الأسد عن مرجع لبناني: لونه الرمادي لم يعد يعجبنا!

احمد عياش

ما قاله الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط بالامس عن تدخل سوري في ملف تأليف الحكومة يلقى تأييدا من جهات سياسية عدة تعبّر عن خصوم دمشق وحلفائها على السواء.لكن ما يقله جنبلاط هو حجم تدخل النظام السوري الذي تفيد المعلومات انه حاليا أوسع نطاقا من الشأن الحكومي الذي هو جزء من ملفات دخل عليها هذا النظام ومنها ما يتصل بتصفية حساب قديم جديد بين دمشق وبيروت .
قبل الشروع في عرض هذه المعلومات التي توافرت لـ”النهار” نتوقف عند ما قاله رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” عبر “تويتر” من ان هناك “حملة مبرمجة من ابواق النظام السوري لتعطيل تشكيل الحكومة، تارة عبر التشاور، وتارة اخرى عبر بدعة زيادة وزيرين وغيرها من الحجج الواهية. وكل ذلك لتعطيل القمة الاقتصادية وتدمير مناعة الجسم اللبناني لمزيد من الهيمنة…” وفي تأكيد لما قاله جنبلاط أبلغت مصادر وزارية في حكومة تصريف الاعمال “النهار” ان هذه الحملة على وشك ان تحقق هدفها في تعطيل القمة العربية التنموية والاقتصادية والاجتماعية التي من المقرر ان بستضيفها لبنان يوميّ 19 و20 الجاري . وكشفت هذه المصادر ان هناك دعوات لدول عربية ذات وزن لم تصل اليها من بيروت بسبب ملابسات تتصل بمن سيحملها الى العواصم المعنية قبل الوقوف على مضمونها.

اقرأ أيضاً: حزب الله عدوّ إسرائيل وحليفها الموضوعي في أمنها وخراب المنطقة

لكن ما يقله جنبلاط ما يتصل بدخول النظام السوري مباشرة على خط تعزيز حضور خصوم الزعيم الاشتراكي ضمن الطائفة الدرزية.وفي هذا الاطار ،سعى مسؤول سوري مباشرة لدى مرجع سياسي كي يستقبل احد هؤلاء الخصوم في ظل إحتدام أزمة الحوادث الاخيرة في الشوف.
ماذا في المعلومات التي جرت الاشارة اليها آنفا ؟وفق المصادر التي إستقت منها “النهار” معطياتها ، ان رئيس النظام السوري بشار الاسد الذي يعود الى مسرح الاحداث بـ”فترة سماح” إقليمية ودولية لم يكتم خصومته لزعماء ومسؤولين في لبنان ومنهم الرئيس الحريري وجنبلاط ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع.لكنه شمل في الوقت نفسه خصومته إسم احد المراجع ما دعا أحد سامعيه الى إستيضاحه سائلا:”لكن هذا المرجع لونه رمادي في علافته مع دمشق؟” فرد الاسد قائلا:”لم أعد أحب هذا اللون الرمادي!”
في رأي المراقبين ان المناخ الذي يرافق هذه المعلومات هو المهم .فهو يعكس التطور الذي بلغه التعامل الاقليمي والدولي مع نظام الاسد .وفي هذا السياق تتردد في الاوساط السياسية طرفة تقول ان وزير خارجية النظام السوري وليد المعلّم عندما سئل عن موضوع إعادة فتح السفارات في دمشق فأجاب: “يا أخوان، أنا أعاني من مرض القلب فلا استطيع تحمّل فتح أكثر من ثلاث سفارات في اليوم الواحد!” وخارج هذه الطرفة التي تعبّر عن واقع مأسوي ليس في سوريا التي شهدت ولا تزال مظالم لا توصف أنزلها هذا النظام بالشعب هناك،بل هي تعبّر أيضا عن واقع مأسوي مماثل في لبنان الذي عانى منذ عقود ولا يزال من تدخل النظام الاسدي الفظ في شؤون هذا البلد. وما نقل عن الاسد،يكشف عن حالة “تنمّر” متجددة يمارسها هذا النظام في التعامل مع لبنان!
أين يقف “حزب الله” من الدخول السوري المتجدد على الملفات اللبنانية؟ في تقدير اوساط سياسية مواكبة ان الحزب الذي ورث الوصاية السورية بعد رحيل قوات الاسد عن لبنان عام 2005، هو شريك في الضغوط السورية الجديدة التي تمثل فائدة في المدى المنظور لإنها تمارس نيابة عن الحزب جزءا من الضغوط التي تفرضها طهران كي تبقى الورقة اللبنانية جاهزة للاستخدام في مرحلة العقوبات الاميركية على النظام الايراني.وهكذا لا يبدو ممثل إيران في لبنان وحيدا في تحمل تبعات إخضاع الساحة الداخلية لمشيئة نظام الجمهورية الاسلامية.وفي هذا السياق بدا “حزب الله” منتشيا بعودة النظام الاسدي الى مسرح الاحداث وهو ما عكسه مقال منشور على موقع “العهد الالكتروني التابع للحزب وكان مخصصا للرئيس الحريري، فجاء فيه:” الحريري الذي يطمح إلى تحويل لبنان محطة انطلاق للشركات العالمية للمساهمة في إعادة الإعمار في سوريا، سيجد نفسه في قصر المهاجرين يصافح الرئيس الأسد ويسلّمه دعوة لحضور القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي ستعقد في بيروت ،وسيكون الأسد حاضراً حتماً في الدورة الثلاثين للقمة العربية التي ستعقد في شهر آذار 2019 في تونس”.
يأتي الكلام عن دخول سوري الى الملفات الداخلية متزامنا مع حملة متصاعدة يشنّها “حزب الله” على الحريري محمّلا إياه المسؤولية عن التأخير في تشكيل الحكومة. ويرد مصدر وزاري مؤيد للرئيس المكلّف على هذه الحملة عبر “النهار” قائلا: “ما لم يقبله الرئيس رفيق الحريري في زمن الرئيس حافظ الاسد ان يتم التمثيل العلوي في الحكومة، لن يتحمّل نجله سعد القبول به اليوم”.ومما يؤكد هذا القول ما اورده موقع “حزب الله” الالكتروني نقلا عن مرشح الانتخابات النيابية لعام 2018 عن الطائفة العلوية السيد احمد عمران قوله “أنّ قضية الوزير العلوي طُرحت سابقاً في عهد الرئيس الراحل رفيق الحريري، إلا أنها لم يُكتب لها النجاح لأسباب طائفية”.
ما دام الامر على هذا المستوى من التعقيد،فلماذا ينبري “حزب الله” اليوم الى فتح ملفات قديمة لا طائل من ورائها؟ لا جواب قاطع حتى الان.لكن ما هو مرجح ان الحزب يشهر سيف الاسد الان كي يقول: “لا تحمّلوني المسؤولية وحدي عن تعطيل آفاق الحلول في لبنانّ!”

السابق
بيان علماء جزين يطالب باستقالة بلدية الريحان
التالي
ابنة الرئيس التونسي بن علي تضع حدا للشائعات