قطاع الماشية في لبنان: هل يُحمى أو يراقب؟

يبدو أن قطاع تربية الماشية المعدة لإنتاج الحليب ومشتقاته يتعرض للمنافسة والإهمال وعدم التخطيط شأنه شأن باقي القطاعات الزراعية في الجنوب. وحالياً لا توجد إحصائية رسمية تحدد عدد المزارع المرخصة والمزارع غير المرخصة التي تنتج حليباً طازجاً والبعض يصنع منه أجباناً وألباناً مختلفة.

في قضاء صيدا التقت “شؤون جنوبية” مع مدير الإنتاج في مزرعة الأخضر علاء الأخضر، والمزرعة تقع في معمارية الخراب وهي بلدة صغيرة ما بين العدوسية والمروانية.

يقول الأخضر: إننا نربي 75 رأس بقر حلوب في هذه المزرعة ونصنع من حليبها لبناً معد للأكل وأنواع مختلفة من الأجبان مثل البلدي، العكاوي، حلوم والدوبل كريم. بالإضافة إلى نحو 2000 دجاجة بياضة تنتج بيضاً بلدياً يباع في الأسواق.

مشكلة العلف والطاقة

ويحاول الأخضر تسليط الضوء على المشكلات والعوائق التي تواجه عمله ويوضحها بالآتي: إننا نعاني من ارتفاع سعر المحروقات التي نستخدمها لتوليد الطاقة التي تلزمنا في جميع ميادين الإنتاج من حلب الأبقار إلى التصنيع، بالإضافة إلى الطاقة اللازمة لبيض الدجاج. مع العلم أن قسماً من الطاقة نولدها من أجهزة الطاقة الشمسية المنصوبة في المزرعة.

اقرأ أيضاً: محمد حجازي: زراعة الأفوكادو هي الزراعة الأقدر على الحياة في لبنان

ويضيف: كما نستعمل الطاقة لضخ المياه من البئر الارتوازي خصوصاً أن مياه المصلحة الرسمية غير كافية لتغطية متطلبات المزرعة والمعمل. نحن بحاجة إلى كميات مياه كبيرة لري العلف الخفيف الذي نزرعه لإطعام البقر. وما بين كلفة المحروقات والعلف بأنواعه تصير كلفة الإنتاج عالية.

منافسة عبر التهريب

ويزيد: إننا نتعرض لمنافسة غير قانونية، تصل إلى المنطقة بضاعة مصدرها سورية وتهرّب عبر الحدود وتسلّم للمحلات في الجنوب بأسعار أقل من كلفة الإنتاج عندنا، وللأسف لدينا قوانين لحماية عملنا ومستوى الإنتاج لكن الوزارات المعنية بالرقابة لا تقوم بعملها بشأن التهريب من جهة وممارسة الغش من جهة أخرى، إذ نجد في السوق إنتاجاً من اللبنة، مصنّعة من بودرة الحليب، أو يضاف إلى إنتاجها أنواع من السمنة.

يصمت برهة قبل أن يكمل حديثه قائلاً: ولكن تجري مراقبة المزارع ومعامل الإنتاج الحاصلة على رخص قانونية، ولا تجري أية مراقبة على المؤسسات غير خاضعة للترخيص.

غياب العناية الطبية

وهل من مشكلات أخرى؟ يجيب الأخضر: طبعاً، على الرغم من أن القانون يلزم الوزارات المعنية بإرسال طبيب بيطري لمعاينة الحيوانات، لكن في الحقيقة فإننا نستقدم الطبيب على حسابنا الخاص، حتى أن الفحوص المخبرية المطلوبة على الإنتاج، فإننا نغطي تكاليفها بالكامل وكل فحص يكلفنا نحو 360 ألف ل.ل.، في حين أن المزارع والمعامل التي تعمل بطريقة غير قانونية لا نخضع لكل هذه الأمور ويبدو في هذا البلد من يعمل بطريقة قانونية عليه أن يدفع الثمن.

