لهذا تدخلت ايران وأبعدت «صانع النصر» عن الحكم

وسام الامين

قبل عام، وقف رئيس وزراء العراق السابق القائد العام للقوات المسلحة الدكتور حيدر العبادي ليعلن في “خطاب النصر” القضاء على الارهاب واسترجاع الارض، وطرد تنظيم داعش من كافة المدن والبلدات العراقية، وافتتح العبادي الخطاب التاريخي بما يلي:

«بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم

( ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ )

أيها العراقيون :

إنَ ارضَكم قد تحررتْ بالكامل وإنَ مدنَكم وقُراكُم المغتصبةَ عادتْ الى حضنِ الوطن ،،

وحُلمُ التحريرِ اصبحَ حقيقةً وملكَ اليد .

لقد انجزنا المهمةَ الصعبةَ في الظروف الصعبةِ وانتصرنا بعونِ الله وبصمودِ شعبِنا وبسالةِ قواتِنا البطلة … وبدماءِ الشهداءِ والجرحى اثمرتْ ارضُنا نصراً تأريخياً مبيناً يفتخرُ به جميعُ العراقيينَ على مرِّ الاجيال .

نُعلنُ لأبناءِ شعبِنا ولكلِ العالم أنَ الابطالَ الغيارى وصلوا لآخرِ معاقلِ داعش وطهروها ورفعوا عَلمَ العراقِ فوق مناطقِ غربي الانبار التي كانت آخرَ ارضٍ عراقيةٍ مغتصبة ، وأن علمَ العراقِ يرفرفُ اليومَ عالياً فوق جميعِ الاراضي العراقيةِ وعلى ابعدِ نقطةٍ حدودية .

على مدى ثلاثِ سنواتٍ دخلتْ قواتُكم البطلة المدنَ والقرى الواحدةَ بعد الاخرى وابلى المقاتلُ العراقيُ بلاءً ارعبَ العدوَ وسرّ الصديقَ واذهلَ العالم .. وهذه هي حقيقةُ العراقي الذي يَقهرُ التحدياتِ وينتصرُ في اقسى الظروفِ واصعبِها ».

إقرأ أيضا: السيد محمد حسن الأمين: الديموقراطية تقتضي انبثاق وعي اسلامي جديد

استلم حيدر العبادي قيادة العراق منتصف عام 2014 في أسوأ الظروف، كان الجيش منهارا ومشتتا،والخزينة فارغة، وكان فساد سلفه نوري المالكي وحاشيته أصبح معشعشا في جميع ادارات الدولة ومؤسساتها الامنية والعسكرية ، وكان ثلث البلاد محتلا من قبل عصابات داعش فسقطت موصل والانبار وصلاح الدين ووصلت قوات داعش الى ضاحية بغداد في ابو غريب، ولولا مئات الغارات الجوية التي نفذتها بشكل مكثف وسريع الطائرات الحربية الاميركية حول بغداد لما استطاعت القوات البرية العراقية المشتتة والمنهارة ولا المليشيات الشيعية التي لم تكن قد انتظمت بعد، من الصمود في وجه جحافل داعش.

اليوم وبعد عام على تحقيق هذا الانجاز، فان من حق المواطن العراقي ان يسـأل، لماذا جرى معاقبة  “صانع النصر” الذي مسح عار الهزيمة واسترجع الأرض، ومن هو المسؤول عن ازاحة العبادي عن السلطة كي يصل العراق للحالة التي وصل اليها الان من تخبط وفوضى وصراع عقيم على السلطة يمكن ان يطيح بكل الانجازات التي تحققت بالدماء العزيزة، مع خشية متصاعدة من عودة الارهاب والانقسامات الطائفية والفتن التي اخمدتها السياسة الحكيمة والرصينة التي اعتمدتها حكومة العبادي.

العبادي يكشف الحقيقة

أمس الاثنين، وفي حديث تلفزيوني بمناسبة الذكرى الأولى للانتصار على داعش، أكد رئيس ائتلاف “النصر” رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، ان التدخل الإيراني في تشكيل الحكومة العراقية، أبعده عن الحصول على ولاية ثانية لرئاسة الوزراء.

وقال العبادي مفصّلا ومتحدثا عن السبب الذي حدا بإيران ان تنصب العداء له “أعتقد أن التدخل الإيراني حال دون حصولي على ولاية ثانية، بسبب التزامي بالعقوبات الأمريكية على طهران، فيما يتعلق بحركة الدولار، مشيرًا إلى أن الإيرانيين بالفعل أحسّوا بالخطر منه، لذلك دعموا رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي.

وأضاف العبادي: “موقفي من العقوبات الأمريكية على طهران كان واضحًا بأنني ضدها، لكن في الوقت ذاته لن أعرّض بلدي إلى الخطر”.

وأشار إلى أن إيران عملت بالفعل على منعه من تسلّم الولاية الثانية، من خلال خلقها جوًا من صراع الإرادات في العراق يصب في صالحها، على حدّ تعبيره.

واكد العبادي في النهاية ان النصر ضد داعش هو عراقي بحت، وعلى دول العالم أن لا تنازعه عليه، متخوفاً من ارجاع العراق إلى الحقبة الماضية بسبب الاداء السياسي، معبرا عن خشيته من أن “تتم التضحية بما تحقق من نصر كبير على تنظيم داعش والقضاء على الطائفية وتحقيق الأمن والسيادة الوطنية عبر إصرار المنظومة السياسية العراقية على الأداء السياسي الطائفي المحاصصي والاشتغال بأجندة الأجنبي في الداخل العراقي مما يعيد الاصطفافات والجبهات الطائفية ويؤدي إلى إضعاف الدولة وشل قدراتها وإعادة إنتاج المناخات التي هيأت لداعش أن يفعل قدراته.

إذن، ومع الأسف يتضح ان السبب الرئيسي لإبعاد العبادي عن السلطة ليس سببا عراقيا وطنيا، خصوصا وان كتلة الاصلاح النيابية الكبرى  التي تضم “النصر”و”سائرون ” و”الحكمة” و”الوطنية” وغيرها كانت متفقة على مبايعة العبادي لولاية ثانية بسبب جدارته وكفاءته التي اثبتها في ادارة البلاد في الحرب والسلم والتي باتت موضع اجماع، ولكن يتضح ان سبب ابعاده هو إيراني يتعلّق بالمجابهة بين الجار الفارسي وخصمه الأميركي، الذي يريد تقاسم النفوذ معه في العراق والمنطقة.

ولكن يبقى السؤال: هل نجح الايرانيون في مسعاهم فجعلوا الاميركيين يهرولون اليهم خوفا على مصالحهم في العراق؟!

الجواب: كلا…وللحديث تتمة…

السابق
«حزب الله» بين نظرتين
التالي
أميركا تمنع دخول «أفريقي» يتاجر بالبشر «لمساعدة حزب الله»