كيف سيتعامل الحريري مع سورية؟ وماذا يُقلق حزب الله؟

سعد الحريري
يعتبر الحريري كما هو واضح للمجتمع الدولي أيضاً، أن روسيا هي المتحكمة بقرار دمشق، وأنه عندما سيتكلم في شأن سوري أو اللاجئين أو حتى إعادة الإعمار، سيتم ذلك بالتواصل مع الروس، وذلك لفقدان أي أهمية لنظام يشكل صورة شكلية للدولة في سورية.

تحتل التطورات السورية المشهد الإقليمي حالياً، إلى جانب تسارع مسارات الحسم في اليمن.. ويبدو أن قضايا المنطقة ستغلق على شكل package قد يشمل لبنان الذي يعيش أزمة حكومية، إضافة إلى انقسام دائم حول العلاقة مع سورية، فكيف سيتعامل لبنان مع الانفتاح العربي على دمشق؟

لا شك أنه رسمياً، فقط دولة الإمارات هي من أعادت فتح سفارتها في دمشق، إلا أن التصريحات الإماراتية تؤكد على تنسيق كامل في الأمور الكبيرة كموضوع سوريا مع حلفائهم في الخليج. ولا بد من الإشارة إلى أن التغيرات الحكومية في السعودية أتت تزامناً مع القرار الإماراتي، وكان التعديل في منصب وزارة الخارجية لافتاً، حيث استبدل عادل الجبير بوزير المالية السابق إبراهيم العساف، الذي يرأس بدوره اللجنة السعودية السورية المشتركة.

اقرأ أيضاً: المال العربي يواجه النفوذ الإيراني في سورية.. والحكومة قبل القمة العربية

ومع توالي الإشارات نحو دمشق، هناك تلميحات نشطت مؤخراً عن أن الحكومة اللبنانية ستشكل قبيل القمة الاقتصادية العربية في بيروت في 20 كانون الثاني المقبل. وكان السفير الإماراتي في لبنان حمد الشامسي قد أشار إلى ذلك، مؤكداً أنه يجب على لبنان أن يكون ممثلاً بحكومة كاملة الصلاحيات في القمة، مما يؤثر على مستوى التمثيل العربي فيها وعلى القرارات المرتقبة لها.

وعن دعوة سورية إلى القمة، فتنشط هذه الجبهة مجدداً اليوم، خصوصاً بعد التغيرات المتتالية، فهل يتم دعوتها؟

تقوم وزارة الخارجية مفوضة من الحكومة بتقديم الدعوات للمدعوين إلى القمة، وبما أن القمة عربية، فلبنان يلتزم بمقررات جامعة الدول العربية، التي تفقد الضلع السوري فيها.

ولكن إذا تناغم الموقف العربي تجاه سورية أكثر في الأيام القادمة، فقد تكون هي الفرصة الأولى التي تعيد سورية إلى الحضن العربي بشكل رسمي، ولن يكون هناك من حجج كافية لمنع هذه الدعوة، مع استبعاد حضورها بشخص رئيس النظام بشار الأسد.

كيف سيتعامل الحريري مع الانفتاح على سورية؟

عندما سُئل الرئيس المكلف سعد الحريري عن إمكانية زيارته لسورية لمصلحة لبنان، أجاب ” لن أزوها لا لمصلحة لبنان ولا غيره” في ظل نظام الأسد، لكن شق الزيارة كان يبدو شخصيا وله علاقة برصيده الشعبي والسياسي أيضاً.

إلا أنه عندما سئل عن كيفية التعامل مع انفتاح عربي محتمل على دمشق، أجاب أنه سيدرس المتغيرات ويقرر على أساسها.

يعتبر الحريري كما هو واضح للمجتمع الدولي أيضاً، أن روسيا هي المتحكمة بقرار دمشق، وأنه عندما سيتكلم في شأن سوري أو اللاجئين أو حتى إعادة الإعمار، سيتم ذلك بالتواصل مع الروس، وذلك لفقدان أي أهمية لنظام يشكل صورة شكلية للدولة في سورية.

وهذا ما يشكل مصدر قلق للجانب الإيراني وبالتالي ذراعه في سوريا حزب الله، بحيث أن النفوذ الروسي على الأرض، إضافة إلى التوغل التركي المستفيد من قطع أي مد أميركي للأكراد بعد انسحاب واشنطن من شرق الفرات، لا يبدو مريحاً، في ظل تأكيدات تركية وروسية مشتركة عن المضي قدماً لإخراج جميع الميلشيات من سورية.

بماذا ينذر القلق الإيراني؟

صحيح أن الإعلام القريب من النظام السوري والمحور الممانع يهلل للانتصار، وبدأ يستقبل الشخصيات المهنئة للأسد، إلا أن الحقيقة تبدو في مكان آخر، فلا نظام سوريا كما كان سابقاً، ولا غطاء دولياً لإيران وخصوصاً من أميركا، على عكس ما كان الوضع عليه خلال عهد الرئيس باراك أوباما.

إضافة الى المكاسب الروسية والتركية في سوريا، يطل العرب ليحاولوا ترميم ما تهدم بينهم وبين سورية، سورية الدولة والشعب، وليس النظام، وسورية الاقتصاد عبر إعادة الإعمار، وليس القتال.

وهذا ما لا ترحب به طهران إطلاقاً، وهي التي تدخلت لإنقاذ النظام لأنه مبتعد عن محيطه العربي، وحليف يخدم مشروعها، وتالياً حسابات حزب الله الداخلية ستتغير نتيجة القلق الإيراني، وهو ما يفسر تجميد الحكومة قبل ساعات من إطلاقها إثر الموقف الأميركي بالانسحاب من سورية.

اقرأ أيضاً: بوصلة الشعب السوري

يذهب البعض إلى توقع يقضي بأن التوصل إلى حلول تنهي الملف السوري وثم اليمني، سيؤدي إلى انتقال الأزمة الى لبنان، إلا أنه لا يبدو أن الإنفتاح العربي على سورية يقود إلى افتعال أي أزمة جديدة في أي بلد آخر.

وهناك ترقب لعودة خليجية قوية إلى لبنان فور تشكيل الحكومة، وهذا الجو كان قد نقله الوزير وائل أبو فاعور من السعودية خلال مرافقته الوفد اللبناني لحضور حفل الفنانة ماجدة الرومي، حيث قال إن السعودية ستعود إلى لبنان كما كانت سابقاً.

ويأتي ذلك بعد تلميحات سعودية وإماراتية بقرب رفع الحظر عن السفر إلى لبنان.

في ظل هذا المشهد المتقلب، يبقى الحدث الأساس هو تعامل إيران مع الواقع الجديد، ولا شك أنها موجودة على الأرض في بموضع تفاوض، فهل ستدار التسويات الإقليمية، كما تدار في لبنان على قاعدة لا غالب ولا مغلوب؟

السابق
بوصلة الشعب السوري
التالي
لأجل هشام حداد..