حكومة الـ36 وزيراً: الانتقال من أزمة حكومة إلى أزمة نظام

تخطت أزمة التأليف الحكومي عتبة الاشتباك السياسي بين الرئاستين الأولى والثانية، ووصلت إلى المس بالصلاحيات الدستورية، خصوصا بعد تكرار الحديث عن استبعاد الرئيس المكلف سعد الحريري أو تبديله وتغيير النظام السياسي ككل.

بعد تلويح رئيس الجمهورية ميشال عون أمس بتوجيه رسالة إلى مجلس النواب أشارت أوساط إعلامية مقربة منه إلى أن الأخير سوف يستخدم الحد الأقصى من صلاحياته للتعويض عن غياب الحكومة، وبالتالي سيمارس السلطة التنفيذية حتى آخر الحدود المسموحة له.

وبعد رفض صيغة 32 وزيرا، وسحبها من التداول تحدثت أوساط عن رفع العدد إلى 36 وزيرا!

أما بعد، فإن مؤشرات التخبط وفوضى الطروحات وإعادة النظر بموضوع التكليف، تنذر باستمرار التعطيل، في حين تحذر مراجع مسؤولة من انحدار الوضع على كافة المستويات نحو هاوية لا قرار لها في حال انزلاق الأمور وانفلاتها.

اقرأ أيضاً: القرعاوي لـ«جنوبية»: سحب التكليف بدعة، ووراء الحريري شارعه وطائفته

النائب السابق والقيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش يقرأ في حديث لـ”جنوبية”، المواقف الصادرة عن قصر بعبدا، قائلاً “بغض النظر عن الرسالة ومحتواها، هي لن تؤدي إلى نتيجة على المستوى الدستوري، والأجدى أن يتم التفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس الحريري”، وتساءل علوش “حتى لو قرر مجلس النواب مناقشة الرسالة، ما هي الآلية لإزاحة الرئيس الحريري؟”.

مصطفى علوش

وأضاف علوش “القضية ليست بزيادة عدد الوزراء بل هي عملياً كسر الدولة وإدخال وزير جديد لعدم كسر كلمة حزب الله، هي مناورة جديدة لتضييع الوقت والواقع الأساسي، فإما نسير وفق خطوات دستورية وإما نذهب باتجاه تخريب كل شيء”.

من جهة أخرى، يرى مراقبون أن توظيف التعطيل من قبل حزب الله وحلفائه في 8 آذار، يهدف إلى إضعاف رئيس الحكومة، ولكن دون التخلي عنه، فهو يشكل حاجة إقليمية وغطاء سياسياً لاستنزاف الوقت بانتظار ما ستؤول إليه أوضاع المنطقة.

رأى الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي في الاقتراحات المطروحة هروباً إلى الأمام، وقال إن “مقترحي تلك النظريات يدركون تماما إنهم أصحاب التعطيل وعرقلة التأليف عند كل محاولة للحل”.

واستهجن الزغبي طرح حكومة فضفاضة إلى هذا الحد قد تصل إلى عدد أعضاء مجلس النواب نفسه، معتبراً أن الأزمة أبعد من ذلك، وأكد في حديث لـ”جنوبية” إن ” المسألة ليست في عدد الوزراء بل في الذهنية والقرار الاستراتيجي المتخذ للرد على العقوبات ضد إيران وضد حزب الله، في الساحة اللبنانية وتحويلها إلى مختبر للرد والمواجهة”.

كما استبعد الزغبي توجيه رسالة رئاسية إلى مجلس النواب، مرجحا العودة عنها، خاصة بعد أن تبين أنه “يتم استغلالها لنسف مرتكزات الدستور اللبناني واتفاق الطائف، ليس فقط على مستوى الرئيس المكلف بل على مستوى تغيير التوازنات السياسية الحقيقة القائمة على المناصفة”.

وختم الزغبي، قائلا إن “هذه المسألة شديدة الخطورة يجب ألا يتحملها رئيس الجمهورية، ويشكل غطاء لها وهي تهدد وحدة لبنان وعيشه المشترك ونظامه السياسي”.

اقرأ أيضاً: الحكومة إلى 36 وزيرا و«خوري» لجنوبية: على البعض أن يتواضع لتسهيل التشكيل

يرى مراقبون أن اللافت هو غياب القوى والأحزاب السياسية الأخرى عن الدخول في مماحكات الجدل وتقديم الحلول، فصمت التقدمي الاشتراكي وانكفاء رئيس مجلس النواب نبيه بري يحمل دلالة على تخطي الأزمة حدود الواقع اللبناني.

وتشير التطورات المتلاحقة إلى دخول دول إقليمية كبرى للمساهمة في ضبط إيقاع التأليف وفق تطورات الأوضاع في المنطقة، ولا تبدو المملكة العربية السعودية بعيدة عن أجواء التشكيل، بعد محاولة دخول روسيا على خط التهدئة وتوسيع نفوذها وفرض موطىء قدم لها في لبنان عبر قنوات خاصة تتصل بحزب الله.

السابق
وزير الاعلام يتضامن مع راغب علامة ورفاقه: البلد معكون ووجعنا وجعكن
التالي
تعليقا على كلام المشنوق: لبنان أقل أمناً من 10 دول عربية!