الحكومة في الكوما وبرّي يحذر من الشارع والراعي لن ينتظر..

البطريرك الراعي
انقسام في شأن خطورة الأزمة الاقتصادية؛ الحكومة في موت سريري دستوريًا و"تُنْعَش" برلمانيًا.

تستمر لعبة عضّ الأصابع والمناورات الممجوجة بين القوى السياسية الدائرة في فلك تشكيل الحكومة منذ ثمانية أشهر ويزيد، ويبدو أنها إلى مزيد من الدوران في الحلقة المفرغة أو “الحركة بلا بركة” (ومنها مثلًا حمْل وزير الخارجية رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في زيارته رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري طرحًا لتوسيع الحكومة الى 32 أو 36 وزيرًا في وقت يعرف القاصي والداني موقف الحريري الرافض هذا الطرح).

اقرأ أيضاً: مراد لجنوبية: بري هو من طرح عدرا، ولا دخل لحزب الله بنا

ومع توجيه البطريرك بشارة الراعي في حديث صحافي نداء لتشكيل حكومة مصغرة إذا لم تشكل الحالية خلال 3 أيام، وقوله “سنصعّد سياسيًّا، بعد أن وعدَنا وفدُ حزب الله بتشكيلها خلال يومين”، منتقدًا “مخالفة الدستور بتقاسم الحقائب واختيار الاسماء من الفرقاء بدل رئيسي الجمهورية والحكومة، فكيف تمكن مجلس النواب عندها المحاسبة عندما تكون الحكومة مجلسًا نيابيًا مصغّرًا؟”، يبدو أن الشارع اشتاق إلى هذه اللعبة، فأطلق “الاتحاد العمالي العام” وحزب “سبعة” وأطراف مختلفة (الموظفون والعمال في: تموين المطار، الجامعة اللبنانية، الكهرباء، الضمان، مرفأ بيروت، مياه البقاع، مياه لبنان الجنوبي، البلديات، الفنادق والمطاعم -المياومون وجباة الإكراء – حزب الخضر – العمال والمستخدمون في النبطية – حركة الشعب – MEA : ساعة واحدة مع اعتذار من المواطنين لتأخير بعض الرحلات لوقت قصير – جمعية تجار جونية وكسروان الفتوح: توقف رمزي عن العمل لنصف ساعة – إهراءات الحبوب: تضامنوا مع الإضراب فقط لأن ايقاف العمل داخل الاهراء مرتبط بالأمن الغذائي للمواطن) حركةَ إضرابات عن العمل والتزام البيوت أعلن رئيس “الاتحاد” بشارة الأسمر بعد استقباله وفدًا كتائبيًا برئاسة سامي الجميل، أن الضغط لتأليف حكومة فورًا هو الهدف الأساس وراء الإضرابات، التي رفضها رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير (“حرصًا على عدم تكبيد الاقتصاد خسائر إضافية تقدَّر بـ100 مليون دولار في اليوم، إضافة إلى أن الداعين له مجهولو الهوية وتحركهم غير واضح المعالم والنوايا”، كما قال في حديث صحافي)، وهي كما يبدو «تحذير أولي» في سياق الضغط للخروج من الوضع الاقتصادي المتأزم الذي كثُر الحديث عنه في الآونة الأخيرة، على رغم ما يوحي بعكس ذلك من كلام تلفزيوني لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي أعلن أنه ليس خائفًا طيلة العام 2019 على الليرة أو الوضع النقدي أو معاشات موظفي الدولة أو القدرة الشرائية للبنانيين، ومجيبًا عن أسئلة حول راتبه الشهري، وعلاقة مصرف لبنان بالدين العام، والعقوبات المالية على حزب الله، وقرض الرئيس نجيب ميقاتي، وأموال الإسكان، والفساد المالي في لبنان… وغيرها، وهو كلام يعطي انطباعًا ورديًا يتناقض مع كلام متشائم لوزير الاقتصاد رائد خوري في حديث صحافي، عن أن “لبنان يرزح تحت واقع اقتصادي صعب هو نتيجة تراكمات 25 عامًا”، داعيًا إلى “التكيف مع إجراءات تقشف جديدة سوف تتخذ لمنع انفجاره”، ومذكرًا بأن لبنان مدين وغير منتج، ولذلك سوف تكون هناك “زيادة في الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة ستطاول بلا شك البنزين”.

