«لبنان في لاجئيه»: تنافس بين الدينيين والخوف المتبادل خط تماس عميق…

في ما يكاد أن يتحول إلى ما يشبه التقليد السنوي، دعت أمم للتوثيق والأبحاث على نهاية الأسبوع الماضي إلى النسخة الثالثة من «لبنان: عودٌ على عامٍ من اللجوء وإطلال على عامٍ جديد وتحدياته».

افتتح اللقاء لقمان سليم فأشار إلى أنَّ هذا المؤتمر هو الثالث، منذ 2016، الذي تدعو إليه، على كل نهاية عام، مؤسسة أمم في إطار مشروعها الأوسع «لبنان في لاجئيه ــ على الرحب والسعة؟» الذي تنفذه بالشراكة مع «معهد العلاقات الخارجية (إيفا)» الألماني.

وتابع سليم: «في ما خلا بعض التصريحات النارية التي يطلقها دوريًّا هذا وذاك تعليقًا على استدامة اللجوء السوري، وبعض الألعاب النارية التي تحركها جهات معروفة في هذا المخيم الفلسطيني أو ذاك، يمكن القول بلا مبالغة على الإطلاق إنَّ اللجوءَ بات جزءًا تكوينيًّا من المشهد اللبناني، وبمقدار ما نتعاطى معه بهذا الاعتبار، بمقدار ما نخفف عن لبنان من أعباء اللجوء، وبمقدار ما نخفف عن اللاجئين من مشقاته، وبمقدار ما نُعِدُّ أنفسنا لتدبر اللجوء بوصفه استحقاقًا استراتيجيًّا لا مهرب منه… فالوسيلة الوحيدة، لربما، للتخفيف من وطأته هي في تحويله من تَحَدٍّ إلى فرصة». وبناء عليه، تابع سليم، ارتأت أمم أن يدور هذا المؤتمر على عنوانين لصيقين بمسألة اللجوء: التنافس بين أصحاب الأديان والمذاهب على استقطاب اللاجئين في إطار تقديم المساعدة لهم، وهو تنافس يبلغ أحيانًا حد الصراع؛ والخوف المتبادل بين اللبنانيين واللاجئين.

اقرأ أيضاً: لخلق قيادات شابة، وتحويلها لعناصر فاعلة وقادرة على المشاركة في الحياة العامة

تحت عنوان «اللاجئون والرعاية الدينية: لوجه الله أم لوجوه أخرى؟» تحدث كل من الناشط الفلسطيني محمد أيوب والقس نقولا أيوب والشيخ أحمد المصري والشيخ محمد علي الحاج. وإذ غلب حديث المجاملة في بداية الأمر لم يلبث وطيس النقاش بين الأربعة هؤلاء، بإدارة لقمان سليم، أن حمي، وأن أفضى إلى اعترافٍ متبادل بأن مسألة الرعاية الدينية للاجئين مسألة خلافية وإن لم تحظ دائمًا بما تستحق من اهتمام ومن تغطية إعلامية. ولعلَّ أبرز ما انتهى إليها النقاش بين الأربعة المتحاورين وبين الحضور أن التنافس لا يقتصر على الكنائس والمساجد بل يتعدى ذلك إلى التنافس بين المساجد نفسها والكنائس نفسها.

«اللاجئون، المضيفون، والخوف المتبادل: من يخاف ممن؟ من يخاف من ماذا؟» كان عنوان الجلسة الثانية التي تحدث خلالها كل من عالمة النفسانياة زينة زيربه ورئيس المركز اللبناني للأبحاث حسان القطب والإعلامي السوري أحمد القصير، وأدارها الإعلامي وفيق هواري. حاولت المدخلات الثلاث أن تُشَرِّحَ «الخوف» بين اللبنانيين واللاجئين في أشكاله وتعبيراته المختلفة، الفردية منها والجماعية، وإذ اتفق رأيُ أصحابِ المداخلات، سواء في ما قدموه من أوراق أو خلال النقاش، في أن الخوف المتبادل بين اللبنانيين واللاجئين قد تحول، شيئًا فشيئًا، إلى ما يشبه خط التماس الذي لا يفصل بين اللبنانيين واللاجئين فحسب بل بين اللبنانيين أنفسهم في اختلاف موقفهم من اللجوء عمومًا، اختلفت مواقفهم من هذا الخوف بين متفهم له باعتباره ردَّ فعل طبيعيًّا وبين مركز على توظيفاته السياسية.

تنويعًا على مفهوم الخوف واستعمالاته وضعت الجلسة الثالثة تحت عنوان «الخوف بلغة الأرقام: ماذا تقول الأرقام؟ ماذا نقول باسم الأرقام؟» تحدث فيها كل من الخبير الاقتصادي روي بدارو والناشط السياسي وليد فخر الدين وأدارها الإعلامي جاد يتيم. وإذ تكررت خلال هذه الجلسة الإشارة إلى أن لبنان يعيش في ما يشبه «العَراء الإحصائي» في ما يتعلق بأعداد اللاجئين، (الفلسطينيين والعراقيين والسوريين وغيرهم)، وبمغانم اللجوء ومغارمه، ركز بدارو على ما أضاعه اللبنانيون من فرص خلال السنوات الماضية في حين استفاض فخر الدين في بيان علاقة هذا العراء الإحصائي بغياب السياسات العامة وغلبة منطق الارتجال والمناورة.

السابق
رسالة مفتوحة إلى الرئيس عون وسائر القيادة
التالي
هل سيرد «حزب الله» على غارة دمشق في قصر بعبدا؟