عندما صعد «حزب الله» الى شجرة التأليف نزل باسيل عن الثلث المعطّل؟

احمد عياش

عندما كانت القمة الاقتصادية العربية منعقدة الاحد الماضي عند الواجهة البحرية لبيروت ،كانت بعض اوساط الرئيس المكلف سعد الحريري تقول ل”النهار” ان شيئا ما سيتحرّك على صعيد تأليف الحكومة الجديدة بعد القمة ما استدعى إلغاء سفره الى دافوس بسويسرا هذا الاسبوع للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي والبقاء في لبنان. وبالفعل، فقد عادت محركات التأليف الى العمل فجأة وسط توقعات، ان التسعة أشهر التي مرّت على بدء تكليف الحريري مهمة تشكيل الحكومة شارفت على الولادة .فماذا طرأ حتى تبدّلت الظروف من عسر الى يسر؟
وفق معطيات اوساط مواكبة لجهود تأليف الحكومة، ان القول الشهير المنسوب الى الامبراطور نابايون بونابرت “فتش عن المرأة” ،يمكن إستعارته في صيغة “فتش عن حزب الله”.ففي الاسابيع الاخيرة التي عادت فيها جهود التأليف الى مربع التعطيل ،تحركت بعيدا عن الاضواء إتصالات على أكثر من مستوى داخلي شملت الحزب، الذي لم ينقطع عن التواصل مع قصر بعبدا، لمعرفة أين انتهت جهود رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل لكي يبلور مع الرئيس المكلف صيغة يقبلها العهد ويرضى بها الحريري.وفيما بدا ان باسيل ،في كل الصيغ التي إقترحها، ينطلق من مبدأ إعطاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتياره ثلثا معطلا (11 وزيرا في الحكومة الثلاثينية)، أعطى الحزب الضوء الاخضر لاوساطه وحلفائه كي يضغطوا في إتجاه رافض لهذا المطلب الذي يتمسك به فريق العهد في تشكيل الحكومة. علما ان “حزب الله” تظاهر لفترة طويلة انه ليس معترضا على ان يكون للرئيس عون وتياره 11 وزيرا او اكثر في الحكومة الجديدة. لكن تبيّن للحزب ان هذا السلوك سيبقي تأليف الحكومة يدور في حلقة مفرغة الى أجل غير مسمى.فكان عليه ان يغيّر نهجه وأبلغ من يعنيه الامر ان حكومة من غير ثلث معطل يجب ان تولد ومن غير إبطاء.
ربما من باب تبسيط الامور القول ان “حزب الله” أراد ولادة الحكومة فكان له ما اراد، على رغم اهمية نفوذه في علاقته مع العهد.إذ ان هناك عوامل أخرى ضغطت في إتجاه تنشيط مسعى تأليف الحكومة من بينها تفاقم الاوضاع المالية والافتصادية والمعيشية ما أنذر بإنفجار يؤي الى ما يحمد عقباه يزلزل لبنان عموما والعهد خصوصا.وفي معلومات ل”النهار” ان الرئيس عون إستقبل قبل فترة قصيرة مسؤولا ماليا سابقا بعيدا عن الاضواء وطلب منه ان يشرح احوال المالية العامة. فكان ان عرض المسؤول السابق امام رئيس الجمهورية معطياته وبالارقام التي تفيد ان لبنان غارق تماما في عجز لن يطول الوقت حتى يظهر الى العلن كم هو فادح ما سيؤدي بلبنان الى اوضاع مأسوية، عاش مثلها لبنان في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي.

اقرأ أيضاً: «وارسو» لن يخرج الـ67 تنظيماً إيرانياً من العراق!

هل إستشعر العهد خطورة الانهيار المالي قبل فوات الاوان وقرر الخروج من دوامة تعطيل تأليف الحكومة وتلقف “حبل النجاة” الذي القاه مؤتمر “سيدر” الدولي للبنان في الربيع الماضي؟ بلا ريب ،ان الجواب يتضمن موافقة على هذا التوصيف للمخاطر التي تتهدد لبنان على المستوى المالي. وبالفعل فقد اطلت في الايام الماضية شواهد مقلقة، وآخرها خفض وكالة “موديز” التصنيف الائتماني للبنان على رغم توالي الدعم من قطر اولا ثم من السعودية ثانيا على حد ما ابرزته “النهار” أخيرا. لكن ذلك جاء متمما لما علمته “النهار” من مصادر وزارية في حكومة تصريف الاعمال التي قالت ان هناك قرارا إتخذته معظم القوى السياسية جمع في وقت واحد “المستقبل” و”حزب الله” وحركة “أمل” وغيرها يقضي بتوجيه “الضربة القاضية”، إذا صحّ التعبير، الى فكرة الثلث المعطّل التي بانت انها العقبة الوحيدة المتبقية امام تشكيل الحكومة.وقد يكون من باب الصدفة ان النائب السابق ادمون رزق احد النواب البارزين الذين شاركوا في مؤتمر الطائف عام 1989 وواكبوا ولادة الدستور المستند الى وثيقة الطائف ،أعلن في إجتماع سياسي خاص، شارك كاتب هذه السطور في أعماله ،ان ما يقال عن ثلث معطّل جرى بحثه في الطائف “لا صحة له على الاطلاق”. وقال:”ما بحثناه وقررناه هو الثلثان الضامنان فقط فلا يطغى في مجلس الوزراء المسيحيون على المسلمين ، كما لا يطغى المسلمون على المسيحيين من خلال النصف زائد واحد” في اشارة الى اعتماد مبدأ المناصفة في عدد الوزراء.
هل هذه كل الاسباب التي هبت معها رياح التاليف مجددا؟ ما تملكه شخصية سياسية بارزة من معلومات يفيد ان المنطقة عموما ، ولبنان خصوصا، مقبل غلى تطورات دقيقة بعد مؤتمر وارسو الذي دعت الى إنعقاده الولايات المتحدة الاميركية في منتصف الشهر المقبل في العاصمة البولونية.وعلى رغم ان عنوان المؤتمر هو موضوع السلام في الشرق الاوسط، لم يخف عن المسؤولين في اوروبا والمنطقة ان الهدف التي تسعى اليه الادارة الاميركية من وراء المؤتمر هو حشد القوى في المواجهة الاميركية مع إيران.وفي هذه المعلومات المشار اليها،ان طهران لن تتوانى على الرد على ما سيخرج به المؤتمر ضدها في كل الساحات التي تملك فيها نفوذا لاسيما لبنان. ولذلك لا تستبعد الشخصية ذاتها ان تكون حاجة إيران الى حكومة في لبنان يشارك فيها “حزب الله” بفعالية صارت الان ملحة أكثر من أي وقت مضى.
في مختصر القول: “حزب الله” صعد بقوة الان الى شجرة تاليف الحكومة. فهل نزل “التيار الوطني الحر” عن مطلب الثلث المعطّل؟الجواب سيأتي سريعا مع عودة الوزير باسيل من دافوس التي ذهب اليها الاخير بدلا من الرئيس الحريري.

السابق
الاحتلال الاسرائيلي ينشر بطارية القبة الحديدية في تل ابيب
التالي
بخاري: سنتابع تصريحات وزير المال عن مساعدة لبنان وهناك آليات ستتخذ