التعاونية الزراعية في «حولا» محرومة من المساعدات بسبب غياب الـ«واسطة»!

تأسست التعاونية الزراعية في حولا (قضاء مرجعيون) عام 1969، بهدف مساعدة المزارعين في جميع جوانب الزراعة، وقد واجهت في تاريخها المديد جملة من العوائق والتحديات، لكنها استطاعت أن تحقق الكثير دفاعاً عن مصالح المزارعين وعن إنتاجهم خصوصاً الزيتون منه.

ولتسليط الضوء على هذه التجربة أجرت “شؤون جنوبية” لقاء مع رئيس الجمعية هاني مصطفى.

يقول مصطفى: تتوزع الزراعات في الجنوب حسب المناخ والارتفاع. ففي الساحل تنشط زراعة الحمضيات والموز، وبدأت مؤخراً زراعة الأفوكادو، وفي سهل الخيام فتجد أنواع مختلفة من المزروعات. أما زراعة الزيتون تجدها في معظم القرى والبلدات ابتداء من ارتفاع 300م. وعلى الرغم من أن زراعة الزيتون ليست الزراعة الأساسية في حولا، لكن الجمعية التعاونية الزراعية نشأت عام 1969 لتهتم بزراعة الزيتون وعصر الإنتاج. لكن نشاط الجمعية اقتصر يومها على عمل شهرين وتبقى عشرة أشهر من دون أي نشاط.

هاني مصطفى

ويضيف مصطفى: بعد تأسيس الجمعية، منحتنا وزارة الشؤون الاجتماعية جراراً لفلاحة الأرض، ويومها كان استخدام الآلات الزراعية نادراً في الجنوب، لذلك كانت فلاحة الأرض جزءاً أساسياً من عمل الجمعية التعاونية، لكن خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي سُرق الجرار وخسرت التعاونية مجالاً أساسياً من مجالات عملها.

اقرأ أيضاً: بسام همدر: الزراعه هي الخاسر الأكبر وتشكّل 1% من موازنة الدولة!
بعد التحرير

وماذا فعلت التعاونية بعد التحرير؟ يجيب مصطفى: بعد التحرير جددنا عمل التعاونية وأول ما فعلناه هو شراء قطعة أرض مساحتها دونم ونصف وبنينا مركزاً للتعاونية مع معصرة زيت وأدوات أخرى لزوم المزارعين وكان العامل الأساسي في مساعدتنا حماسة أهل البلدة، ولا يمكن أن ننكر المساعدة المالية التي قدمها المهندس رياض الأسعد للتعاونية. وفي بداية المشوار بعد التحرير، واجهنا عدداً من العوائق أهمها عدم الخبرة، وغياب التجربة الزراعية الحديثة، لكن أستطيع أن أجزم أن تعاونيتنا يُنظر إليها بأنها من أهم التعاونيات والمؤسسات الزراعية حسب ما تقوله وزارة الزراعة.

وعن خدمات التعاونية، يوضح مصطفى: نقدم خدمات زراعية للمزارعين من خلال تنظيم حملات إرشاد والنقاش معهم حول أهم السبل التي يمكن استخدامها لتحسين الإنتاج، كما تؤمن التعاونية فلاحة الأرض وتأمين المبيدات الزراعية اللازمة ورش المزروعات.

يصمت مصطفى لحظات قبل أن يبتسم قائلاً: سادت فكرة لفترة طويلة أن الزيتون يحمل سنة ويتوقف عن الإنتاج السنة التالية، وهذه الفكرة خاطئة، وتعود للخطأ المستخدم في فلاحة الأرض، حيث كان يتم قطع جذور الأشجار، لكن الآن وبعد حملة توعية وإرشاد حول كيفية فلاحة الأرض اقتنع العديد من المزارعين بوجهة نظرنا وصارت أشجارهم تحمل إنتاجاً سنوياً ودائماً.

شؤون جنوبية 169
نشاطات متعددة

ولا يقتصر نشاط التعاونية على الزيتون فحسب بل يتعدى ذلك إلى مجالات أخرى، يوضحها مصطفى، نزرع في البلدة غاراً لإنتاج زيت الغار الذي يستخدم لصناعة الصابون، كما حصلنا على دعم من UNDP لشراء شواية فريك مما سهّل على المزارعين عملية شوي القمح، كما منحنا الاتحاد الأوروبي مكبس جفت الذي يستخدم بالتدفئة، وقدّم لنا هذا العام عشرة فراطات للزيتون، ما أدخل المكننة لزراعة الزيتون وسهّل عملية قطف الزيتون وخفف من الاعتماد على اليد العاملة. كما دعمتنا جمعية إنماء القدرات في الريف بآلة تدريس.

