الحلّ في سوريا يبقي الأسد ضعيفا ويُخرج إيران

حين يجري الحديث اليوم عن مسار الحل السياسي في سوريا، يجب أن ننوه بأن سير العملية السياسية على سكة الديمقراطية ليس هو المقصود، وان كان هو الهدف البعيد لدى البعض من الذين يراهنون على “اللجنة الدستورية”، التي يفترض أن تتشكل في صيغتها النهائية لتنجز الدستور السوري الجديد تطبيقا للقرارالدولي 2254. الحل السياسي سيكون حصيلة التوازنات الدولية والإقليمية في سوريا، وهذا بالضرورة سيؤدي الى تغيير في بنية النظام السوري يلبي تلك التوازنات والمصالح.

عملية الانتقال الدستوري في ظل بقاء رئيس النظام السوري، أمر قررته القوى الكبرى، بريطانيا أول من عبّر عن هذا الموقف وتبعتها فرنسا خلال العام المنصرم.

الموقف الأميركي ليس خارج هذا السياق بل في صلبه، وربط الرئيس الأميركي بين الحل السياسي وإخراج ايران من سوريا، وقال قبل أيام أن السعودية سوف تقوم بتمويل عملية الاعمار من دون أن يصدر أي موقف من المملكة التي لم تنف ولم تؤكد.

اقرا ايضا: نبيل خليفة يقرأ المشهد السوري: اسرائيل أولاً…وإيران تتحضر للخروج

الدخول الى سوريا من البوابة الدولية هو ما قامت به بعض الدول العربية اليوم، فتح السفارات يستند الى مقاربة رسمية تقوم على إقرار بقاء النظام، لكن ضمن سياق دولي لم تزل أولويته اخراج ايران من سوريا، اذ يمكن القول أن خمس دول محورية في سوريا اليوم، هي صاحبة مصلحة في الحدّ من النفوذ الإيراني في هذا البلد، اميركا وروسيا وتركيا إسرائيل والسعودية، اولويتهم تحييد ايران عن الحل السياسي، ويمكن التوقف اليوم عند الصمت السعودي الذي لم يعط موقفا حتى الآن من نظام الأسد، ويحيل بعض المتابعين الموقف السعودي ان الرياض لديها مشكلة عدم ثقة بنظام الأسد بسبب تعهدات سابقة أخلّ بها في مراحل مختلفة في السنوات الماضية من جهة، وعدم الثقة بالموقف الأميركي الذي لا يزال يلجم أي محاولة لترجمة الثقل الاقتصادي الى نفوذ سياسي.

عودة الامارات العربية والبحرين والسودان الى فتح سفاراتهم في دمشق، ينتظر الموقف السعودي ليكتسب معناه على المستوى العربي، ورغم أن الخلاف المصري السعودي ظلّ قائما على مسألة العلاقة مع نظام الأسد في السنوات الماضية، فان ذلك يؤكد أن العلاقة المصرية-السورية لم تنقطع، بل قامت مصر في العهد الحالي بتقديم معونات عسكرية للجيش السوري خلال السنوات الماضية.

ولكن هل يمكن اعتبار اعلان الانسحاب الأميركي انتصارا لفكرة بقاء القوة الإيرانية في سوريا؟ الثابت في كل الخطوات الأميركية، أن خروج ايران من سوريا ثابت لم يتغير وسط التبدلات التي تظهر في مواقف الرئيس الأميركي، بل أظهرت الخطوة الأميركية في نتائجها الأولية المزيد من التنسيق الروسي-الإسرائيلي، لا سيما لجهة ضمان حق إسرائيل من قبل روسيا في توجيه ضربات عسكرية داخل سوريا ضد المراكز الإيرانية، ومن جهة ثانية تعزيز التعاون الروسي-التركي الذي لن يكون الا على حساب الدور الإيراني وللحدّ منه.

يبقى ان الاطراف الإقليمية والدولية في سياق تحضير المشهد السوري لمرحلة الانتقال السياسي، تفتح الطريق أمام دخول برغماتي للنظام العربي، غايته استخدام القوة الاقتصادية والمالية كقوة ضغط لانجاز تسوية سياسية، نظام الأسد هو الحلقة الأضعف فيها، اضافة للمعارضة المُهملة والمشتتة.

السابق
نبيل خليفة يقرأ المشهد السوري: اسرائيل أولاً…وإيران تتحضر للخروج
التالي
طرقات صور مقطوعة بسبب تشكُل مستنقعات مائية