أحداث «الضفة» تكشف مأزق حماس واتفاقها المذل في غزة

علي الأمين
جوهر ما يجري في الضفة الغربية محاولة لخروج حركة حماس من إحراج الاتفاق المذل في غزة بإحراج السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس في الضفة الغربية، التصعيد في الضفة هو قرار حمساوي ولكن لماذا في الضفة الغربية وليس في غزة؟

ليس خافيا أن حركة حماس قبلت بشروط مذلة من خلال اتفاق التهدئة مع إسرائيل في غزة، باختصار إسرائيل فرضت على حماس وبقية الفصائل الجهادية “الهدوء مقابل الهدوء”، بل وفرضت عملية تسليم الأموال القطرية إلى موظفي سلطة حماس وعناصرها، بعد أن تستلم لوائح الأسماء التي ستتلقى الرواتب مع حق منع وصول الرواتب إلى من ترفض إسرائيل حصولهم عليها.

مبررات حماس لعقد مثل هذا الاتفاق، ليس مفاجئاً، فلا مصر ولا قطر ولا تركيا في وارد الخروج من لعبة التطبيع بين قطر وإسرائيل، صحيح أن تركيا قد لا تكون معنية بشكل مباشر بهذه العملية، لكن مصر وقطر يعملان كل من موقعه على تشجيع حركة حماس على الدخول في مسار التطبيع مع إسرائيل. بينما تركيا اتخذت خيار الانسحاب والانكفاء من غزة، استجابة لمتطلبات أمنية وسياسية تركية.

اقرأ أيضاً: توتر في الأراضي المحتلة ومقتل مستوطنين.. فهل ينتقل التصعيد إلى لبنان؟

أما إيران فوزنها السياسي يزداد ضعفا في غزة، وحركة الجهاد الإسلامي ليست في مواجهة مع اتفاق إسرائيل وحماس، وليست في موقع المعادي أو المعارض للجهود المصرية أو القطرية.

المفارقة والصدمة الكبرى التي تلقتها حركة حماس، كان موقف أبو مازن من التصدي لمشروع إدراج حركة حماس كمنظمة إرهابية في الأمم المتحدة، فقد فاجأ أبومازن قيادة الحركة بموقفه الرافض لهذا القرار، بل لتصديه للرئيس الأميركي مباشرة ولفريقه الذي يلحّ على إدراج حماس على لوائح الإرهاب في الأمم المتحدة، وترافق موقف السلطة الفلسطينية هذا مع فتح النار الفلسطينية ضد قطر، وهو موقف غير مسبوق تجاه الدول العربية، عبّر عنه أكثر من مسؤول في “السلطة” وفي حركة فتح بشجب التدخل القطري في الشأن الفلسطيني الداخلي.

مسؤول الجهاز الأمني والعسكري في حماس صالح العاروري المقيم بين الضاحية الجنوبية ودمشق، كان دعا إلى التسليح في الضفة الغربية، من دون أن يبدي أيّ اعتراض لاحقاً على اتفاق حماس وإسرائيل في غزة.

لا يعني ذلك بالضرورة أن إيران تقف وراء تصعيد حماس اليوم في “الضفة”، على الرغم من أن العاروري هو الأقرب إلى إيران في قيادة حماس، لكن ثمة إرباك لدى حماس يعبر عن نفسه في هذا التصعيد، ولمقتضيات غزّية، التي صارت بين فكي كماشة مصرية إسرائيلية بمعونة قطرية.

ما قبلت به حماس في غزة ليس عابراً، فهي طالما كانت تعتبر نفسها حركة تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وكانت قد خوّنت السلطة الفلسطينية بسبب اتفاقاتها مع إسرائيل، ولكنها اليوم تبرم اتفاقا مذلاً مع إسرائيل ينهي المقاومة العسكرية، لا سيما أن الطرف الفلسطيني ،أي حركة حماس، تقدم نفسها كمشروع راديكالي يسعى إلى تحرير كامل فلسطين.

التطورات في الضفة الغربية ليست خارج سياق المأزق الذي تعيشه حماس في علاقاتها الإقليمية وسط اهتزاز داخل بنيتها التنظيمية، وبين اتجاهات تكشف عن غياب المشروع الوطني الذي يتقلص لصالح امتدادات إقليمية لا زالت هي الأقوى في خيارات حماس الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: غزة… دماء ودولارات

لا شك أن القضية الفلسطينية ليست إلا تعبيرا عن إرادة الشعب الفلسطيني الذي حرص على استمراره في النضال من أجل حقوقه الوطنية، ولا يمكن الإعلاء من شأن أي فعل سياسي أو عسكري فلسطيني ضد الاحتلال خارج سياق وحدة الشعب الفلسطيني ومؤسساته القيادية.

ومن هنا يمكن فهم وتقدير موقف السلطة الفلسطينية تجاه حركة حماس في الأمم المتحدة التي رفضت إدراجها على لوائح الإرهاب، وهو واجب على أبومازن وليس منة، لكن ما لا يمكن فهمه ،بمعيار الحقوق الفلسطينية، هو اندفاع حركة حماس نحو مأسسة الانقسام بين غزة والضفة الغربية وبينها وبين السلطة الوطنية، إذ بدا الاتفاق مع إسرائيل على صيغة وقف العمليات العسكرية أهون عليها من التضحية بمصالحها الضيقة لحساب الانخراط في مشروع السلطة الفلسطينية.

السابق
الإعلام اللبناني: مع الجيش.. حسب هوية المعتدي عليه!
التالي
جديد ملف تلوث نهر الليطاني