سابق” او “شخصية كبيرة” وما شابه ذلك.

الى متى سنبقى بانتظار أن نرى نائبا او مسؤولاً يسمي فاسداً؟ ولماذا يتمتع النائب بحصانة طالما لا يكشف للرأي العام عن أي مفسد، ويكتفي بإطلاق الإتهامات؟

قد يكون الخوف من الرد بالمثل، فلا يجرؤ احد على كشف مستور آخر، كي لا يكشف هذا الآخر مستوره.

أما في ما يخص فضل الله، فهناك قصة نقلت عن احدى طالباته في الجامعة، قد تختصر كل خطابه.

تقول الطالبة فرح صادق:

بخصوص كلمة النائب حسن فضل الله مبارح خلال جلسة الثقة، فضل الله كان استاذي بالجامعة، دكتور محاضر بمقرر منهجية البحث العلمي.

وخلال احدى الحصص، قال لنا فضل الله: “رح أعطيكم مثل رح تتفاجأوا فيه، بناءًا على خلفيتي بموضوع الـ11 مليار، اذا جيتوا سألتوني كـ”النائب حسن فضل الله”، هل فلان اخد 11 مليار، بقلكم ايه اخدهم!

أما اذا جيتوا سألتوني كـ”الدكتور حسن فضل الله” هل فلان اخد 11 مليار؟ بقلكم لا دليل على ذلك! لأنه أي بحث علمي، للتوصل للنتيجة، بدو يكون في دلائل واثباتات!”

هذه القصة لا تختصر فقط خطاب فضل الله، بل تختصر الثقافة السياسية الموجودة في لبنان، والقائمة على الكلام السياسي الشعبوي، وخلق شرخ بين أطياف المجتمع، لمآرب حزبية تفيد هذا الطرف أو ذاك.

واللافت أيضاً، أنه بخطابه أتى فضل الله على ذكر الـ11 مليار قائلاً: “لا ما نسينا الـ11 مليار”، ففضل الله النائب هو الذي لا يأبه الى ما سيؤول اليه خطابه السياسي التعبوي في الشارع، وهو الذي يقدم للناس ملفات على أنها حقائق ووقائع، دون أي دليل مثبت ودون أي إسم يذكر، فقط لأن “الجمهور عاوز كده” وهكذا يتم الربح في السياسة، أما فضل الله الدكتور، فلا يبني حقيقة إلا بعد بحث ودلائل وإثباتات!

هكذا يقدم فضل الله نفسه للإعلام وللرأي العام، وهذا ما دفع بقناة الجديد لتحضير تقرير بعنوان: “إحذروا رقابة حسن فضل الله بعد الثقة”. ولكن نحن لا نريدهم أن يحذروا الرقابة، نريدهم أن يهابوها، ونريد أن تتجسد هذه الرقابة بشخصية “النائب المراقب” و”الدكتور المحاسب بشكل علمي”، لا بفصل هذه الصفات بمهمة داخل المجلس وأمام الرأي العام، وأخرى في قاعات الجامعات.

خطاب فضل الله، انتشر بشكل واسع، ولاقى اعجاب شرائح كبيرة من المجتمع اللبناني، إلا أنه لم يسلم من بعض التعليقات على وسائل التواصل الإجتماعي، حيث سأل الممثل نعيم حلاوي عبر صفحته على تويتر قائلاً: “مين قصده النائب حسن فضل الله بمحاربة الفساد بما فيهن “أصدقاء وحلفاء”؟

في حين ذهب آخرون الى الطلب منه تزويد الرأي العام بالمستندات والأسماء التي بحوزته لنشرها.

اقرأ أيضاً: هل أصبح النائب حسن فضل الله هو من يعيّن درجات أهل العلم والاجتهاد؟

أما مراسل المنار حسن حمزة، فرد على من يطلب من فضل الله الكشف بالأسماء قائلاً: “افترضنا طلع النائب حسن فضل الله وسمّى الفاسدين، وطلع الفاسدين وقالولوا مش مزبوط، شو بيعمل؟ أكتر شي بصير جدال سياسي وتبادل اتهامات! النائب كشف مكامن الفساد والهدر، يلي لازم يتحرك هي الهيئات القضائية. مش هيدا عمل المؤسسات؟ او لازم النائب يتهم ويقاضي ويسجن كمان؟!”

فضل الله وغيره من النواب ومن كل الأطياف ينادون بمحاربة الفساد، مما يجعلنا نستغرب ونسأل من هو الفاسد؟ كلنا نعلم أن كل طرف يعاني من مفسدين في داخله، وكلنا نعلم تحديداً مثلاً أن المحل التجاري الذي يقفل بالشمع الأحمر لشخص مقرب من حزب الله كما لغيره من النافذين يعاد فتحه فوراً، بالتالي لا تزايدوا على بعضكم البعض، ولينكب كل طرف الى محاسبة فاسديه أولاً، ومن ثم نبدأ بإعطاء الثقة الحقيقية.

السابق
دلال عباس: المرأة العربية عنوان أُمَّتِنا ورمز حضارتِها…
التالي
رئيس الفلبين يفكر في تغيير اسم بلاده