لا غطاء أميركيا لإسرائيل لشنّ عدوانها على لبنان

الحرب الاسرائيلية
أكد رئيس الجمهورية ميشال عون في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع المستشار النمساوي في قصر بعبدا، أن رسالة إسرائيلية وصلته عبر الأميركيين تفيد أن إسرائيل ليست في وارد التصعيد العسكري ضد لبنان"، وأضاف أن "لبنان ليس له نوايا عدوانية تجاه إسرائيل" وذلك قبل الإعلان عن اكتشاف إسرائيل النفق في بلدة كفركلا الممتد نحو أراضي فلسطين المحتلة.

بحسب مصادر سياسية واسعة الاطلاع في الشأن الدبلوماسي في بيروت، فإن الرسالة التي نقلتها السفيرة الأميركية في بيروت…إلى الرئيس عون، كان مفادها أن واشنطن منعت إسرائيل من تنفيذ ضربة عسكرية كانت ستطال مراكز لصناعة الصواريخ وقواعد إطلاقها في مناطق البقاع وأخرى متداخلة مع الحدود مع سوريا، والرسالة التي نقلتها السفيرة الأميركية كانت في أعقاب اللقاء المفاجئ الذي جمع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بلجيكا.

وتشير المصادر إلى أن المعلومات التي جرى نقلها إلى مصادر رسمية في لبنان، من قبل الأميركيين، تضمنت رسائل تحذير من عملية نقل زخم القوة الإيرانية الصاروخية من سوريا إلى لبنان، ذلك أن إسرائيل ترفض أن يكون لبنان تعويضا لإيران عما خسرته في سوريا (او ما ستخسره) فالغطاء الدولي الذي يمنع جر لبنان إلى مستنقع الحروب في المنطقة، هو ما دفع إسرائيل إلى توجيه عدة رسائل إلى دول أوروبية بعد “لقاء بلجيكا” مفادها أنها لن تبقى مكتوفة الأيدي حيال ما تزعمه من تحول لبنان إلى قاعدة إيرانية.

وفي هذا السياق تشير المعلومات إلى أن طرفا ثالثا لعب دوراً على صعيد تهدئة التوتر في سياق التنسيق الجاري على مستوى الساحة السورية، وترجح المصادر أن تكون روسيا قد لعبت هذا الدور الذي يتمثل في تقديم رسائل تهدئة لإسرائيل، عبر تسليمها معلومات قدمتها طهران عن خرائط الأنفاق المتبقية في جنوب لبنان على الحدود مع فلسطين المحتلة.

وكانت قناة روسيا اليوم قد أشارت إلى أن مسؤولاً في حزب الله سرب خريطة الأنفاق هذه إلى إسرائيل، وتفيد المصادر عن إجراء مفاوضات ثلاثية غير مباشرة بين واشنطن وتل أبيب وطهران عبر سلطنة عمان، وهذه المفاوضات الصعبة كما تصفها المصادر، تشكل المساحة المشتركة التي تحاول من خلالها مسقط إبقاء قنوات التواصل مفتوحة لمنع تدهور المواجهات وفي سبيل التوصل إلى تفاهمات جديدة، يشكل الملف اليمني أحد اختباراتها، وقد يكون لبنان مساحة لها لاسيما إذا صحت المعلومات عن تقديم إيران خريطة الانفاق لإسرائيل، لا سيما أن ورقة الأنفاق قد لا تكون استراتيجية في ظل وجود الصواريخ التي هي مصدر القلق الإسرائيلي كما تؤكد تصريحات المسؤولين الإسرائيليين.

بهذا المعنى لبنان اليوم هو ساحة تماس إقليمي دولي، فوجود أكثر من عشرة آلاف جندي ضمن قوات اليونيفل، ولا سيما وجود قوات فرنسية وإسبانية وإيطالية وازنة في هذه القوة، إلى جانب انتشار قوة مراقبة بريطانية على الحدود الشمالية الشرقية للبنان، فضلا عن النشاط الأميركي من خلال التنسيق مع الجيش اللبناني والزيارات الدورية لقائد المنطقة الرابعة، كل ذلك يؤشر إلى أن لبنان تحت تأثير نزاع دولي إقليمي لا يتيح القول إن ثمة دولة قادرة على الادعاء أنها تمسك بمقاليد القرار الاستراتيجي فيه.

اقرأ أيضاً: توتر في الأراضي المحتلة ومقتل مستوطنين.. فهل ينتقل التصعيد إلى لبنان؟

من هنا الحرب الإسرائيلية على حزب الله أو لبنان لن تكون إلا بغطاء دولي ليس متوفرا اليوم، وهذا الغطاء الدولي سيبقى رهن الحسابات الاستراتيجية التي يمكن أن تهتز فيما لو ذهبت المواجهات نحو مستوى يجعل طهران في وضع غير قادرة فيه على استثمار نفوذها لبنانيا، وتسييله لفتح قنوات تواصل لتحقيق مكاسب على مستوى رفع الحصار أو الحدّ من آثاره على أراضيها.

يبقى أن ما تشير اليه المصادر وهو محل مراقبة دولية وإسرائيلية، يتصل بمدى استعداد طهران للاستجابة إلى متطلبات تقديم المزيد من أوراق القوة التي يمثلها حزب الله في إعادة ترميم علاقاتها الدولية، لا سيما أن إسرائيل تستثمر في هذه المرحلة علاقاتها مع روسيا وانفتاح بعض الدول العربية والخليجية تحديدا عليها، من أجل رسم معادلة جديدة على حدودها الشمالية سواء مع لبنان أو مع سوريا، وفي الحالين لا تستبعد المصادر أن تكون لعبة المساومات بدأت تفاديا لخيار آخر هو الصدام الذي يمتلك الجميع مقوماته العسكرية والأمنية بينما تبقى مساراته غير مضمونة، من هنا تتخوف المصادر من أن التحولات الجارية قد تشهد بداياتها ولا سيما في لبنان عمليات اغتيال تمهّد لهذا التحول أو تختمه.

السابق
حزب الله «الحبيب العسل» بين كرامي والسيد
التالي
تبرئة هشام حداد في ملف التعرض للأمير محمد بن سلمان