حين يدفع المنتج صناع مسلسله إلى الهاوية؟!

لطالما ارتبطت الصناعة الفنية بمحرك أساسي هو المادة، فدون كاميرات وأجهزة مونتاج ومعدات تقنية لن يخرج المسلسل إلى النور. لكن ذلك ليس كل شيء، فضمن شروط الصنعة الدرامية هناك مجال واسع يمتد من لحظة الإعلان عن توقيع عقود المسلسل للحظة عرضه وهو التسويق.
في السنوات الأخيرة، خاضت شركات كثيرة غمار التسويق كمعركة كسر عظام مع الشركات الكبرى والقنوات التلفزيونية فضلاً عن انتزاع الصدارة من الدرامتين السورية والمصرية والتي هيمنتا على الإنتاج العربي قرابة عقدين. لتبرز دراما خليجية راحت تتطور تدريجياً مستفيدة من الخبرات العربية للمصورين والمخرجين والكتاب غير الخليجين، فانتقلت من إطار ضيق محدود في نطاق قصص الأسرة الخليجية المرفهّة إلى حكايات شعبية وتراثية واجتماعية تتدرج من الطبقة الأفقر إلى الأكثر ثراءً.
كما انتشرت الدراما الأردنية فارضة سمة البداوة على غالبية الأعمال التي صورت في صحراء الأردن وجمعت نجوماً أردنيين وعرب، مستعينة بتجديد مسلسلات قديمة وسير شعبية مع موسيقى تلتصق بالشعر فيشكلا وحدة متماسكة خاصة بهذه النوعية من الأعمال.
وفي حين لا يزال المغرب العربي فقيراً في دراماه العابرة إلى المشرق لصعوبة نطق اللغة العربية وانحسار مسلسلاتها في اللهجات المحلية، كانت الدراما اللبنانية في طور الصعود انطلاقاً من عوامل إقليمية لعل أبرزها الحرب في سوريا وهجرة عدد كبير من الفنانين والفنيين إلى بيروت، وانتشار مفهوم الإنتاج التنفيذي لصالح شبكات وقنوات كبرى. وهنا بدأت ملامح اللعبة الإنتاجية تتغير حيث رهنت شركات كثيرة نفسها لمزاج القنوات الكبرى وغدا ضامن بيع هذا المسلسل لهذه القناة هو العامل الوحيد لإنتاج المسلسل.

إقرأ أيضاً: اهم المسلسلات التلفزيونية المعروضة في رمضان 2018

بهذا نتجت في لبنان وامتداداً لسورية ومصر دراما بديلة تقوم على مفهوم البان آراب والذي يدّعي البينة العربية المشتركة في صناعة العمل الدرامي، لكنه في الواقع يفصّل على هوى المنتج في جنسية الأبطال، عمرهم، علاقتهم ببعضهم وطبيعة عرض النص بناءً على الأفكار التي تريد الشركات الكبرى نشرها.
هنا يشترط رأس المال على صناع الدراما السير نحو الهاوية للوصول إلى الربح، فيدفع المنتج بالمخرج والكاتب والأبطال إلى حفرة يشاهدون فيها مسلسلهم القادم وهم يضحكون، بين ما كان سابقا ً من تصديقٍ لما يشاهدوه وادعاء برز اليوم يقوم على أنّهم مصدقّون.

السابق
عجاقة لـ«جنوبية»: قروض الاسكان الجديدة لصالح الفقراء والطبقة المتوسطة
التالي
320 محطة طالبت ببث حلقة نصرالله