بيلينغسلي: لن نتوقف حتى يصبح نصرالله وإرهابيّوه بلا تمويل

سابين الحاج

في آخر لحظات انتظار اللبنانيين لتشكيل الحكومة منذ أكثر من ثمانية أشهر، جال مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسلي على الرؤساء اللبنانيين الثلاثة، والتقى شخصيات من القطاعين الاقتصادي والمصرفي، واضعاً ملف مكافحة تمويل الإرهاب، وتجفيف مصادر «حزب الله» المالية على رأس أولوياته.
أكّد الموفد الأميركي، خلال جلسة مع صحافيين حضرتها «الجمهورية»، في السفارة الأميركية في عوكر، أنّه «ليس مقبولاً أن يتمكّن «حزب الله» من دخول النظام المصرفي، (أن تكون له حسابات مصرفية، او أن يحظى بقروض…)، وهذا يسري على جميع أعضائه».

أما بالنسبة الى مشاركة أعضاء من «حزب الله» في الحكومة ومجلس النواب وتقاضيهم أجورهم من وزارة المالية، فلفت إلى أنّ هذا الأمر يعود للحكومة والشعب.

وأشار إلى أنّ زيارته تأتي في «إطار دعم نظام مكافحة غسيل الاموال وتقوية قدرات الدولة اللبنانية لتعمل عن قرب مع المصارف، وتتأكّد من أنّ الأموال غير المشروعة، وأموال الفساد، والمنظمات الارهابية كـ«حزب الله» لن تتمكن من دخول أو اختراق النظام اللبناني».

وشدّد على أنّ بلاده لا «تستهدف الشيعة ولا البنوك الشيعية، بل «حزب الله»، لانّه منظمة ارهابية أُنشئت وممولة من ايران».

اقرأ أيضاً: هكذا أدرك «حزب الله» كيف يُمرِّر «القطوع»!

انهيار مالي بسبب العقوبات؟

ورداً على سؤال «الجمهورية» حول إمكانية اتخاذ أميركا اجراءات عقابية ضد لبنان على خلفية نشاط «حزب الله»، قد تؤدي إلى انهيار الليرة اللبنانية، قال بيلينغسلي: «لدينا صفر اهداف في التسبّب في أي انهيار مالي في لبنان. فقوة النظام المالي اللبناني اساسية لأمن هذا البلد».

وأضاف: «في الوقت نفسه، نشجع كل الاطراف في لبنان على أن يوضحوا لـ«حزب الله» انّ عليه الابتعاد عن قطاع المصارف، وعن تلويثه، لأنه بذلك سيتسبّب بمشكلات كبيرة للبنوك وايضاً للاقتصاد اللبناني».

وعن إمكان أن تخضع البنوك اللبنانية الى عقوبات، قال: «لا يمكننا التكهّن بما سنفعل، ولكن السبب الرئيس لقدومي هو العمل عن قرب حول أمور محددة، لنتأكّد انّ هذه القضايا ستُعالج رسمياً وتحت سلطة الحكومة والبنك المركزي اللبناني»، معرباً عن ثقته بقطاع المصارف اللبناني والقيّمين عليه.

وأضاف: «لدينا علاقة ممتازة مع البنك المركزي اللبناني، وبفضل هذه العلاقة القريبة يمكننا العمل على القضايا الملحة قبل ان تصبح ازمات».

الوضع الاقتصادي

وفي ظل الوضع الاقتصادي الذي وصفه بـ«الصعب»، أشار بيلينغسلي إلى أهمية المحافظة على سلامة كامل القوى المسلحة اللبنانية، وعلى قوة القطاع المصرفي في لبنان.

ولفت إلى أنّ الولايات المتحدة ليست في صدد سحب الهبات الأميركية التي تقدّمها للبنان، وقال: «دعمنا للجيش اللبناني ولتقوية القطاع المالي اللبناني مستمر».

