مذكّرات السيّدة الأميركيّة الأولى السابقة ميشيل أوباما قصّة حياة حافلة

ميشيل اوباما

صدر عن دار هاشيت أنطوان/نوفل في بيروت، مذكّرات السيّدة الأميركيّة الأولى السابقة ميشيل أوباما “وأصبحت” الكتاب الذي انتظره القرّاء بشوق في 2018 وطُبع في 3 ملايين نسخة حول العالم، ونُشر في إحدى وثلاثين لغة. وكان قد صدر الشهر الماضي بالانكليزية تحت عنوان “BECOMING”.

السيدة الأميركية الأولى السابقة ميشيل أوباما هي إحدى النساء الأكثر إثارة للإعجاب في العالم. فبصفتها أوّل سوداء تحمل لقب السيدة الأميركية الأولى، جعلت من البيت الأبيض، في سابقة من نوعها، مكانًا يشعر فيه جميع الأميركيين بحفاوة بالغة وبدفء الاستقبال. وفي الوقت عينه برزت كمدافعة يُحسب لها حساب عن قضايا النساء والفتيات في الولايات المتّحدة وحول العالم، وكرّست جهودًا جبّارة لإقناع العائلات الأميركيّة بإحداث تغيير جذريّ والانتقال إلى نمط حياة صحيّ ومفعم بالنشاط والحركة اليوميّة. كما وقفت إلى جانب زوجها حين كان يقود بلاده في فترة عصيبة جدًّا.

اقرأ أيضاً: «المرأة ما بين تعدّد الأزواج وتعدّد الزوجات…» للدكتور عبد علي الخفاف

في مذكراتها التي تحمل عنوان “وأصبحت” والمكتوبة بكثير من الشفافية والصدق، تدعو ميشيل أوباما القرّاء إلى خبايا عالمها الخاصّ، فتسرد التجارب التي طبعتها، من طفولتها في الجانب الجنوبيّ من شيكاغو، والسنين التي قضتها وهي تحاول إقامة التوازن بين دورها كأمّ وعملها، وصولاً إلى الفترة التي عاشتها في البيت الأبيض، ومن ثمّ عودتها لتكون مواطنة عاديّة.

كانت ميشيل روبنسون أوباما السيّدةَ الأميركيّة الأولى بين عامي 2009 و2017. وهي خرّيجة جامعة برِنستون وكلّيّة الحقوق في هارفارد. مارست المحاماة في شركة Sidley & Austin في شيكاغو، حيث التقت الرجل الذي أصبح زوجها، باراك أوباما. لاحقًا، عملت في مكتب عمدة شيكاغو، وفي جامعة شيكاغو، والمركز الطبّيّ التابع لها. كذلك، أسّست السيّدة أوباما فرع شيكاغو لمؤسسة Public Allies، التي تُعنى بمساعدة الشبّان والشابّات في الانخراط بالشأن العام.

يعيش الزوجان أوباما حاليًّا في واشنطن العاصمة. ولهما ابنتان، ماليا وساشا.

ما زال هناك الكثير ممّا لا أعرفه عن أميركا، وعن الحياة، وعمّا يخبّئه المستقبل. لكنّي أعرف نفسي. لقد علّمني والدي، فرايزر، أن أعمل بجهد، وأضحك غالبًا، وأفي بوعودي. وعلّمتني والدتي، ماريان، كيف أفكّر باستقلاليّة، وكيف يكون صوتي مسموعًا. معًا، في شقّتنا المزدحمة في الجزء الجنوبي من شيكاغو، ساعدني والداي على رؤية المغزى في قصّتنا، في قصّتي أنا، في قصّة بلادنا الكبرى؛ حتّى عندما لا تكون جميلة أو مثاليّة. وحتّى عندما تكون حقيقيّةً أكثر ممّا تريدها أن تكون. قصّتك هي كلّ ما لديك، وما سيكون لديك على الدوام. إنّها ملكك.

كان الجانب الجنوبيّ لشيكاغو عالمَ ميشيل روبنسون في طفولتها. هناك، شاطرت شقيقها كريغ غرفةَ نوم في شقّة والديهما، ولعبا في الحديقة العامّة. هناك أيضًا، ربّاها والداها، فرايزر وماريان روبنسون، على التعبير عن رأيها بصراحة ومن دون خوف. ولم تلبث الحياة أن انطلقت بها بعيدًا، من قاعات جامعة برِنستون، حيث اختبرت، للمرّة الأولى، الشعور بأن تكون الفتاة السوداء الوحيدة في القاعة، إلى البرج الزجاج، حيث عملت محاميةً في قطاع الأعمال، وتمتّعت بنفوذٍ كبير، وحيث، صباح أحد أيّام الصيف، أتى طالبُ حقوق يدعى باراك أوباما إلى مكتبها، وأطاح كلّ خططها المرسومة بعناية.

في هذه المذكّرات، تصف ميشيل أوباما، للمرّة الأولى، بداياتِ زواجها، حين ناضلت للتوفيق بين عملها وعائلتها، على إيقاع التقدّم السريع الذي كان زوجها يحرزه في عالم السياسة. وتُطلعنا على نقاشات الزوجين الخاصّة حول ما إذا كان عليه أن يترشّح للرئاسة، وحول دورها كشخصيّة محبوبةٍ لم تسلم من الانتقاد خلال حملته الانتخابيّة. روت لنا قصّتها بأسلوب جميل، وبكثير من الفكاهة، وببراءة فريدة من نوعها. فقدّمت لنا صورة حيّة عن كواليس حياتها، سواء في رحلة العائلة إلى عالم الأضواء والشهرة العالميّة، أو داخل البيت الأبيض حيث عاشت وأسرتها ثماني سنوات حافلة، تعرّفت خلالها إلى بلدها، كما تعرّف بلدها إليها.

يأخذنا كتابُ «وأصبحت» في رحلة بين مطابخ آيوا المتواضعة، وقاعات الرقص في قصر باكنغهام. كما يبحر بنا في لحظات الحزن العميق، والشعور بالقدرة الجبّارة على التغلّب على أشدّ الضربات إيلامًا. ويشكّل إضاءةً على ما يدور في أعماق إحدى شخصيّات التاريخ الفريدة خلال نضالها لتعيش حياة غير مزيّفة، ولدى تسخير قوّتها الذاتيّة وصوتها لتحقيق ما تصبو إليه من مُثُل عليا. وهي، بروايتها قصّتها بصدق وجرأة، تضعنا أمام تحدٍّ: مَن نحن؟ ومَن نريد أن نصبح؟

وختمت ميشيل كتابها: “أنا امرأة عادية وجدت نفسها في رحلة استثنائية. أرجو من خلال قصتي الخاصة التي أشارك العالم بها أن أفسح مجالاً لظهور قصص أخرى وسماع أصوات أخرى، وأن أعبّد الطريق أمام من يشعر بالانتماء إلى القمّة، وأسهّل عليه سبل بلوغها”.

السابق
وفاة الفنانة والإعلامية نهى الخطيب سعادة
التالي
عون لم يتنازل واللقاء التشاوري في بعبدا أصرّ على مقعد وزاري