بالأرقام الصادمة: كيف استثمر السوريون في دول اللجوء؟!

اللاجئين السوريين
ينطلق عام 2019 مع عاصفة "نورما" التي تعيد بوصلة اللجوء السوري إلى نقطة الصفر. المشهد لم يتغير كثيراً، الخيام ما زالت مكانها، اللجوء يستمر ولو اختلفت أشكاله وتعددت وجهاته.

رغم أصوات الدعوة وادعاء النظام بفتح الباب أمام الراغبين بالعودة، تتغير خارطة الواقع السوري حيث بنى السوريون من اللاجئين والمقيمين أعمالهم وكونوا مشاريعهم في دول الجوار، فجاءت الأرقام التي نشرها موقع “أنا العربي” نهاية العام المنصرم لتدل على أن اللجوء السوري كان فاعلاً بل إيجابياً في اقتصاد الدول المجاورة، على عكس ما روجت له وسائل الإعلام وحكومات الدول على أنه مسيّس ويشكل عبئاً على النتاج المحلي.

من الأردن البداية، حيث يشكل السوريين تواجداً كبيراً في المدن الأردنية فضلاً عن المخيمات، رخص اليد العاملة السورية دفعت أكثر من مرة الأردنيين للاستياء خاصة بعد توقف حركة الترانزيت طيلة إغلاق معبر نصيب الحدودي بين البلدين. في حين أشارت آخر الإحصائيات إلى أن إسهامات السوريين الاقتصادية في الأردن شكلت نسبة 20 % من النمو الكلي للاقتصاد كما حقق الأثر المادي للسوريين ما يعادل 4 مليار دولار سنوياً داخل الاقتصاد الأردني. في الوقت الذي حصلت فيه المملكة على مساعدات كبيرة لتحسين وضع اللاجئين على أراضيها ولم تدفعهم للمغادرة، في حين ضيقت الخناق على استقرار اللاجئين المسجلين داخل المخيمات خارج خيمهم.

اقرأ أيضاً: السوريون يرشّون الملح على خيامهم… وجروحهم

السودان استقبل السوريين أيضاً، وعاملهم كضيوف رافضاً فكرة تسميتهم باللاجئين. بينما رعت الحكومة المشاريع الاقتصادية السورية في الخرطوم وأم درمان والمدن السودانية الأخرى، فكثرت المحال والمطاعم ومصانع السجاد ومتاجر بيعه ليشكل الحضور السوري في الاقتصاد السوداني المرتبة الثانية من حيث الإسهام. أما السوريون وخاصة الشباب منهم فاختاروا السودان وجهة كونها لم تفرض فيزا على السوريين شرطاً للدخول والإقامة على أراضيها.

تركيا في المقابل كانت الاكثر استثماراً في السوريين سواءً على صعيد اليد العاملة، أو التجهيزات والصناعات، وما أشيع عن نقلها معامل ومعدات من حلب. الدراسة أشارت إلى تأسيس الجالية السورية لعشرة آلاف شركة خلال سبع سنوات، فضلاً عن الاستثمارات والمشاريع الفردية، بمعدل أربع شركات سورية تضاف يومياً ومعدل استثمار وصل لحوالي 360 مليون دولار، أما المخيمات فتحظى داخل تركيا بأفضل الظروف مقارنة بحال مخيمات لبنان والأردن.

مصر من الناحية الأخرى، كسبت رهاناً اقتصادياً بحضور سوري كبير في منطقة ستة أكتوبر قرب القاهرة. فلم يقيموا في المخيمات، ونظراً لرخص الإيجار، تمكن السوريون من الاستثمار في مصر ونقل معاملهم وتجارتهم إلى هناك. ليصل عدد الشركات المؤسسة فقط في التسعة الشهور الأولى من عام 2018 ما يقارب 818 شركة على الأراضي المصرية، كما حققت التدفقات المالية للسوريين في الفترة عينها من العام الفائت حوالي 70 مليون دولار.

اما لبنان المتكئ سياسياً على أوجاع السوريين وما قابله بعضهم من مظاهر عنصرية ومطالبات بالترحيل ونفي صفة اللجوء يضخ السوريون في لبنان يومياً ما يعادل 12 مليون دولار، يأتي معظمها من قطاع السكن والمواصلات والعمالة. في حين استحدث اللاجئون السوريون أكثر من 12 ألف وظيفة على الأراضي اللبنانية منذ عام 2016.

بعد كل ما سبق من أرقام صادمة، هل آذى السوريون دول الجوار حين لجأوا إليها فعلاً، أم حركوا عجلة الاقتصاد المتعثر وأثبتوا بهمهم وإرادتهم للعيش أنهم شعب لا ينكسر، يعمل في أقسى الظروف ولا يسرق ظل عمله بل يتركه على الأرض التي استقبلته وسمحت له العمل فيها.

السابق
لبنان يخوض مباراته الأصعب اليوم أمام السعودية.. وعينه على «فوز تاريخي»
التالي
ضربة معلم.. أم غلطة أستاذ؟