وأضاف: «تركيزنا على مساعدة هذه الديمقراطية المهمة والأساسية في لبنان لتتمكن من التعاطي مع هذا السرطان المدعوم ايرانياً»، في إشارة الى «حزب الله».

كذلك أكّد أنّ الاقتصاد اللبناني «لا ينهار»، وقال: «هناك تحدّيات نعمل جميعاً عليها، وأعتقد أنه بتشكيل الحكومة ستزداد الثقة في الأسواق المالية، وانا متفائل».

السرّية المصرفية

وعلى رغم من أنّ لبنان يعتمد مبدأ السرية المصرفية منذ العام 1956، أكّد الموفد الأميركي أنّ «مبدأ الشفافية المصرفية هو معيار أساسي بالنسبة لنا»، مشيراً إلى أنّ «وجود حسابات لا يمكن تحديد من يستفيد منها، لا يتناسق مع معايير قوة العمل المالي، وأنظمة البنوك».

ومن هنا، لفت إلى أهمية أن تتعامل حملة مكافحة الفساد، مع الحسابات المصرفية السرية، مشيراً إلى أنّ الإصلاح التشريعي مطلوب في هذا المجال، لتكون للحكومة قدرة على حظر وتجميد حسابات لها علاقة بالفساد والإرهاب.

وقال: «نحن نحقّق تقدّماً ونقود «حزب الله» خارج قطاع المصارف، ولكن هناك مزيداً من العمل لاتمامه».

وتطرّق إلى تعامل «حزب الله»، عبر القطاع غير الرسمي من خلال أموال تخرج عن مراقبة الحكومة، وأنشطة لا تخضع للضرائب.

وشكك في سيطرة الدولة اللبنانية على القضايا الجمركية والضريبية عبر مرافئها، والمطار، والحدود، قائلاً: «هذه القضايا نريدها ان تعمل».

العلاقة مع لبنان

من جهة ثانية، أوضح بيلينغسلي أنّ الولايات المتحدة تدرك، حين تسأل مسؤولين في لبنان أن يأخذوا قرارات حاسمة، انهم يعيشون تحت سقف ارهاب «حزب الله» شخصياً وجسدياً. لكنه توقّع أن تتم «الأمور الصحيحة»، وهي الـتأكّد من أن «حزب الله» لن يدخل المصارف.

وتابع: «نحن نفهم ان تركيبة لبنان معقّدة سياسياً واقتصادياً. وفي الوقت عينه هناك مبادىء أساسية يجب النظر إليها، تضم الشفافية في قطاع المصارف وتقوية القوانين التي تحدّ من الفساد».

وأكّد أنّ الشراكة مع الحكم في لبنان وثيقة جداً. وأضاف أنّه حظي بفرصة لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحكومة سعد الحريري، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي ومصرفيين لبنانيين، قائلاً: «مع هؤلاء القادة لدينا علاقات مستمرة وقريبة، وتربطنا شراكة وثيقة». وأشار إلى أنّ الحكومة كانت شريكاً قوياً في قضايا مكافحة الفساد. وأمل في «حكومة جديدة تكمل هذه العلاقة».

«حزب الله» في الحكومة

وعن دور «حزب الله» في الحكومة الجديدة أوضح الموفد الأميركي أن بلاده «تنظر عن قرب لتعرف أي دور سيلعب الحزب في الحكومة، وكيف ستسير الأمور».

وعن تبؤ الحزب حقيبة وزارة الصحة، قال: «لا أريد التكهن بردة فعلنا سوى بالقول إنه اذا رأينا أن «حزب الله» سيحاول استغلال هذه الوزارة لتمويل نفسه وجماعته، و(نعتقد) أنه سيحاول استغلال اي وزارة ستُعطى اليه لتمويل نفسه او اي نشاط آخر يدعم أجندته الارهابية، سيكون لدينا مشكلة كبيرة في ذلك».

