المال العربي يواجه النفوذ الإيراني في سورية.. والحكومة قبل القمة العربية

سوريا
قال الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العساف من الرياض، إن موافقة السعودية على تمويل إعادة إعمار سوريا، مشروط بتقدم الحل السياسي ووضوح الرؤية والوضع في سوريا، من حيث الدستور والانتخابات ووضع المعارضة وغيرها من الأمور الخلافية.

بسرعة استثنائية، يتحرك الجمود في الملف السوري، ضمن توجه دولي وعربي يميل إلى حسم كل الأمور الشائكة المرتبطة به.

الصورة في إطارها الواسع، تكشف عن بقاء نظام بشار الأسد بوصفه أحد معالم النفوذ الروسي، وفي الجانب الآخر، هناك ترقب إيراني للمشهد، وحضور تركي بارز بعد انكفاء أميركي اتخذ شكل إعادة التموضع، وسعي عربي لمحاولة إنقاذ ما تبقى من آمال، مقابل إعادة الإعمار، فما هي مراحل الفيلم السوري الطويل؟

في أول تحول جدي، يمكن رصد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن انسحاب قواته من منطقة شرق الفرات من سورية، بعد “انتصاره” على داعش كما قال، متجاهلاً بذلك نصائح القادة العسكريين الذين يرون أن المهمة لم تنجز بعد.

اعتبر البعض هذا القرار مفاجئا، إلا أن ترامب لم يفعل غير ما كان قد وعد به قبل ستة أشهر، وكان لافتا انه أكد على الشروع في تنفيذه بعد مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما أدى إلى خروج تحليلات تجعل عملية الانسحاب نرتبطة بصفقة أو اتفاق ما مع أنقرة.

اقرأ أيضاً: الفجوة بين حزب الله والتيار العوني تتسع.. ماريو عون للأصدقاء في الحزب: عودوا إلى ضميركم!

لا شك أن المستفيد الأكبر من هذه الخطوة هي تركيا، خصوصاً بعد انكفاء أميركا عن دعم قوات سورية الديمقراطية، أي النفوذ الكردي التي تواجهه تركيا على حدودها والذي تم وضعه حاليا تحت إدارة النظام السوري وروسيا،وفق اتفاق لم تتضح تفاصيله وأبعاده بعد، ولكنه أتاح دخول القوات السورية إلى منبج.

من المؤكد أن لأميركا أو لإدارة ترامب على وجه الخصوص، مصلحة من هذا الانسحاب، وهو ما بات واضحاً بعد الخطوة الثانية في مشوار الملف، والتي تمثلت في إعلان ترامب عن موافقة السعودية على إعادة إعمار سورية بدلاً من أميركا.

الرد السعودي على هذا الإعلان لم يتأخر حيث قال الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العساف من الرياض، إن موافقة السعودية على تمويل إعادة إعمار سوريا، مشروط بتقدم الحل السياسي ووضوح الرؤية والوضع في سوريا، من حيث الدستور والانتخابات ووضع المعارضة وغيرها من الأمور الخلافية.

قد لا يكون كلام العساف نفيا لكلام ترامب، إلا أنه يضيء على الثمن المقابل لإعادة الإعمار، كذلم فانه لا يمكن عدم ربط التغيرات في شكل الحكومة السعودية التي جرت، بمسار الأحداث التصاعدي في سوريا، وتحديداً فيما يخص تغيير منصب وزير الخارجية عادل الجبير ليصبح وزير دولة للشؤون الخارجية، وتعيين إبراهيم العساف بديلاً له في الخارجية.

وكان لافتا أن التعديلات الحكومية السعودية تمت في اليوم نفسه التي نفذت فيه الخطوة الثالثة من الملف، وهي اعادة العمل في سفارة الإمارات في دمشق بعد افتتاحها مجدداً، وقد صرحت مصادر إماراتية معلقة على افتتاح السفارة بقولها إن الإمارات تنسق أي قرار كبير مثل هذا مع حلفائها الخليجيين.

وربطاً بذلك، هُمس أيضاً أن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير التي استبقت كل الخطوات العربية التي حصلت وستحصل، أتت بعد إيعاز خليجي.

