تعزيز الغلاف الدفاعي

اسرائيل

في مكان ما، في أواخر الستينيات من القرن الماضي، ساد مفهوم أمني في الولايات المتحدة يقضي بانه لا يمكن الهجوم على أمريكا من مسافات بعيدة، مثل المسافة بين موسكو وواشنطن. وتركز الخوف الاكبر بالطبع على الصواريخ الباليستية التي تحمل رؤوس متفجرة نووية. واستعدت الأمة بناء على ذلك؛ فقد بنيت حتى ملاجي ذرية في ارجاء الدولة. وكنتيجة لهذا المفهوم، ازيحت عن طاولة اصحاب القرار امكانية اطلاق صواريخ قصيرة المدى. ولم توجد الصواريخ في ميدان المعركة إلا لصد المدرعات المهاجمة.
بمبادرة الرئيس رونالد ريغان اطلقت في بداية الثمانينيات خطة “حرب النجوم”، التي اعدت ردا على استخدام عسكري مستقبلي لاشعة الليزر، الاقمار الصناعية وباقي اسلحة “علم الخيال”. ودخلت اسرائيل الى المشروع في العام 1985 كي تطور منظومة صواريخ مضادة للصواريخ. وسمي المشروع “حيتس” (سهم).
من ناحية الميزانية، يقع اساس التمويل – نحو 80 في المئة – على كاهل الامريكيين. ومع ذلك، بالنسبة لنفقات الامن، فان معدل الاستثمار الاسرائيلي ثقيل، وهناك من اعتقد انه اكثر مما يمكن احتماله. وانتهى الجدال عمليا قبل نحو عقدين. فصاروخ “حيتس 2” يشق الطريق الى “حيتس 3″، اما “حيتس 4” فبات في مراحل التطوير المتقدمة.

اقرأ أيضاً: هل تخوض إسرائيل حرب استنزاف في سوريا؟

إحدى حجج المعارضين لمشروع حيتس في التسعينيات كانت خطر نشوب سباق تسلح بالصواريخ في الشرق الاوسط. وتحقق هذا الخوف في الواقع، ويجد الامر تعبيره في مخزون الصواريخ والمقذوفات الصاروخية لدى سوريا وايران، اضافة الى حزب الله وحماس. لنضع للحظة جانبا مسألة البيضة والدجاجة. من ناحية عملية، فان تطوير منظومة دفاع مضادة للصواريخ والمقذوفات الصاروخية تمت بشكل منهاجي، وهي اليوم مبنية من عدة شرائح دفاعية.
بين الخبراء ومقرري السياسة يدور جدال بالنسبة لمعنى فكرة “الردع”. فهذا الردع هو الدخول الى الحرب او الى حملة مبادر اليهما، ام ربما هو منع الحرب؟ الجواب متعلق بفكر المتناقشين، ولكنه متعلق ايضا بقدر غير قليل بالتوقيت. لانه مثلا اذا اجريت تجربة ناجحة على صاروخ حيتس 3 بالضبط في اليوم الذي تتمكن فيه منظومة الدفاع الاسرائيلية المضادة للصواريخ من اعتراض صاروخ أرض – أرض من الاراضي السورية، فاننا نكون بذلك قد أصبنا عدة عصافير بحجر واحد.
لا ينبغي الاستخفاف بالكلفة العالية لتطوير منظومة الدفاع هذه. ومع ذلك، عندما تكون القيادة العسكرية والسياسية في الولايات المتحدة شريكة في عدد من المسلمات الاساسية التي تقبع في اساس السياسة الاسرائيلية، فان الجهد المشترك يعطي ثماره – وليس بالذات في شراء منظومات الدفاع بل في الفهم العميق بان ايران هي المفتاح للاضطرابات في الشرق الاوسط.
ان التهديد على السلام العالمي ليس نكتة. ودون الاستخفاف بالتهديد من جهة الطاغية الكوري الشمالي، فان للايرانيين تطلعا معلنا للهيمنة الاسلامية في منطقتنا – وربما في اجزاء اخرى من العالم. ويحفز هذا التطلع سباق التسلح، والمقصود اساسا الجهود للحصول على صواريخ ذات رؤوس متفجرة نووية. ان الصواريخ الدفاعية ليست سندا متهالكا ووجودها ضروري للامن. ولكنها لا توفر جوابا كاملا. فالخطر من تسلل صاروخ ايراني نووي حتى لو كان وحيدا، يستوجب عملا هجوميا آخر. ينبغي ان نمنع بكل سبيل تطوير السلاح النووي في ايران حتى وان كان من خلال عملية عسكرية، وبقدر ما هو ممكن عملية مشتركة مع الادارة الامريكية العاطفة.

وفقا لكل المؤشرات، فان الغلاف الدفاعي ضد الصواريخ يتعزز بشريحة هامة اخرى: اقتراب الدول العربية من اسرائيل، التي تعتبر رأس رمح في وجه الشر. وقد اكتسبت اسرائيل هذه المكانة بعمل كد وصبر لا حد له، وهذه ايضا جديرة بالتمكين.

السابق
الطقس الدافئ مستمر.. ولكن
التالي
الأونروا تعلن حاجتها إلى 1.2 مليار دولار للعام الجاري لمواصلة تقديم خدماتها