كما ستلي تلك التحركات سلسلة أخرى من الاحتجاجات والتظاهرات لأحزاب اليسار والحِراك المدني تبدأ في 12 و13 من الجاري ثم تتصاعد حتى تصل إلى “التحرك الكبير” الموعود في 19 و20 الجاري، وسط خشيةِ المراقبين من تحوّل الشارع وسيلة في الصراع الحكومي القائم أو فسحة لاختراق طابور خامس يفتعل المشكلات ويحطم سيارات أو واجهات محال أو ربما أكثر من ذلك، مدفوعًا من قوى سياسية نافذة معترضة على التحرك (كقول رئيس مجلس النواب نبيه بري في حديث صحافي: “موضوع النزول إلى الشارع أمر لا نحبذه، فهو لعبة خطيرة ونخشى من استعماله في اتجاهات لا تُحمد عقباها”)، وبخاصة مع استحقاقات كبرى يقبل لبنان عليها، مثل القمة العربية الاقتصادية والتنموية المقرر أن تستضيفها بيروت في 19 من كانون الثاني الجاري (والتي نفى المستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية رفيق شلالا ما يُتداول عن إمكان تأجيلها، قائلًا إن كل ترتيباتها والإجراءات المتعلقة بها أُنجزت وجدول اعمالها جاهز”)، والتساؤل عما إذا كانت أطراف متضررة من رفض الحريري دعوة سوريا إليها التزامًا بقرار الجامعة العربية تعليق عضويتها فيها، قد تفتعل المشكلات في شكل أو آخر للضغط في سبيل تعديل هذا القرار، وخصوصًا إثر إشارة «حزب الله» بلسان كتلة “الوفاء للمقاومة” إلى «عودة الدول العربية الى دمشق، فيما يجدر بالجار الأقرب وصاحب المصلحة الأكيدة، ان يكون في طليعة المبادرين لتعزيز هذا المناخ».

اقرأ أيضاً: تأليف الحكومة بانتظار حلّ عقدتي الحقائب وتمثيل سنّة 8 آذار

وفي سعي من الرئيس بري نقله عنه أحد نوّاب “كتلة التنميّة والتحرير” بعد لقاء الأربعاء النيابي في 2 من الشهر الجاري، يشي بعدم توقعه حلًا قريبًا لأزمة التأليف، بعد أن كان حزب “القوات اللبنانية” طالب بهذه الخطوة في بيان لكتلة “الجمهورية القوية” في 11 كانون الأول 2018 وَجوبِهَ برفض بعض الأطراف السياسية، مضى بري في محاولاته توفير النصاب لعقد جلسة تشريعية في البرلمان لإقرار مشروع الموازنة، تفاديًا لمشاكل تعترض صرف الرواتب وغيرها (مستندًا في ذلك إلى اجتهاد مُماثل عام 1969، في حكومة الرئيس رشيد كرامي لتصريف الأعمال بعد أن تعذر تشكيل حكومة مدى 7 أشهر) بعد أن حصل على موافقة الأطراف الرافضة، بادئًا بالطلب إلى الرئيس الحريري دعوة حكومة تصريف الأعمال إلى الالتئام، وهي دعوة أعلن وزير المال علي حسن خليل إثر زيارته بيت الوسط أن “لا خلاف مع الحريري” في شأنها، وتحذيره – على رغم تطمينه إلى أن لا خوف على الرواتب- من أن “الأموال قد لا تتوافر للوزارات في حال تأخر تشكيل الحكومة”.

السابق
في منتهى الجد «حزب الله» ومهلة الـ72 ساعة؟
التالي
طهران تعلن تصفية أبو بكر البغدادي الإيراني