شؤون جنوبية 169

وعن مساعدات الوزارات يوضح الأخضر: وزعوا علينا مساعدات للعلف أيام كان حسين الحاج حسن وزيراً للزراعة، وبعد ذلك توقفت المساعدات. والآن نزرع علف خفيف باتت كلفته ترتفع بارتفاع إيجار الأراضي المعدة للزراع، ونخلطه مع أنواع أخرى من العلف نشتريها من التجار. وأود الإشارة إلى قيام وزارة الصناعة مؤخراً بتسهيل الحصول على تراخيص بالعمل كما تنظم لنا دورات تدريبية مع منظمات دولية لتطوير الإنتاج بطريقة متقدمة. ونحن الآن في طور تطوير العملية الإنتاجية، والذي يساعدنا على ذلك امتلاكنا محلات للبيع بالمفرق.

المطلوب: خطة وطنية

ويختم قائلاً: لكن ذلك لا يلغي ضرورة وضع خطة وطنية لتطوير عمل المزارع والمعامل المصنفة للألبان والأجبان ضمن الشروط الغذائية وفق المواصفات القانونية وأن لا تبقى هناك معامل أو مزارع غير مرخصة تعمل بدون رقابة غذائية.

ذات المشكلة في صور

وفي قضاء صور وتحديداً في بلدة طيردبا يملك علي فقيه مزرعة ماشية حلوبة تضم 17 بقرة و40 رأس من الغنم و10 رؤوس ماعز. ويحاول فقيه تسليط الضوء على المشكلات التي يعاني منها في عمله هذا فيقول: أول مشكلة نعاني منها هي ارتفاع كلفة الإنتاج وخصوصاً العلف، ففي الجنوب أسعار العلف أعلى من سعره في منطقة البقاع وهذا ما يؤثر على كلفة الإنتاج وبالتالي يجعل إنتاجنا من الحليب أعلى كلفة من مثيله في البقاع.

اقرأ أيضاً: ماذا تريد أن تعرف عن الأفوكادو وتطورها في لبنان؟

ويضيف: وحتماً نواجه مشكلة أخرى تتعلق بتسويق الإنتاج، إننا نصنع لبناً من الحليب الطازج ونوزعه على محلات المفرق، وفي ظل المنافسة مع إنتاج المناطق الأخرى يجعلنا في موقع الضعيف وخصوصاً أن إنتاجنا لا يحتوي أية مواد حافظة، وبالتالي في حال عدم البيع نضطر إلى إتلافه.

لا مساعدات من الوزارات

ويضيف: تتعرض الماشية إلى أمراض عدة ومنها الصفيرة ومشكلة بالرئتين، وبدلاً أن تهتم وزارة الزراعة بالأمر، فإننا نضطر لعلاجها على نفقتنا الخاصة. وبالتالي لا نحصل على أية مساعدة، ولكن أريد الإشارة أنه في الفترة الماضية وزعت علينا كميات من العلف لمرتين، مرة استفدت منها وفي المرة الثانية وعلى الرغم من حصولي على وصل يتيح لي الحصول على كمية العلف المحددة إلا أني ومع المراجعة أخبروني أن كميات العلف قد نفذت، و أن غيري أيضاً واجه مثل هذه الحادثة.

يقول أحد الاختصاصيين أن الثروة الحيوانية في لبنان تنتج نحو 80% من احتياجات السوق الداخلي من الألبان والأجبان المختلفة، لكن في ظل المنافسة غير القانونية والتهريب وعدم الرقابة الجديدة على سلامة الغذاء وارتفاع كلفة الإنتاج، كل هذه تجعل من هذا القطاع عرضة للتراجع وبالتالي خسارة قطاع إنتاجي آخر يضاف إلى القطاعات الإنتاجية المتراجعة الأخرى.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 169 خريف 2018)

السابق
صدور عدد جديد من مجلة الدراسات الفلسطينية عن تهجير فلسطينيي لبنان ومسألة غزة
التالي
استعدوا لأول عاصفة ثلجية لهذا الموسم.. الجنرال الأبيض على الـ 700 متر!