وماذا عن مساعدات الوزارة المعنية؟ ينفي مصطفى حصول أي مساعدة من الوزارات المعنية، ويضيف: المساعدات تستدعي وجود “واسطة”، ونحن لا نملكها، كذلك وفي غياب سياسات زراعية واضحة فإن أي مساعدة تعتمد على الوزير الموجود ومصالحه وعلاقاته، وقد حصلنا خلال الفترة الممتدة من تاريخ التحرير عام 2000 حتى الآن، على ثلاث فراطات زيتون وعدد من البراميل التي تستخدم للزيت.

في 15 بلدة

وعن النطاق الجغرافي لخدمات التعاونية يشرح مصطفى: نشاط التعاونية يشمل 15 بلدة حتى أننا نقدم خدماتنا حتى بلدة أرنون والقعقعية أي أن النشاط يشمل معظم المناطق المحيطة بحولا. وفي التعاونية معصرتان للزيت، تعصر زيتوناً من 15 بلدة، ونستطيع إنتاج نحو 10 طن من الزيت يومياً ويصل إنتاجنا السنوي نحو 600 طن من زيت الزيتون. وأريد أن أضيف ملاحظة وجود معاصر زيت في عدد من البلدات، لكن الخبرة والحداثة التي نستخدمها دفعتا العديد من المزارعين للتعاون معنا.

ويشير مصطفى إلى انهيار زراعة القمح بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج، وبالتالي عدم القدرة على تغطية الكلفة، ويزيد: لكن بدأت تنتشر زراعة الزعتر والتي كانت زراعة برية وتحولت الآن إلى زراعة منظمة، والزعتر لا يستخدم للمناقيش أو للأكل فحسب، بل تعمد دول متقدمة إلى استيراده واستخدامه لأغراض طبية مثل كندا ودول الاتحاد الأوروبي. هذا بالإضافة إلى العيزقان.

ويحاول مصطفى إجراء مقارنة بين زراعة الزعتر والتبغ: معدل سعر كلغ من الزعتر نحو 20 ألف ل.ل. في حين لا يتجاوز سعر الكلغ الواحد من التبغ 12 ألف ل.ل. كما أن الزعتر يلزمه ثلاثة أشهر لكن موسم التبغ يلزمه عام كامل.

اقرأ أيضاً: واصف شرارة: الزراعة تعاني من التهميش والزحف العمراني وتغييب مشروع الليطاني

وفي حين أن المزارع مضطر لتسليم إنتاج التبغ إلى شركة الريجي فإن إنتاج الزعتر يمكن بيعه للسوق الداخلي أو تصديره للخارج. لكن من جهة أخرى ما زال المزارع بعيداً عن التسويق ولايجد أمامه سوى التجار لشراء الإنتاج.

ويشير مصطفى إلى مشكلة أساسية تعاني منها التعاونية وهي حسب قوله: المساعدات التي تأتي للتعاونيات توزع حسب المحاصصات، وللحصول على المساعدة علينا المرور بأصحاب الشأن أو استخدام الضغط، كما أن هناك عدداً من التعاونيات التي تقتصر على شخص واحد مدعوم. أما التعاونيات الجدية فتبقى مظلومة.

وعن الوضع التنظيمي للتعاونية، يوضح مصطفى: هناك 240 منتسباً للجمعية التعاونية بينهم 30 امرأة، وتجري انتخابات للجنة الإدارية دورياً كل عامين وملفات الجمعية محفوظة منذ التأسيس.

ويختم مصطفى قائلاً: استطاعت الجمعية التعاونية أن تجمع مختلف الفئات من أهل البلدة، بغض النظر عن الانتماء السياسي وأوجدت فرص عمل لليد العاملية اللبنانية من أبناء البلدة. كما أنها تسعى للتطوير التقني الدائم.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 169 خريف 2018)

السابق
بين «الصمت الحكومي» وتراشق المسؤوليات.. إلى أين يتجه ملف التشكيل؟
التالي
بالفيديو: صابرين تؤدي مناسك العمرة وتقرأ دعاء