المهندس داوود رعد: وضعنا الزراعي يسير نحو الهاوية

يلعب الريّ دوراً أساسياً في تأمين الشروط الضرورية لتطور القطاع الزراعي وخصوصاً في الجنوب والمهندس الدكتور داود رعد متخصص بالري وهو أستاذ للموارد المائية وهندسة الري والصرف وإدارة مياه الري في كلية الزراعة الجامعة اللبنانية، كان معه هذا الحديث حول أوضاع سهل القاسمية رأس العين المروي على الساحل لبنان الجنوبي.

يبدأ المهندس داوود رعد حديثه كاشفا عن أهمية الريّ فيقول: يشكل سهل القاسمية نموذجاً من السهول المروية التي عرفت في السابق ازدهاراً رائداً والمعرَّض حالياً للتدهور، ويمتاز بأهمية تاريخية واقتصادية اجتماعية كبرى إذ يشكل نحو 87% من المساحة المزروعة موزاً و42% من المساحة المزروعة حمضيات في لبنان، وشكل باكورة مشاريع نهر الليطاني. ساهم في تكوينه عوامل كثيرة أهمها تربة أراضيه الخصبة ومناخه المتوسطي المقبول، والاستثمارات لا سيما من قبل المغتربين إلى جانب توفر اليد العاملة آنذاك، وخاصة الفلسطينية ذات الخبرة المتوارثة في زراعة الحمضيات وتسويقها، الأمر الذي أدى إلى تحديث مفهوم الاستثمار الزراعي وطرقه لدفع الإنتاجيات وزيادة دخل المزارعين ومساعدتهم على الاستقرار.

لكن الآن السوق العقاري ينافس الأراضي الزراعية المروية، لذلك يصبح التحدي كيف يمكن أن نزيد استثمار الأرض الزراعية كي تنجح في منافسة السياسة العقارية. أي علينا الدخول في التقنيات الحديثة للزراعة مع احترام متطلبات السوق. لذلك علينا متابعة الزراعة المكشوفة والتركيز على نوعية الإنتاج، وخصوصاً أنه لا يوجد لدينا ملكيات واسعة. كذلك إتقان التكنولوجيا باستخدام الري الحديث والتوجه لاستخدام المبيدات الصديقة للطبيعة والإنسان وكل هذا يساهم في خفض كلفة الإنتاج للحصول على أسعار أفضل وبالتالي يزيد دخل المزارع.

اقرأ أيضاً: سميح سلامة: تنظيف الليطاني من دون ردع الجهات الملوِّثة استعراض سياسي!

الحلول ضرورية ولكن هل يمكن ذلك؟

أجاب داود: نعم لدينا أراضٍ خصبة ومناخ جيد ومهندسون أكفاء وتنوع بالمحاصيل ولدينا السوق العربي الطبيعي الذي هو بحاجة إلى دراسة لاحتياجاته، ويبقى موضوع الري ولدينا مصدر أساسي بحيرة القرعون، مياه ملوثة، طحالب في البحيرة والوضع مزر للغاية.

أضاف رعد: عندما كنت أعد أطروحة في بوردو بفرنسا عن قضايا الري في الليطاني، رجعت إلى محاضر مجلس النواب في خمسينيات القرن الماضي، فتبين لي، ومن خلال نقاش مشاريع الليطاني في هذه المحاضر أنهم كانوا يستدعون الخبراء أمثال جوزف نجار، إبراهيم عبد العال، أمين البزري، سليم لحود للنقاش ويطلبون منهم مناقاشة البنك الدولي، أما الآن فالسياسة هي سيدة الموقف ولا أحد يأخذ برأي خبير جدّي.

شؤون جنوبية 169

الآن الوضع يسير نحو الهاوية، في سبعينيات القرن الماضي وصولاً إلى التسعينيات كانت سهول القاسمية تصدّر حسب المعايير الدولية، وكان هناك معامل للتوضيب والتشميع وكل ذلك اختفى الآن. والمطلوب من الدولة أن تضع القواعد الأساسية وأن لا تضع العصي بالدواليب.

اقرأ أيضاً: محمد يونس: التلوّث يمنع مصلحة للّيطاني من ممارسة دورها

وبهدف تخفيض كلفة الإنتاج، يقترح المهندس داوود رعد حلولاً أهمها تحسين إدارة مياه الري من المصدر مروراً بشبكات التوزيع، انتهاء بطرق السقاية الحقلية وطرق تسويق الإنتاج وذلك بـ:-

– الانتقال بشبكة توزيع المياه السطحية من نهر الليطاني (القاسمية) وينابيع رأس العين، من القنوات المكشوفة إلى الأنابيب لتأمين تدفّق مياه مضغوطة ونظيفة لتشغيل أنظمة الري الحقلي الحديثة بشكل سليم وتوفيري، والإقلاع عن استخدام المياه الجوفية بغية الحفاظ على بيئتها لا سيما من خطر التملّح.
– تعميم أنظمة الري الحقلي الحديثة (التنقيط الموضعي…) المتميزة بتخفيض كلفة الإنتاج الزراعي والمساهمة في رفع كفاءة الري ضمن برامج تسليفية وإرشادية لتمكين المزارعين من اقتنائها واستخدامها الصحيح.
– إنشاء تعاونية تسويقية يكون نواتها تجمّع مزارعي الجنوب الناشط.
– مواكبة هذا التحوّل المقترح ببرامج أبحاث وإرشاد كانت رائدة سابقاً.

(نشرت هذه المادة في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 169 خريف 2018)

السابق
برعاية البخاري مساء ثقافي في بيروت: توقيع «خدين السماء» وفن تشكيلي
التالي
جوزيف عطية ينجو من هجوم إرهابي في فرنسا