زياد الرحباني.. من تسييس الفن إلى فنّ السياسة!

لا يغادر الفنان زياد الرحباني المركز الثقافي الروسي في بيروت حتى يعود إليه، وبين مرة يزوره بدافع الغناء والعزف، ومرة ثانية بدافع السياسة فرق كبير.

زياد الذي غاب عن الإعلام لفترة كبيرة نسبياً، استطاع أن يشغل حين عودته الإعلام المحلي والإقليمي، تنقلّ بين الشاشات اللبنانية على اختلاف توجهاتها، أطلّ عبر تلفزيون دوتشيه فيلله الألماني، أبدى رأيه بالربيع العربي، سافر إلى مصر وأطلّ عبر إعلامها مفضلاّ حكم السيسي على الإخوان. وحين قرر الحديث عن الفنانين، أطلق تصريحات نارية عبرّت عن علاقة غير مستقرة تجمعه مع نجوم الغناء العربي.

وقبيل انتهاء عام 2018 أعاد زياد الظهور مجدداً مع مقدم برنامج “لهون وبس” هشام حداد في حلقة هاجم فيها النائب السابق وئام وهاب ما أثار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن ما هو الذي يملكه زياد ليقدمه في أكثر من ست مقابلات تلفزيونية خلال شهرين.

اقرأ أيضاً: هرطقات زياد الرحباني

لم يصرّح زياد سابقاً أنه بصدد إطلاق تجمع سياسي جديد، لكن مسرح المركز الثقافي الروسي نفسه الذي شهد في كانون الأول الفائت مهرجان موسيقي نظمه زياد، رجع وضمّ زياد مع مجموعة من الوجوه اللبنانية البارزة في السياسة والثقافة والمجتمع لإطلاق مشروع تجمع سياسي يدعى“Collective” .

التجمع السياسي ضمّ في حفل إطلاقه شخصيات سياسية وإعلامية واجتماعية لبنانية بارزة ومن بينها النائب وائل أبو فاعور، والنائب السابق نجاح واكيم، والممثل اللبناني مجدي مشموشي، ونجل الرئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني، والإعلامي عماد مرمل، وشخصيّات من أحزاب يسارية.

في حين جاءت الحركة بعد لقاءات واجتماعات عدة استمرت لأربع سنوات متتالية، وتهدف الحركة السياسية على حد زعمها إلى وضع خطط عملية جدية للنهوض بالوضعين المعيشي والاقتصادي في البلد. إلاّ أن السخرية المعهودة لدى زياد دفعته لتسمية التجمع بالبرجوازيين الوطنيين على حد وصف بعض كبار المتمولين حسب قول الرحباني!

هل رسم زياد مشروعاً للانتشار حقاً؟ يبدو أن رغبته في بناء اتحاد “بعيد كلّ البعد عن زواريب السياسة الفاشلة في لبنان” كما قال ليس بالأمر السهل، طالما زياد يراهن على إحداث تحرك في بلد مشلول سياسياً، ولا يسعفه المناخ الإقليمي في اتخاذ قرار مستقل. فكيف يطلب إذاً من الجنوب والشمال التحرك لدعم مشروعه، طالما يدرك أن عقدة القرار السياسي في العاصمة بيروت لم تحل بعد!!

“أنا رجل انتحاري كل يوم، وليس لدي ما أخسره وليس لديّ مرافق في حياتي.” فإذا كان ابن جارة القمر يعاني من هذه العزلة، يرفض تأليف الأغنيات لمحبوبته داخل إطار العلاقة ويبدي رأيه بهذه الحدية حتى لو سبب ذلك له خسارة الصداقات. فكيف سيعيد بناء تكتل حوله وهو الذي يعترف اليوم بندمه على أفكاره الشيوعية، وهي ذاتها الأفكار التي حولت ما قدمه من أغنيات لأغاني ثورية لدى جيل من الشباب اللبناني والعربي. كيف ممكن لزياد أن يقنع الشباب بالابتعاد عن زواريب السياسة الضيقة وهو الذي أعلنها صراحة بإيمانه المطلق بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين واصفاً إياه بأمل البشرية، في الوقت الذي شارك بوتين بشكل فعلي في إذكاء نيران الحرب السورية وإخماد شعلة الثورة فيها.

اقرأ أيضاً: إليسا وزياد الرحباني: الوضوح السياسي والتفاؤل في مواجهة «كوليكتيف» العزلة والترهل

ويبدو أن جعبة زياد من الإنتاجات الفنية لن تتوقف، فهو يعود للمسرح عبر نص جاهز، فضلاً عن أغنيتين للسيدة فيروز احداهما بعنوان “ليك يا حبيبي” وحديث عن اسطوانتين واحدة منهما تضم تراتيل دينية، وحفلات موسيقية له في ألمانيا وبلجيكا وانجلترا في آذار المقبل. في حين قدّم زياد أغنية “وقفنا الشعور” للفنانة مايا دياب لتغنيها، وتعود الأغنية لعام 1982 حين كتبها لزوجته الاولى عند الانفصال ويقول مطلعها “ما تسألي شو حاسس.. وقفنا شعور وقفنا العاطفة وخصوصي الحنين.. شو بدك دخان وقفت التدخين.. كلو بسبب شو.. كلو بسبب مين.. عم فكر بحالي لحالي.. ما حدا يتضايق كرمالي.. انا ممنون لطف السامعين”..

وما زال زياد يفكر لوحده، فمن يقوى على مشاركته كل هذه الأفكار!!

السابق
إيران: كل الدول المعفاة من العقوبات لم تشترِ نفطنا
التالي
«شركة ميراج» المعاقبة أميركيا لعلاقتها بحزب الله ترمي السموم في جرود البقاع!