وأعلن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، أن إعادة فتح سفارة بلاده لدى دمشق تهدف إلى “تفعيل الدور العربي” في سوريا في ظل ما وصفه بالتغول الإيراني التركي فيها، مما يتناغم مع الرد السعودي على إعلان ترامب ولو أنه لم يحمل أي صفة رسمية.

ومن المتوقع أن تحذو دول عربية وخليجية أخرى حذو الإمارات في الأيام أو الأسابيع المقبلة، وتقوم بإعادة افتتاح سفاراتها ورفع التمثيل الديبلوماسي المشترك، وقد يكون الأقرب لهذه الخطوات الأردن ومصر ومن ثم السعودية والبحرين.

رعاية روسية أميركية تقلص دور إيران

“ترامب سيساعد بوتين في جذب الأموال السعودية لإعادة إعمار سوريا”، عنوان مقال الكاتب الروسي بيوتر أكوبوف، في جريدة “فزغلياد”، حول إعلان ترامب عن استعداد السعودية لتخصيص أموال لإعادة إعمار سوريا.

وجاء في المقال: “لا يمكن تمويل اعادة إعمار سوريا فقط من قبل الأسد وأصدقائه – روسيا وإيران. يجب أن يرعاها المجتمع الدولي بأكمله حتى نرى عملية سياسية تناسبنا”.

وأضاف: “العملية السياسية، التي ستناسب الأميركيين والسعوديين، لن يروها في سوريا، لكن المال العربي لإعادة سوريا سيأتي. من أجل كسب رأس المال السياسي في سوريا في مرحلة ما بعد الحرب”.

يوحي المناخ الذي يرصده أكوبوف أن الحرب المقبلة في سوريا ستكون اقتصادية بإمتياز، ولن تكون الساحة مفتوحة لإيران وأذرعتها فقط كما حصل على الأرض، إلا أن المال العربي بالاشتراك مع بعض الدول الأوروبية سيكون أساسيا في مستقبل سوريا.

هل ستنتج التبدلات الإقليمية حكومة لبنانية؟

لا بد من التساؤل عن سبب تجميد تأليف الحكومة في لبنان إثر قرار الإنسحاب الأميركي من سورية، فهل يعقل أن يكون توزير جواد عدرا هو المشكلة الأساسية؟

لا شك أن المطامع الداخلية والشخصية لبعض الأطراف في لبنان، تعرقل مسار تأليف الحكومة، إلا أن ما يفسر التجميد فور بدء تحريك الملف السوري من قبل واشنطن، يحفز بعض الأطراف على إطفاء المحركات لترقب المشهد الإقليمي قبل الإفراج عنها.

ويبدو أن حزب الله وبعد توالي التبدلات الخارجية، تلقى أمراً إيرانياً بالتريث لحين اتضاح الصورة، وهذا ما يفسر “غضب” الرئيس ميشال عون من تصرفات الحزب مع عهده، إضافة إلى صمت الرئيس المكلف سعد الحريري الذي يراقب بدوره من مكان إجازته تبدل الموقف الخليجي من دمشق.

اقرأ أيضاً: العراق: التحرش الإيراني وسياسة إدارة الظهر الأميركية

إلا أن الجمود الحكومي قد يتحرك قبيل القمة الإقتصادية العربية في بيروت، حيث أعرب السفير الإماراتي في لبنان حمد الشامسي عن اعتقاده بأن الحكومة ستتشكل قبيل انعقاد القمة.

وأضاف: “القمة تتطلب وجود حكومة قادرة على ترجمة قراراتها، فهناك وفود من دول عربية وهناك أجندة عمل لهذه القمة الاقتصادية”.

فهل سيبدل حزب الله موقفه بعد إشارة إيرانية أخرى، ويفتتح لبنان القمة الإقتصادية العربية بوجود حكومة مكتملة الصلاحيات؟ وهل سيتناغم لبنان مع المواقف العربية المستجدة من سورية ويفعل علاقاته الدبلوماسية مع دمشق بدءاً من دعوتها إلى القمة المرتقبة؟ علينا الترقب كما يفعل الجميع..

السابق
فوائدها الطبية خارقة: زراعة «القصعين» تزدهر في لبنان
التالي
اشتباك بين وئام وهاب وزياد الرحباني