«الستاند أب كوميدي» والبحث عن الرايتينغ من الجنس إلى قشرة الرأس

الستاند أب كوميدي فن اقتحم الشاشات العربية في السنوات الأخيرة، عبر مجموعة من الأشكال والقوالب الإعلامية. ما جعلنا نشاهد نفس المحتوى تقريباً على خشبة مسرح محلي في بيروت، أو على منصة رقمية تعرض ستاند أب كوميدي في الولايات المتحدة أو أوروبا. ومن ثم عبر برامج منوعة بُنيت في الأصل على قالب المذيع الذي يتواصل مع الجمهور من خلف طاولة وهو جالس على الكرسي.

كثيرة هي الأسماء التي دخلت هذا الحقل، وتحول بعضها إلى أقطاب تتنافس في مواعيد بث الحلقات ونمط تقديم الكوميديا فيها. وأبرز مثالان على ذلك في لبنان هما عادل كرم وهشام حداد. في حين يحفل اليوتيوب بعشرات البرامج المتضادة في التوجهات ولو بنيت في غالبيتها على ذات القاعدة: تحدث بأي شيء.. الهدف أن يضحك المشاهد.

وحتى يصل المقدم بالمشاهد إلى الضحكة، عليه عبور رحلة طويلة، تبدأ بحضور مناسب وإطلالة لا تعتمد على الشكل بالدرجة الأولى. حيث يجب أن يظل التركيز منحصراً في كلام المقدم. ويرافق ذلك علو الصوت وسلاسة النطق وبالطبع النص المحبوك بعناية.

وهنا تكمن الطامة الكبرى!! هل نضحك فعلاً على ما يقدّم لقيمة الطرح بل لأننا تعودنا على هذا النوع من الكوميديا.
قياساً لما يقدّم في هذا النوع الإعلامي عالمياً، ما زال لبنان متأخراً للغاية كونه أخرج هذا النوع من قالبه المسرحي البحت إلى نطاق البرامج التلفزيونية، وأقحمت الحوارات الفنية ذات المضمون الترويجي في هذه البرامج لتحظى بنسب مشاهدة عالية من جهة، وتحقق أهداف القناة العارضة للبرنامج في الترويج لأسماء فنية معينة، ما أبعد الطرح الكوميدي عن حدته ورسائله المباشرة للواقع المحلي.

فإذا ما استذكرنا تجربة الإعلامي المصري باسم يوسف في برنامجه الشهير “البرنامج” ندرك أهمية هذه البرامج في تحريك المياه الراكدة ووضع الاصبع على الجرح مباشرة.

ورغم اختلاف الواقع السياسي في لبنان عن مصر، إلا أن القنوات اللبنانية لم تخرج من إطار تحزباتها الضيقة ولو قدمت عدة أشكال مختلفة من هذه البرامج، إلا أن بعض المذيعين توجهوا إلى قنوات عربية وإلكترونية لبث برامجهم بعد إخفاقهم في الوصول عن طريق قناة محلية، كما فعلت أماني جحا في برنامجها “ما لاقط” الذي يبث على التلفزيون العربي.

على صعيد الانتشار العالمي، برز اسم نمر أبو نصار كستاند أب كوميدي لبناني قدّم عشرات المقاطع الساخرة في أداء مباشر متقن، لكنه تعثر في الوصول إلى الشارع المحلي كونه يقدم الفيديوهات باللغة الانكليزية. في حين استطاع عرض مشترك أنتجته شركة شهيرة للشامبو في العالم العربي بمساعدة نمر لتحقيق انتشار إقليمي أكبر من خلال الحديث عن قشرة الرأس بقالب ستاند أب كوميدي مشوّق.

أما الراتينغ فما يزال المتحكم الأول في تحديد وجهة هذه البرامج، ومن يستمر في تقديمها. ولو عملت القنوات اللبنانية على إقحام الأسماء التي تريد في برامج الستاند أب كوميدي والضغط على المشاهد كي يضحك وهو يشاهد، حتى لو كان يضحك على نفسه. فقبل عدة أشهر روجت شبكة Netflix العالمية للممثل عادل كرم على أنه أول لبناني يقدم برنامج ستاند أب كوميدي من خلالها، فجاءت النتيجة عدم تحقيق البرنامج لأي صدى يذكر ووقوع عادل في فخ التكرار واستفزاز ضحكات الجمهور عبر الإيحاءات الجنسية التي أكل عليها الدهر وشرب.

غير ان السؤال يبقى، من يحدد إذاً فعالية الستاند أب كوميدي على الأرض، حجم المشاهدة والتفاعل على الإنترنت وإعادة مشاركة مقاطع من البرنامج آلاف المرات، أم النقد الصائب والموجه لواقع خدمي مشلول وحكومة متعثرة وبلد يعاني من عشرات القضايا المعيشية والاقتصادية التي تستدعي البكاء قبل الضحك، والصراخ من أجل التغيير لا الصراخ من أجل القهقهة؟!

السابق
الحرارة ستصل إلى 6 درجات في بيروت.. هل تذكرون ما حصل في 2015؟
التالي
بعدما أنجبت طفلاً منه وهي قاصر.. زوج العمّة المعتدي في قبضة الأمن!