ندوة «شؤون جنوبية» عن المستشفيات: هكذا يتم تسييس الاستشفاء

عقدت مجلة "شؤون جنوبية" في مبنى بلدية صيدا عصر اليوم الخميس، ندوة حلقة نقاش بعنوان: "السياسة الصحية الرسمية والاستشفاء في الجنوب" وقد حاضر فيها رئيس الجمعية اللبنانية للسكري في لبنان الدكتور محمد صنديد، ورئيس اللجنة الطبية في مستشفى جزين الدكتور وهيب سلامي، والدكتور سامر جرادي.

حضر الندوة جمع من الشخصيات الثقافية والاجتماعية في صيدا والجنوب، إلى جانب عدد من المهتمين وأصحاب الاختصاص في الشأن الصحي والإعلامي.

قدّم للندوة الصحافي وفيق الهواري، ثم تحدث الدكتور سامر جرادي الذي تناول المستشفيات الحكومية في الجنوب، ورفض تحميل مسؤولية التقصير للمستشفيات، وإنما بسبب عدم جود خطة صحية واضحة، وقلة الإنفاق والفساد، و”إذا ضربنا مثلاً عن مستشفيات حكومية في تبنين وبنت جبيل وميس الجبل، فإن هذه المستشفيات مجهزة بشكل كامل وهي قريبة جغرافياً من بعضها، ولكن نسبة التشغيل فيها حوالى 50% عدا مستشفى بنت جبيل الذي يتم تشغيله بنسبة 100%.

اقرأ ايضا: افتتاح ندوة شؤون جنوبية في صور حول «واقع الزراعة في الجنوب»

الدكتور محمد صنديد ومن موقعه كرئيس الجمعية اللبنانية للسكري كان شاهداً على الفشل على حدّ قوله، وقد قدم ملاحظات هي:

1 – عدم وجود توزيع عادل للخدمات الصحية بسبب المحسوبيات، فلا وجود لخطة وطنية صحية شاملة لسنوات.

2 – عدم وجود خدمات للفقراء، خصوصاً من حيث الجودة، فأدوية السكري التي توزعها وزارة الصحة نوعها قديم، وتعتبر غير فعالة كفاية نسبة للأدوية الحديثة، ولكن ما تزال مستخدمة لعلاج السكري، وتوصف للمرضى.

3 – غياب الكفاءات واصحاب الشهادات ذات المصداقية العلمية عن تعيينات الأطباء في المستشفيات، وإنما يطغى على تلك التعيينات المحاصصة السياسية.

4 – عدم جدوى حملات الوقاية بسبب غياب الخطة، فربع الشعب اللبناني مصاب بالسكري، ولا يوجد سجل وطني للسكري إسوة بالسجل الوطني للسرطان، لذلك لا توجد إحصاءات صحيحة.

5 – عدم الإفادة من المساعدات الخارجية بسبب سوء الإدارة وغياب جلسات التوعية التي ترافق استخدام الأدوية.

وتابع صنديد، “لا يوجد برامج وقائية، ويجب إعادة النظر بالبرامج الدولية والمساعدات.

وخلص د. صنديد أن الحلول المقترحة تكمن بالتوصيات التالية:

  • تشكيل لجنة مؤلفة من أطباء ومستشارين كبار يمكن أن يكون القسم الأكبر منهم من المتقاعدين من أهل الخبرة والكفاءة من أجل اقتراح الإصلاحات المجدية.
  • إيجاد طريقة لتخفيف تكاليف العلاج باستخدام أدوية أقل كلفة وفعالة ومركبة، لأننا في لبنان نملك صيادلة لهم كفاءات عالية.
  • عدم تسييس المستشفيات الحكومية ورفع مستواها، وتحسين إدارتها.

ثم تحدث الدكتور وهيب سلامة رئيس اللجنة الطبية في مستشفى جزين الذي تناول وضع المستشفيات الحكومية في الريف، وهي تحت وصاية وزارة الصحة، والمفترض أن تعالج المواطنين غير المضمونين، بفارق أتعاب أن يدفع المواطن فقط 5%.

ويشرح الدكتور سلامة “أنه مع الأسف فان الالتزام بالكلفة غير متوفر لصالح المواطن، وكذلك فإن متاعب مالية بالمقابل تواجه هذه المستشفيات الحكومية ما يمنع الأطباء والعاملين فيها من تقاضي رواتبهم بشكل منتظم وهي تعاني من مشاكل مالية بشكل عام وعجز بين الكلفة والإنتاج، وحتى أن مجالس الإدارة لهذه المستشفيات موزعة طائفياً لا حسب الكفاءة العلمية، وهي عائق كبير بوجه الإصلاح، فغالباً ما يكون رؤساء إدارة المستشفيات الحكومية وأعضاء المجلس فاسدين، فيعينون المدراء الماليون فيها بشكل يضمن تحقيق مصالحهم.

وختم مدير الندوة الزميل وفيق الهواري النقاش، ولفت إلى أن اليوم توقف إضراب موظفي مستشفى الحكومي في صيدا، وأشار إلى أن السلطات أقفلت أحد مستودعات الأدوية بسبب قرب تجاوز الادوية لتاريخ صلاحيتها، مع العلم أنه كان من الممكن أن تحوّل الأدوية إلى مستوصفات ومراكز صحية لتوزيعها مجاناً على الفقراء قبل أن تنتهي صلاحياتها.

كما أدان الهواري التدخلات السياسية والمحاصصة الطائفية التي تُمارس أثناء تشكيل مجالس إدارة المستشفيات الحكومية في المناطق.

اقرأ ايضا: افتتاح ندوة «شؤون جنوبية» حول الانتخابات النيابية في صور

وبالنهاية شكر رئيس تحرير مجلة “شؤون جنوبية” الصحافي علي الأمين مشاركة الجميع بالندوة، ولفت إلى أنه لاحط بالنسبة لموضوع الندوة أن منطقة مرجعيون وبنت جبيل وراشيا لا يوجد فيها مستشفيات خاصة، لذلك فإن تقسيم الأسرّة في المستشفيات يراعي الطائفية.

والنقطة الثانية، أن تحميل النظام السياسي لوحده المسؤولية الكبرى عن تردي واقع المستشفيات الحكومية هو غير واقعي، وهو أمر تعجيزي لمن يريد الاصلاح، لانه لا يمكن إصلاح النظام بين ليلة وضحاها، وبالتالي لا يجب إلقاء المسؤولية فقط على النظام الطائفي والمحاصصة، فاذا اردنا أن نؤشّر على السبب الرئيس للفساد والاهمال الصحي في ايامنا، فهو أن السلطة أصبحت خارج الدولة، بمعنى أن سلطة الدولة بحالة ضعف لصالح قوى سياسية متحكمة على الأرض أقوى منها.

السابق
هذا ما قرره المجلس الأعلى للدفاع حول بناء الجدار الفاصل
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الجمعة في 11 كانون الثاني 2019