الحكومة

وأوضح بيليغسلي، أن الادعاء بأنه أتى إلى لبنان ليمارس فيتو حول تشكيل الحكومة خاطىء تماماً، وعار من الصحة. وشدّد على أنّ تشكيل الحكومة «قرار سيادي، يأخذه اللبنانيون والأشخاص المنتخبون وممثلو الشعب».

ورأى أن تشكيل الحكومة هو مفتاح لمعالجة القضايا المالية والاقتصادية الضاغطة، وخطوة حاسمة لمباشرة سلسلة من الاصلاحات تستهدف الفساد، وخصوصاً استمرار «حزب الله» «في الأشهر التسعة الأخيرة في إدخال مال خارج عن سيطرة الدولة». وشدّد على «ضرورة معالجة هذا الوضع سريعاً».

جناحا الحزب

في سياق منفصل، أشار الموفد الأميركي إلى أنّ بلاده لا تفصل الجناح العسكري لـ»حزب الله» عن السياسي. متسائلاً: «هل ينفذ حزب الله اي عملية اغتيال دون موافقة نصرالله شخصياً؟».

وشدد على أن «حزب الله منظمة ارهابية يداها ملطخة بدماء اميركية».

وأكد أن بلاده لن تتوقف «حتى يصبح نصرالله وارهابيوه مفصولين عن التمويل الذي يحتاجونه لقيادة هجماتهم العنيفة».

وأوضح أن «الولايات المتحدة تستهدف من يؤمّنون الدعم المادي لحزب الله. وقد عملت خلال العام الماضي على تعطيل وتفكيك شبكة مالية للحزب في غرب افريقيا، بما فيها شبكة كبيرة يديرها أدهم طباجة. كما فككت شبكة كبيرة للمدعو محمد بازي، الذي يتاجر بشابات الى غامبيا».

ولفت بيليغسلي إلى أن «هؤلاء الناس يتعاملون مع نصرالله، وهم يتاجرون بالجنس ويبيعون فتيات قاصرات من مخيمات اللاجئين السوريين»، مشيراً إلى أن بازي موجود على لائحة العقوبات الأميركية، وإلى توقيف شبكات أخرى وأشخاص في الولايات المتحدة بينهم المدعو تاج الدين.

وقال: «نستهدف من يؤمّنون لنصرالله وارهابييه الدعم المادي بغض النظر أين هم على وجه الأرض». وأضاف: «من المفترض الّا يتمكن هؤلاء الأشخاص من أن يكون لهم حسابات مصرفية أو أي مدخول مالي هنا في لبنان».

وتساءل: «لماذا يسيطر حزب الله على مستودعات من المخدرات، ولماذا هو متورط بتجارة الكبتاغون، ولماذا يشارك في تجارة القاصرين؟».

إيران

وحول موقف الولايات المتحدة من ايران، أكّد الموفد الأميركي أن «حملتنا للضغط الاقتصادي لها تأثير واضح وكبير. فهناك مشكلات كبيرة تظهر في الاقتصاد الايراني لأنهم يرفضون التوقف عن الارهاب، وعن برنامجهم للصواريخ..». كما لفت إلى أن التعثّر الاقتصادي والمالي الايراني يأتي «نتيجة للفساد المحلي».

وأشار إلى أن حزب الله حالياً «لا يحظى بالاموال التي كان يحظى بها من ايران (…) وذلك يؤدي إلى مشكلة مالية كبيرة لنصرالله وشعبه».

وقال: «من الواضح أن العقوبات التي اتخذناها ضد حزب الله أثرت عليه ولم يعد يملك المال الذي يحتاجه للانخراط بنوع من التصرفات غير الشرعية الذي كان قادراً على فعلها في الماضي».

وأضاف: «نعم، الضغط على حزب الله سيستمر ويزداد في الأيام المقبلة».

السابق
ديو المشاهير: برنامج «النشاز» المترنح من كل الجهات
التالي
قطر تفوز بكأس آسيا بالفوز على اليابان (3-1)