معايير النجومية تغيرت… أنت لا شيء دون أرقام

كايلي جينر
لطالما لعبت الأرقام دوراً بارزاً في صناعة النجوم في كافة القطاعات الفنية وحتى في المجالات السياسية والاقتصادية. ولكن مع اختيار البعض الفصل بين مصطلحي "الشهرة" و "النجومية" كدلالة المصطلح الأول على الشهرة بغض النظر عن مستوى الإنتاج المقدم، وتعلق المصطلح الثاني بعلو شأن الشخص ونوعية المُنتَج الفني الذي يقدمه على الساحة.

إلا أن السنوات الأخيرة وفي ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسيطرتها على مفاصل كثيرة في حياة البشر، بدأت العلاقة مع المشاهير تتغير ما انعكس بدوره على مفهوم صناعة الشهرة الذي بات أكثر بساطة وتعقيداً في ذات الوقت. حيث تغيرت مقاييس تسمية فلان معين بالمشهور، ليس المهم بعد اليوم عدد الأسطوانات الموسيقية التي أنتجها هذا المغني، أو عدد أفلام تلك الممثلة، لأن ما يذيع شهرتهم ويؤكد تأثيرهم على الجمهور أصبح عدد المتابعين لحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

المواقع بدورها أحبت لعبة ما بات يعرف بالرايتنغ، وعمدت لمنح إشارة زرقاء للحسابات الأكثر متابعة وأسمت ذلك “علامة التوثيق” كي يخفق المزيفون في انتحال شخصية ذلك المشهور والإساءة لاسمه وعمله، ولكن في الواقع، تعدت الظاهرة موضوع التوثيق لتمنح الإشارة لحسابات جماهيرية حتى لو لم يعرف صاحبها، أو كان دمية، أو ربما بيضة!! نعم بيضة!!

اقرأ أيضاً: نانسي عجرم تتفاعل مع أشهر بيضة في العالم

فمع مطلع عام 2019 أنشئ على موقع الانستغرام صفحة لحساب يحمل اسم “World Record Egg” أي الرقم العالمي لبيضة، نشر صاحب الحساب بتاريخ 4 كانون الثاني/ يناير صورة لبيضة، ودون تحت الصورة نداءً للمتابعين مفاده: “دعونا نحطم رقم عالمي ونضع لايكات على هذا المنشور في الانستغرام” منوهاً أن صاحبة أكثر منشور من حيث عدد الإعجابات في الموقع هي نجمة التلفزيون الأمريكي كيلي جينر حيث وصل أحد منشوراتها إلى 18 مليون إعجاب. وبعد 13 يوم فقط من نشر البوست تخطت الصورة الرقم المتوقع وبلغت حاجز 47 مليون إعجاب من مختلف دول العالم، حيث بات عدد المتابعين لحساب البيضة قرابة 7.3 مليون متابع.

ورداً على ذلك، نشرت كايلي جينر مقطعا قصيرًا لها وهي تكسر بيضة على الأرض مع عنوان يقول “خذ هذه البيضة الصغيرة”.

“عصابة البيض” ليس الحساب الوحيد الذي حاول جمع عدد كبير من الإعجابات أو المتابعين عبر استخدام نكتة أو مشاركة بسيطة. فعلى موقع تويتر، جمع حساب “نصف بصلة” 635 ألف متابع في محاولة لتجاوز شعبية حساب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحائز على أكثر من 57 مليون متابع.

الأرقام الصادمة دفعت مجلة Paper العالمية لوضع صورة بيضة مكسورة على غلاف عددها الجديد وتذييلها بعنوان “تحطيم الإنترنت”، في الوقت الذي ينشر فيه صاحب الحساب قصص “ستويرز” تظهر تصاميم غرافيك للبيضة وعبارات عن قوة البيضة وتأثيرها العالمي.

اقرأ أيضاً: فنانون سوريون مستاؤون… من «البرد»

من يقف خلف هذه البيضة، لكن قبل ذلك كيف نستفيق من الصدمة؟ سؤال لا بدّ أنه ورد في ذهن الكثيرين ولا سيما المشاهير، كعارضات أزياء ينحتن أجسادهن من أجل صورة تجذب ألف متابع جديد، وشباب يبحثون عن الشهرة من كلا الجنسين يبرعون في استخدام برامج تعديل الصور لإخفاء عيوب البشرة وتحقيق تناسق أكبر للجسد. وليس ذلك فحسب، فتحت سيطرة الصورة كأقوى محرك في الإعلام، الكثير من المؤسسات الإعلامية وقادة الرأي العام والمؤثرين في المجتمع باتوا يبحثون عن محتوى بصري منافس ثادر على تثبيت وجودهم والحفاظ على جماهيرتهم في مواقع التواصل الاجتماعي. لتأتي صورة مخادعة وتكسر كافة قواعد الانتشار وكأن لسان صاحبها يقول: “لا يهم أن تصنع محتوى بعد الآن، المهم كيف تجلب الأرقام إليك”.

ربما تختفي ظاهرة البيضة بعد الأيام، لكن الرسالة الساخرة وصلت، وصنعت فرقاً قد يجعل ما بعدها ليس كما قبلها، طارحة مجموعة من التساؤلات المثيرة للجدل في تمكن السوشال ميديا من بناء سلطة أكثر استبداداً وتعنتاً من الأنظمة الديكتاتورية تاركة خلفها قطعان مليونية من الجماهير أُعيد تشكيلها وأدلجتها وفق قوانين العالم الافتراضي، وقوافل من الطامحين بالشهرة ليس همهم سوى جمع أرقام أكبر وأكبر وأكبر.

السابق
النائبة الطبش تعتذر من الله… والديّانون لا يقنعون!
التالي
زراعة الزعتر البلدي في زوطر الشرقية: أين الأسواق؟